التنازل والهزيمة كلمتان لا وجود لهما فى قاموس إرادة الأسرى الفلسطينيين المبعدين يقينا منهم بأن سنوات السجن الطويلة التى قضوها فى سجون الاحتلال الإسرائيلى إضافة إلى إبعادهم عن وطنهم الغالى على قلوبهم ، لن يلغى الأمل بعودتهم إلى فلسطين فى القريب العاجل حاملين الورود والأزهار وأكاليل النصر. وهؤلاء الأسرى المبعدون والذين غادروا بشكل قسرى تاركين وراءهم ذويهم وقلوبهم تعتصر من الألم ، أكدوا من منفاهم أنهم أقوياء وعازمون على تحرير تراب فلسطين والمسجد الأقصى المبارك من أيدى المحتل الغاشم. ولكل من هؤلاء غصة فى حلقه بسبب الإبعاد ، فمن جهتها قالت الأسيرة المحررة والمبعدة إلى الأردن أحلام التميمى - لموفدة وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى رام الله عبر الهاتف - إن فلسطين هى ذاتى ومكان القلب من الجسد وإبعادى عنها كان قاسيا جدا ورغم أننى ولدت فى مدينة الزرقاء إلا أن ارتباطى بالأرض الفلسطينية كان أكبر. وأضافت التميمى "عندما جئت إلى فلسطين مع أهلى بعد إنهاء دراستى الثانوية بالأردن فى أواخر 1998 ، شعرت وكأنى ولدت فى هذه البلاد ، لقد أسكن الله حبها فى قلبى..فاليوم الأول بوجودى على أرضها كان بمثابة اليوم الأول فى عمرى". وتابعت "عندما قرروا إبعادى ودعت فلسطين ولم أغمض عيناى للحظة..ودعتها من نافذة السيارة واستنشقت أكبر كمية من الهواء وطبعت أكبر صورة فى ذهنى ودعتها فى صمت ووعدتها بأنى سأعود إليها ". ووجهت التميمى رسالة إلى أحرار العالم وإلى محكمة لاهاى مفاداها أن الفلسطينيين هم أصحاب حق كفلته المواثيق والقوانين الدولية..وأن الإبعاد عن أرضهم اعتراف من العالم بشرعية الاحتلال وانتهاكاته مشيرة إلى أن صمت العالم على الإبعاد يعد بمثابة رسالة للاحتلال أن يفعل ما يشاء. وقالت "إن إبعادنا دليل على شلل المجتمع الدولى وجمعيات حقوق الإنسان التى تدعى حق الإنسان فى العيش على أرضه.. لكننا سنتجاوز عقبة الإبعاد بقوتنا وثباتنا ففلسطين موجودة بنهاية الطريق وعلينا السير حتى نصل إليها". واختتمت التميمى كلامها قائلة "إننا سنعود فاتحين لفلسطين ، محررين للأقصى" مطالبة المقاومة بأسر جندى آخر حتى يعود المبعدون. ولم تنته مأساة الإبعاد بعد ، فقد رفضت سلطات الاحتلال السماح لنزار التميمى وهو أسير محرر شملته صفقة التبادل وأيضا زوج أحلام التميمى حيث عقد قرانهما وهما فى داخل السجون الإسرائيلية ، بالسفر إلى عمان. وروى التميمى - لموفدة وكالة أنباء الشرق الاوسط فى رام الله - مأساة الإبعاد قائلا "كنت أنا وأحلام خلال سنوات صفقة التبادل الخمس متفائلين جدا بخروجنا حتى أننا فى المرحلة الأخيرة بلغنا بشكل رسمى بأننا ضمن الصفقة وسيتم إبعادنا للخارج سويا وبالتالى رتبنا أمورنا على المستوى النفسى والاجتماعى باتجاه الالتقاء بغض النظر عن البقعة التى سيتم إبعادنا إليها". وأضاف "أما المفأجاة فقد كانت عندما تم الإفراج عنى إلى منزلى وإبعاد أحلام إلى الأردن كنا فرحين جدا بمبدأ الخروج ..لكن عقبة الإبعاد شكلت مرحلة من الألم والعذابات الجديدة إلا أننا نأمل أن نلتقى قريبا..وموقنان بأن الله سوف يرتب لنا هذا اللقاء بحكمته". وتابع التميمى "الحرية بشكل عام رائعة وجميلة خاصة بالنسبة لأسير قضى أجمل سنوات عمره فى المعتقل (18 عاما) فالحرية كانت حلما وتحقق إلا أن أصعب لحظة واجهتنى عندما خرجت ولم أجد أمى حيث إنها استشهدت وأنا فى السجن ورغم إدراكى لاستشهادها إلا أننى شعرت بأن روحها كانت حاضرة لاستقبالى". يشار إلى أن أحلام التميمى (32 عاما) تنتمى إلى حركة حماس ، فيما ينتمى زوجها نزار (38 عاما) وهو من قرية النبى صالح شمال رام الله إلى حركة فتح. وأحلام التميمى هى صحفية فلسطينية وأول امرأة تنضم لكتائب الشهيد عزالدين القسام ، وقد حكم عليها بعدد 16 مؤبدا على خلفية مسئوليتها عن توصيل الاستشهادى القسامى عزالدين المصرى منفذ عملية القدس فى أغسطس 2001 .