القضية ليست قضية الحجر علي منظمات المجتمع المدني في مصر، وليست قضية تقييد الحريات وحقوق الانسان.. وانما هي قضية لحساب من تعمل تلك المنظمات الاهلية وبدون تراخيص لمزاولة نشاطها؟.. وما هي مصادر تمويلها والي اين تذهب تلك الملايين القادمة من الخارج وما هو المقابل الذي تقدمه تلك المنظمات الحقوقية من تقارير عن الاوضاع الداخلية وزيادة نشاطها بعد ثورة يناير؟ وبما يثير الشبهات؟. وثمة ملاحظات لابد من التوقف امامها لإيضاح الحقائق حول الحملة علي مقار بعض المنظمات المخالفة وهي: 1 ان تفتيش مقار المنظمات تم وفق قرارات جهات التحقيق المختصة وليس للحكومة اي علاقة بها. 2 ان هناك ادلة دامغة علي تورط هذه المنظمات في ارتكاب مخالفات مالية وقانونية »حسب ما أكد القاضي المنتدب«. 3 ان إجراء المداهمة لعدد من تلك المنظمات جاء بعدما اوضحت التحقيقات تلقي العديد منها تمويلا من جهات اجنبية. وإذن فان ما تم هو اجراء قضائي ولم يكن مداهمة من الشرطة، ولم تكن مقار المنظمات الامريكية هي المقصودة بذاتها وانما شمل الاجراء منظمات اخري لم تحصل علي التصريح اللازم لممارسة نشاطها!. واذا نظرنا الي الامر من هذه الزاوية فإنه يتضح عدم تحري الدقة في توجيه الاتهام جزافا الي الحكومة باستهداف منظمات المجتمع المدني ومداهمة مقارها وتفتيشها لاستيضاح المخالفات التي حدثت من جانبها.. وكما يتضح ان وزارة الخارجية رفضت عام 6002 منح التراخيص لعمل هذه المنظمات الاجنبية، وكما تبين فإن منظمات أمريكية تحايلت علي القوانين المصرية وافتتحت عدة مراكز لها في القاهرة والإسكندرية والجيزة واسيوط والاقصر بالمخالفة. وقد كانت قضية التمويل الخارجي لمنظمات المجتمع المدني وبشكل مشبوه محل التساؤل خلال الشهور العشرة بعد الثورة وبدون توجيه اتهامات محددة بشأن النشاط المطلوب وكذا المقابل الذي تقدمه تلك المنظمات نظير التمويل الخارجي بالملايين.. وهو ما يبعث علي الريبة حول عملها.. ولذلك تقرر ان يتولي وزير العدل تشكيل لجنة قضائية لتقصي الحقائق حول حجم واستخدامات المعونات الامريكية الموجهة للمجتمع المدني المصري ومدي مشروطيتها. واكتشفت فايزة ابوالنجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي قيام هيئة المعونة الأمريكية بتقديم أربعين مليون دولار في الأونة الأخيرة تمويلا لمنظمات المجتمع المدني غير الحكومية وكذلك منظمة N. D. I ومنظمة I. R. I غير المسجلتين وغير المصرح لهما بالعمل في مصر وذلك لدعم الديمقراطية وذلك حسب ما صرحت به مارجريت سكوبي في جلسة استماع في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الامريكي وبينما لم يتم التشاور بين الحكومتين المصرية والامريكية قبل الاعلان وتقديم المبلغ المذكور، وذلك عكس ما هو متفق عليه مع الجانب الامريكي بموجب خطابات متبادلة بين وزيرة التعاون والسفير الامريكي. وقد اشار جيمس بيفير مدير بعثة الوكالة الامريكية للتنمية الدولية في القاهرة خلال لقائه مع المسئولين في وزارة التعاون الدولي الي اعتزام الوكالة المضي قدما في تخصيص مبلغ 051 مليون دولار لمنظمات المجتمع المدني وبرامج الديمقراطية رغم رفض الحكومة المصرية ذلك.. كما ان شهادة السفيرة آن باترسون امام مجلس الشيوخ الامريكي جاء فيها: انه تم استثمار قرابة 04 مليون دولار من منظمة N.D.I »الديمقراطية« وكذا منظمة I.R.I »الجمهورية« وهي منظمات نشطة في مصر مؤخرا.. وكما تبين ان السناتور جون ماكين يقوم بتنفيذ عدة انشطة من خلال مكتبه التمثيلي في القاهرة وهو يرأس المعهد الجمهوري الدولي I. R.I ولديه علاقات تعاون مع العديد من الجمعيات الاهلية في القاهرة والاسكندرية وغيرها ومنها جمعية الاكاديمية الديمقراطية المصرية.. اذن ما طبيعة النشاط الذي تقوم به هذه الجمعيات وبالتنسيق مع السناتور ماكين؟. ويباشر قاضي التحقيقات مع نحو 004 منظمة تعمل في مصر وبينها جمعيات ليس لديها تراخيص من وزارة التضامن وتحصل علي تمويلها دون الاخطار عن الاموال التي تقاضاها واوجه إنفاقها، وبالمناسبة فان التحقيقات لم تقترب من اي منظمة او جمعية اهلية تعمل وفقا للقانون وتخضع لرقابة الجهات المعنية وتقوم بالافصاح عما تحصل عليه من اموال!. لاشك ان العلاقات المصرية الامريكية اقوي من اي اعتبار.. ولا يجب ان يساء فهم الاجراءات القانونية التي جرت تجاه المنظمات الامريكية التي تقوم بمساعدة الجمعيات الاهلية في مصر بهدف دعم الديمقراطية.. وهو ما يستوجب ضرورة توفيق اوضاعها بحيث لا تكون مخالفة للموافقات الواجبة من الجهات المختصة بعملها في وزارة التضامن وبحيث تتوافق مع الشروط القانونية المطلوبة لممارسة نشاطها وحتي يتم ذلك بالشفافية والوضوح.. ومن جانب السلطات المصرية فان ذلك يساعدها علي مراقبة نشاط الجمعيات الاهلية ومصادر التمويل الذي تحصل عليه وأوجه الانفاق. واذا كانت هناك منظمات أمريكية أو أجنبية أخري مثل مؤسسة فريدم هاوس »بيت الحرية« الكثيرة الصخب وتثير المشاكل والجدل عن طبيعة عملها بسبب علاقتها المباشرة مع حركة 6 ابريل وكفاية لم تحصل علي الترخيص اللازم لمباشرة نشاطها فان الظروف تتطلب توفيق الاوضاع من جانبها وهو المطلوب. والواقع ان المصارحة من الجانب الامريكي بالتمويل الذي تقدمه للجمعيات الاهلية في مصر يؤكد انها لا تعمل في الخفاء وانها لا تقوم بنشاط يتعارض مع القانون!. وتبقي ملحوظة: أن امريكا ذاتها تحظر التمويل السياسي لجمعيات ومنظمات المجتمع المدني.. فلا مبرر للحملة علي مصر بسبب اجراء التفتيش علي المنظمات غير المصرح بنشاطها! نقلا عن الأخبار