وصف خبراء أمنيون صفقة الداخلية مع بدو سيناء بإطلاق سراح متهم تم القبض عليه في قضية سرقة سيارة مقابل تحرير ضابط ومجندين تم اختطافهما للضغط على القيادات الأمنية للإفراج عنه، بأنها ستفتح الباب على مصراعيه لتنامي ظاهرة "خطف الضباط"، والتي يستعين بها عدد من التشكيلات العصابية والجماعات المسلحة لإرهاب الشرطة والحصول على رهائن تمكنهم من التفاوض معهم على أمور هي في الأصل غير قانونية. العميد محمود قطري الخبير الأمني – قال ل "صدى البلد" إن ما يحث هو مهزلة بشتى المقاييس تنذر بعواقب وخيمة، ورفض بشدة لجوء قيادات الداخلية للتفاوض مع الخارجين عن القانون لإطلاق سراح المختطفين، وأشار إلى أن الداخلية مسئولة بشكل كامل عن أي مواطن يتم اختطافه حتى إعادته ، فما بالنا بضباط الشرطة أنفسهم، معتبرا فشل فرض قوة القانون من جانب وزارة الداخلية لإحكام السيطرة الأمنية هو سقوط مفزع لهيبة الدولة. وقال قطري "الشرطة انهارت وعندما حاول أفراد منها إعادة الثقة بينها وبين المواطنين لم يفلحوا في ذلك والدليل أنها مازالت ضعيفة جدا حتى الآن، مرجعا السبب إلى استمرار قيادات الداخلية القدامى من عهد حبيب العادلي في مواقعهم حتى الآن واتباعهم لنفس السياسات حتى الآن، بالإضافة إلى الكراهية التي لا تزال رواسبها داخل الكثيرين ضد ضباط الشرطة الفاسدين الذين شوهوا صورة الجهاز الأمني بأكمله بممارساتهم من التعذيب والقمع، وهو ما ساعد على فقدان الجهاز لقيمته وهيبته في الشارع ، حتى الضباط الذين كانوا يتمتعون بالقوة والجبروت أصبحوا فريسة سهلة لعمليات الاختطاف ، في ظل غياب التشريعات والآليات التي تحميهم أثناء تأدية عملهم. وطالب الدولة بسن التشريعات اللازمة لحماية رجال الشرطة أثناء تأدية واجباتهم وتكثيف عمليات التدريب والتأهيل للعاملين بالشرطة على التعامل مع المواقف المشابهة، لأن رجل الشرطة وهيبته تعكس الحالة الأمنية في المجتمع ككل، مشددا على ضرورة دراسة المواقف الأمنية وقراءتها بطريقة فنية حتى لا يتم تعريض الضباط والأفراد للخطر وهو ما حدث مع ضباط الدقهلية المختطفين، وأنهى حديثه "حوادث اختطاف الضباط والمجندين مش ذنبهم لكنه ذنب المجلس العسكري ورجال العادلي الموجودين في الداخلية حتى بعد رحيله" وأكد خبراء آخرون أن الظاهرة وإن لم تنتشر في الوقت الحالي بالشكل المخيف، إلا أنها تهدد هيبة الدولة وتضربها في "مقتل"، وتحرج قيادات الداخلية الذين في أغلب الأحيان وتضطرهم للتعامل مع الأمر على أنه لن ينتشر إعلاميا وبالتالي فإنه لن يؤثر على الحالة النفسية لرجال الشرطة. وتلجأ الداخلية لخيار المناورات الإعلامية ونفي أخبار إختطاف الضباط أو المجندين أو حتى الأفراد، وذلك في حالة تسرب الخبر من أي مصادر، لكن باتت تلك المناورات غير مجدية وخاصة بعد الواقعة الأخيرة التي تم فيها اختطاف نقيب شرطة ومجندين من قوة قسم شرطة طور سيناء من أمام مبنى القسم وأمام أعين الضباط الآخرين تحت تهديد السلاح، بعد تطويق المبنى بالمسلحين الذين اعترضوا على مثول أحدهم امام العدالة على الرغم من القبض عليه متلبسا. ومن ناحية أخرى نفت قيادات الداخلية مبادلة المتهم بالضابط والمجندين في بداية الأمر، و لكن إتمام الصفقة - وفقا لمصادر مطلعة - يثبت أن سيطرة الأمن لا تزال غير محكمة على مناطق بعينها على الرقعة الجغرافية للبلاد، ومن أبرزها مناطق البدو الجبلية والتي تكاد تندرج تحت بند "الحكم الذاتي".
فهذه الأماكن لا تتمكن قوات الشرطة من الدخول إليها لضبط المطلوبين جنائيا من داخلها لإحاطتها بترسانة من الأسلحة الآلية التي تهدد أي محاولة لاختراقها بمعركة دامية تسفر في النهاية عن سقوط قتلى ومصابين بالعشرات، وهو ما يدفع الأمن إلى اللجوء لمشايخ وكبار القبائل للتفاوض معهم في صفقات خفية لا تخلو من رضوخ الأمن لاشتراطات الطرف الآخر لمجاراة الأمور، حتى في حالة نقض حالة الود واستعراض البدو عضلاتهم على قوات الأمن باختطاف أفراد منهم. وتشهد المناطق التي يصعب على الأمن بسط سيطرته عليها تواجدا مكثفا للخارجين عن القانون والهاربين من السجون و رواجا للتجارة غير المشروعة في الأسلحة والسيارات المسروقة والمخدرات، وهي المناطق التي تعتبر أرضا خصبة لتنفيذ مخططات خطف الضباط في حالة استهدافها أو التخطيط لذلك، وهو ما حدث منذ ما يقرب من عام وتحديدا في الرابع من فبراير الماضي حيث تم اختطاف الرائد محمد مصطفى الجوهرى، والنقيب شريف المعداوى العشرى، والنقيب محمد حسين من قوات أمن الدقهلية أثناء عودتهم من مهمة عمل رسمية بمحافظة شمال سيناء، بعد أن تعرضوا للاختطاف على أيدي مجهولين وترجح الشواهد نقلهم إلى قطاع غزة وتورط جماعة مسلحة في عملية الاختطاف والتسليم إلى جماعات مماثلة في قطاع غزة عبر الأنفاق المحفورة بين منطقتي رفح على الجانبين المصري والفلسطيني، لمساومة أجهزة الأمن المصرية على أكدت بعض المصادر أن الضباط المختطفين تم تسليمهم ل 3 جماعات مختلفة بين شمال سيناء وقطاع غزة ليستقروا حاليا في قطاع غزة كرهينة مع إحدى تلك الجماعات التي تحاول إجراء اتصالات مع الجانب المصري لتفرض طلباتها.