الإنسان منا منذ مولده إلى يوم وفاته وإنتقاله إلى عالم البرزخ ومقامه ومكوثه في قبره إلى أن يأذن الله تعالى بقيام الساعة والبعث والنشور هو في سفر دائم ورحلة طويلة قد تمتد إلى آلاف السنين .ومعلوم أن قلب المسافر يطمئن على قدر زاده فكلما كان الزاد أكثر كلما كان إطمئنان القلب أكبر .ولازاد أنفع للعبد في الدنيا والآخرة. ولا سببا أوجب لطمئنينة القلب من تقوى الله عز وجل لقول الله تعالى ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون ياأولي الألباب ) هذا ومناط التكريم الحقيقي للعبد ليس في غناه وليس في سلطانه وجاهه وليس في شهاداته ومؤهلاته وليس فيما يملكة من متاع الدنيا وزينتها وإنما في تقواه وصلاحه لقوله تعالى إن أكرمكم عند الله أتقاكم. ولا شك أن أهل التقوى والصلاح السادة الأنبياء واهل بيت النبوة والأولياء والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا . والتقوى معناها مخافة الله عز وجل وتجنب ما لا يرضيه سبحانه. وهي مأخوذة من وقى وقاية وهي أن تجعل بينك وبين عذاب الله تعالى وقاية وهي الحاجز ويتحقق ذلك بفعل الواجبات وترك المحرمات..والتقوى درجات اعلاها فعل الواجبات والمستحبات وترك الفضول في المباحات وتجنب المحرمات والشبهات والمكروهات والورع مما يخشى عذابه والبعد عن الله تعالى وهي ايضا كما عرفها سيدنا الإمام علي إبن أبي طالب كرم الله وجهه هي..العمل بالتنزيل ( أي ماجاء في كتاب الله تعالى أمرا ونهيا وحكما وكل التعاليم الإلهية والعمل بما جاء في هدي السنة النبوية المطهرة وهي تعني الإستقامة ) .ثم الخوف من الجليل سبحانه وتعالى. وللخوف معاني متعددة منها..الخوف من العقوبة ومن سوء الخاتمة ومن عذاب النار والحرمان من التنعيم في الآخرة في الجنان وهذا هو خوف عامة المؤمنين ..ومنها الخوف من فوات المحبوب عز وجل والحرمان من مرافقة الحبيب صلى الله عليه وسلم وعلى آله وجواره في الآخرة .وهذا الخوف هو خوف أهل المحبة وهم خاصة أهل الإيمان ..ثم الرضاء بالقليل ( أي بالقليل من الرزق ) ومعلوم أن رضاء الله تعالى يكمن في رضاء العبد عن قسمة الله تعالى له وقضاءه وقدره فيه سبحانه..وفي الحديث ( من رضي فله الرضا ومن سخط فعليه سخطه ) وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله يقول ( أعبد ربك بالرضا فإن لم تستطع فعليك بالصبر ففي الصبر على ما تكره خير كثير ) ..ثم الإستعداد ليوم الرحيل ..أي يوم إنتهاء الأجل والوفاة والرحيل عن الدنيا والخروج منها وملاقاة الله تعالى ..وهذا يدعوا العبد للإستقامة والإلتزام بتعاليم الله تعالى وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله. حتى إذا جاءه الموت يكن مستعدا للقاء ربه عز وجل وللحساب ومن أهل الفوز والنجاه والسعادة الأبدية.. هذا ولعظم قدر التقوى تقيم صاحبها في مقام الولاية والقرب من الله تعالى لقوله عز وجل ( ألا إن اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ).. هذا وقد وردت كلمة التقوى في كتاب الله تعالى بمعاني كثيرة متعددة وسوف نشير إليها في المقالات التالية بمشيئة الله تعالى.