قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء، إن طلقات مدفع رمضان تختلف عن الطلقات المستخدمة في الحروب، حيث يوضع بها كتلة من البارود لتعطي صوتا مرتفعا فقط، ومن ثم لا تحدث أضرار ناتجة عن إطلاق المدفع. وأضاف "جمعة"، في منشور له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن عملية الإطلاق تتم بشد الحبل على كتل البارود لينطلق الصوت ويوضع -قبل شد الحبل- بعض الحجارة أمام وخلف عجلات المدفع لتثبيته حتى لا ينزلق لحظة الانطلاق، واعتاد توفير مدفع آخر إلى جانب المدفع الرئيسي لتبادل الطلقات وتوفير البديل في حالة حدوث عطل. وأوضح عضو هيئة كبار العلماء أن المدفع يرتفع عن سطح الأرض بمقدار 170 مترا وينطلق صوته مترددا في الأفق لمسافة تصل إلى عشرة كيلو مترات حتى يسمعه أغلب سكان القاهرة. اقرأ أيضًا: شيخ الأزهر يحذر من أخطاء شائعة تضيع ثواب الصيام .. فيديو وتابع: "مع ظهور الإذاعة المصرية، بدأت في نقل صوت المدفع مواكبا لموعد أذان المغرب مع ترديد العبارة الشهيرة "مدفع الإفطار اضرب". وأشار المفتى السابق إلى أنه كان يتولى إطلاق المدفع عسكري برتبة صول ويشترط توافر الورع والتقوى فيه، بالإضافة إلى التزامه وانضباط العسكري، وقد شهدت فترة السبعينيات من القرن الماضي إهمال استخدام المدفع والاعتماد فقط على تسجيل الإذاعة حتى قامت وزارة الداخلية في عام1983م بإصدار قرار إعادة استخدام المدفع خلال شهر رمضان، وذلك بعد نقله من قلعة صلاح الدين إلى هضبة المقطم لتفادي حدوث أضرار للآثار الإسلامية في منطقة القلعة بسبب صوته المرتفع. وألمح الدكتور على جمعة إلى أنه لم يقتصر استخدام المدفع على العاصمة فقط، وامتد لبقية محافظات الجمهورية، حيث يوضع عند مدخل المحافظة ويقوم على خدمته الآن أربعة من رجال الأمن الذين يعدون البارود كل يوم مرتين لإطلاق المدفع لحظة الإفطار ولحظة الإمساك. وتابع عضو هيئة كبار العلماء أن عملية إطلاق مدفع رمضان تتميز بطقوس خاصة؛ فيحضر الموظف المسئول على عملية الإطلاق إلي الساحة الموجود فيها المدفع قبل الموعد بنصف ساعة، وقد اعتاد الكثير من الأطفال وحتى الكبار والأهالي -أن يتجمعوا في الساحة وبل ويتزاحموا فوق أسطح المنازل المجاورة لها ليشاهدوا عملية الإطلاق التي كانوا يقابلونها بالهتاف والتصفيق والتصفير. ونوه المفتي السابق إلى أنه هكذا الحال طوال الشهر الكريم، وفي ليلة العيد، وبعد ثبوت رؤية الهلال في ليلة التاسع والعشرين يطلق المدفع سبع طلقات متتالية، أما إذا أتم رمضان ثلاثين يوما فيطلق المدفع سبع طلقات بعد العصر احتفالا بالعيد، وأثناء أيام العيد الثلاثة، يطلق المدفع عند كل أذان، وتتكرر العملية في أيام عيد الأضحى المبارك. مدفع الحاجة اضرب وذكر الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء، أن أحد أحفاده سأله عن مدفع الحاجة فاطمة ما هو؟ ولماذا سمي بهذا الاسم؟ لافتًا إلى أنه برغم انتشار هذا الاسم فإن الكثير من الناس لا يعرفون الإجابة عن هذه الأسئلة. وأفاد "جمعة" عبر منشور له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بأن مدفع الحاجة فاطمة هو مدفع رمضان الشهير الذي ارتبط ذكره بشهر رمضان الكريم. وأبان عضو هيئة كبار العلماء أن الحاجة فاطمة هي الأميرة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل، والتي تزوجت عام 1871 م من الأمير طوسون بن محمد سعيد باشا- والي مصر - وقد تميزت في حياتها وبين أخواتها بحبها للعمل العام والتطوعي. واستكمل المفتي السابق أن الأميرة فاطمة بنت الخدويوي إسماعيل حرصت علي المساهمة في أعمال الخير ورعاية الثقافة والعلم، ونقلت هذه الثقافة وتأثر بها ابنها الأمير عمر طوسون، الذي كان أكثر أمراء أسرة محمد إقبالا على العمل العام. وواصل أن الأميرة فاطمة إسماعيل عرفت عن طريق طبيبها أن هناك مجموعة من الصعوبات التي تعاني منها جامعة القاهرة وذلك بعدما دعي إليها مصطفي كامل عام 1906م؛ فقررت تجاوبا مع الحركة الوطنية ورعاية للعلم وتشجيعا للعلماء، وقف مساحة من أراضيها وتبرعت بنحو 6 أفدنة لإقامة مبني للجامعة الأهلية (القاهرة الآن) ووهبت مجوهراتها الثمينة للإنفاق على تكاليف البناء. وأكمل أن مجلة الهلال الشهرية نشرت صورة لها وهي مرتدية جميع هذه المجوهرات قبل التبرع بها، كما أوقفت 674 فدانا على مشروع الجامعة من أراضيها في المنصورة، وأعلنت الأميرة فاطمة أن سائر تكاليف البناء سوف تتحملها كاملة والتي قدرت وقتها بمبلغ 26 ألف جنيه، مشيرًا إلى أنه من كرمها أيضا أعلنت تحملها جميع نفقات حفل وضع حجر الأساس، والذي كان سيحمل الجامعة نفقات كبيرة، خاصة أن الخديوي عباس حلمي الثاني كان قد أعلن انه سيحضر حفل الافتتاح هو والأمير أحمد فؤاد. وأردف أنه برغم أنها شاركت في وضع حجر الأساس للجامعة، فإنها توفيت عام 1920 م قبل أن ترى صرح الجامعة ومنارتها التي قدمتها للعلم في مصر والوطن العربي، وعرفانا بجهود الأميرة لإنشاء الجامعة قررت الإدارة نقش اسمها علي واجهة كلية الآداب ومازال النقش موجودا حتى الآن وفيه آثار حضرة صاحبة السمو الأميرة فاطمة إسماعيل. ولفت الدكتور على جمعة إلى أنه لارتباط اسم المدفع باسم الأميرة قصة طريفة معروفة في التراث الشعبي المصري؛ فقد كان بعض الجنود في عهد الخديوي إسماعيل يقومون بتنظيف أحد المدافع، فانطلقت قذيفة حينها علي سبيل الخطأ وتصادف ذلك وقت أذان المغرب في أحد أيام رمضان فاعتقد الناس أن هذا نظام جديد من قبل الحكومة للإعلان عن موعد الإفطار. واختتم عضو هيئة كبار العلماء أنه لما علمت الحاجة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل بهذا الأمر، أعجبتها الفكرة، وأصدرت فرمانا ليتم استخدام هذا المدفع عند الإفطار والإمساك وفي الأعياد الرسمية، وقد ارتبط اسم المدفع باسم الأميرة منذ ذلك الوقت قبل أن يشتهر بعد ذلك باسم مدفع رمضان، وهو موجود حاليا بمتحف الشرطة بقلعة صلاح الدين كأحد الآثار المصرية. اقرأ أيضًا : لماذا حرم النبي قتل الضفدع ؟ معلومة لا تعرفها عن أصوات الضفادع