5 أيام متواصلة.. موعد إجازة عيد الأضحى 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    المحكمة العليا الأمريكية تؤيد قرار ترامب بشأن ترحيل 350 ألف مهاجر فنزويلي    بيان ثلاثي من بريطانيا وفرنسا وكندا يهدد إسرائيل بفرض عقوبات ويؤكد التزامهم بالاعتراف بدولة فلسطينية    إصابة طفلين واعتقال ثالث خلال اقتحام الاحتلال بيت لحم بالضفة الغربية    المحكمة العليا الأمريكية تؤيد قرار ترامب بشأن ترحيل 350 ألف مهاجر فنزويلي    سفير مصر لدى الاتحاد الأوروبى يستعرض العلاقات المصرية- الأوروبية    استشهاد طفلين في قصف إسرائيلى غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    بيان رسمي من المصري البورسعيدي بشأن استقالة كامل أبو علي    مدرب وادي دجلة السابق: الأهلي الأفضل في إفريقيا وشرف لي تدريب الزمالك    حريق مزرعة دواجن بالفيوم.. ونفوق 5000 كتكوت    "تيك توكر" شهيرة تتهم صانع محتوى بالاعتداء عليها فى الطالبية    محافظ كفرالشيخ: توريد 178 ألف طن من القمح وصرف مستحقات المزارعين بانتظام    الحوثيون يُعلنون حظرًا بحريًا على ميناء حيفا في إسرائيل.. ما السبب؟    الدولار يتراجع.. أسعار العملات اليوم الثلاثاء بالبنك المركزي (تفاصيل)    التعليم تكشف عن سن التقديم لمرحلة رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي    مهرجان كان يعدل جدول أعماله بسبب دينزل واشنطن ويفاجئه بجائزة "السعفة الذهبية الفخرية" (فيديو)    صيام صلاح مرة أخرى.. ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز بعد خسارة ليفربول    أحمد دياب: إيقاف النشاط أمر غير وارد    عاجل| عرض خليجي خرافي لضم إمام عاشور.. وهكذا رد الأهلي    الأهلي والزمالك.. من يتأهل لنهائي دوري السوبر لكرة السلة؟    تكريم طالبين بجامعة عين شمس لحصولهما على جائزة بمسابقة عمرانية    مشروعات عملاقة تنفذ على أرض أشمون.. تعرف عليها    الملاذ الآمن يتألق من جديد.. ارتفاع ب أسعار الذهب مع تراجع الدولار وتصنيف «موديز»    4 قرارات عاجلة من النيابة بشأن بلاغ سرقة فيلا نوال الدجوي    الأرصاد تُحذر: شبورة ورياح مثيرة للرمال والأتربة على هذه المناطق اليوم    حبس شاب متهم بالشروع في قتل آخر بالعياط    إصابة 3 أشخاص في مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بسوهاج    أحدها لم يحدث منذ 2004.. أرقام من خسارة ليفربول أمام برايتون    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    فضل حج بيت الله الحرام وما هو الحج المبرور؟.. الأزهر للفتوى يوضح    محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل ويشدد على سرعة الإنجاز (صور)    سيلان الأنف المزمن.. 5 أسباب علمية وراء المشكلة المزعجة وحلول فعالة للتخفيف    رئيس شعبة مواد البناء: لولا تدخل الحكومة لارتفع سعر طن الأسمنت إلى 5000 جنيه    إغلاق 7 منشآت طبية مخالفة و7 محال تجارية فى حملة بقنا    منافس الزمالك في ربع نهائي كأس الكؤوس الأفريقية لليد    «ليست النسخة النهائية».. أول تعليق من «الأعلى للإعلام» على إعلان الأهلي (فيديو)    سامي شاهين أمينا للحماية الاجتماعية بالجبهة الوطنية - (تفاصيل)    جامعة حلوان تنظم ندوة التداخل البيني لمواجهة تحديات الحياة الأسرية    وزير الاستثمار يتوجه للعاصمة الألمانية برلين لتعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة بين البلدين    عليك إعادة تقييم أسلوبك.. برج الجدي اليوم 20 مايو    تامر أمين ينتقد وزير الثقافة لإغلاق 120 وحدة ثقافية: «ده إحنا في عرض مكتبة متر وكتاب»    "يا بختك يا أبو زهرة".. الصحفي محمد العزبي يكشف تفاصيل وقف معاشه بعد بلوغه ال90 عاما    حدث بالفن | حقيقة إصابة عبدالرحمن أبو زهرة ب "الزهايمر" وموعد حفل زفاف مسلم    موعد نقل القناع الذهبي لتوت عنخ آمون إلى المتحف المصري الكبير    أستاذ علاقات دولية: الاتفاق بين الهند وباكستان محفوف بالمخاطر    ما مصير إعلان اتصالات بعد شكوى الزمالك؟.. رئيس المجلس الأعلى للإعلام يوضح    هل يوجد في مصر فقاعة عقارية؟.. أحمد صبور يُجيب    شعبة المواد الغذائية تكشف 4 أسباب لعدم انخفاض أسعار اللحوم مقارنة بالسلع التموينية (خاص)    وفد قبطي من الكنيسة الأرثوذكسية يلتقي بابا الڤاتيكان الجديد    سلطات فرنسا تعلن مصرع مهاجر وإنقاذ أكثر من 60 آخرين فى بحر المانش    سرعة الانتهاء من الأعمال.. محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل    وزير العمل: قريباً توقيع اتفاقية توظيف للعمالة المصرية في صربيا    هل يجوز للمرأة أداء فريضة الحج عن زوجها أو شقيقها؟.. أمينة الفتوى: هناك شروط    «للرجال 5 أطعمة تحميك من سرطان البروستاتا».. تعرف عليهم واحرص على تناولهم    خالد الجندي: الحجاب لم يُفرض إلا لحماية المرأة وتكريمها    مزارع الدواجن آمنة إعلامى الوزراء: لم نرصد أى متحورات أو فيروسات    ما حكم صيام يوم عرفة للحاج وغير الحاج؟    موعد امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنيا 2025.. جدول رسمي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وفاة الشيخ محمد محمود الطبلاوي شائعة تثير الجدل.. والإفتاء توضح عقاب ترويجها
نشر في صدى البلد يوم 15 - 01 - 2020

وفاة الشيخ محمد محمود الطبلاوي، آخر الشائعات التي روجت خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية، ولم تكن المرة الأولى التي يتعرض فيها الشيخ محمد محمود الطبلاوي لشائعة وفاته، حيث روج البعض شائعةً لوفاته العالم الماضي يوم الجمعة 19 يوليه 2019.
وعن حقيقة وفاة الشيخ محمد محمود الطبلاوي، نفت المنشدة آية الطبلاوي، وفاة جدها الشيخ محمد محمود الطبلاوي، مؤكدة أن جدي الشيخ الطبلاوي بخير، وأن الأخبار المُنتشرة والتى تناولتها بعض مواقع السوشيال ميديا عن وفاة الشيخ الطبلاوي «كاذبة».
وقالت «آية» ل«صدى البلد» إن جدها الشيخ محمد محمود الطبلاوي، حالته الصحية مُستقرة، مُنوهة بأن أخبار وفاته عبارة عن شائعات، مُطالبة الجميع بعدم المشاركة في مثل هذه الشائعات والتي يروّجها البعض.
الشيخ الطبلاوي يعلق على شائعة وفاته
وعلق الشيخ محمد محمود الطبلاوي، الذي ولد في 14 نوفمبر 1934 وتعرض لوعكة صحية منذ أسابيع-، على شائعة وفاته، قائلًا: «أنا بخير وبصحة جيدة، وبعض المغرضين أطلقوا شائعة الوفاة هذه، ويرددون الأكاذيب».
وأضاف الشيخ الطبلاوي: «لم تنقطع الاتصالات عليّ منذ مساء أمس الثلاثاء، وحب الناس هي أفضل مكافأة حصلت عليها طوال حياتي، وأوجه الشكر لكل من أراد الاطمئنان على صحتي».
حكم ترويج الشائعات
قالت دار الإفتاء، إن الإسلام حرَّم نشر الشائعات وترويجها، وتوعَّد فاعل ذلك بالعقاب الأليم في الدنيا والآخرة؛ مستشهدة بقول الله تعالى: «إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» [النور: 19].
وأضاف الإفتاء في إجابتها عن سؤال: «ما حكم نشر الشعائات وترويجها؟»، أن هذا الوعيد الشديد فيمن أَحَبَّ وأراد أن تشيع الفاحشة بين المسلمين، فكيف الحال بمن يعمل على نشر الشائعات بالفعل! كما أشارت النصوص الشرعية إلى أن نشر الشائعات من شأن المنافقين وضعاف النفوس، وداخلٌ في نطاق الكذب، وهو محرَّم شرعًا.
حكم نشر الشائعات في القرآن
وتابعت: تضافرت النصوص الشرعية من الكتاب والسنة على حرمة المشاركة فيما يعرف في العصر الحديث ب«ترويج الإشاعة» التي تعني نشر الأكاذيب والأقاويل غير المحققة والظنون الكاذبة من غير أن يتثبت المرء من صحتها، ومن غير رجوع إلى أولي الأمر والعلم والخبراء بالأمور قبل نشرها وإذاعتها حتى وإن تثبت من صحتها، مما يثير الفتن والقلاقل بين الناس، ووصف تعالى ما يسمى الآن بترويج الإشاعات بالإرجاف، وهو ترويج الكذب والباطل بما يوقع الفزع والخوف في المجتمع، فقال تعالى: «لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا ۞ مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا» [الأحزاب: 60-61].
نشر الشائعات إرجاف في الأرض
وأوضحت أن أصل الإرجاف من الرجف وهو الحركة، فإذا وقع خبر الكذب فإنه يوقع الحركة بالناس فسمي إرجافًا، مستندة إلى ما ذكره الماوردي في "تفسيره" (4/ 424) عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أن الإرجاف التماس الفتنة، وعن قتادة: أن المرجفين هم الذين يذكرون من الأخبار ما تضعف به قلوب المؤمنين، وتقوى به قلوب المشركين» وقال ابن فورك في "تفسيره": «الرجفة: زعزعة الأرض تحت القدم، ورجف السطح من تحت أهله يرجف رجفًا، ومنه الإرجاف، وهو الإخبار بما يضطرب الناس لأجله من غير تحقق به ... والإرجاف: إشاعة الباطل للاغتمام به».
اجتناب الظن
واستطردت: نبهنا الله تعالى إلى أن كثيرًا من الظنون يجب اجتنابها ابتداءً وإهدارها تمامًا من غير تبيين ولا تعيين ولا تحقق، بل يجب اجتنابها ابتداءً وجملة واحدة، ولا شك أنه يدخل فيها تلك الظنون التي تثير الفتن والقلاقل وتوقع بين الناس، مؤكدًا سبحانه على أن هناك من الظنون ما هي إثم، ناهيًا عن تتبع الظنون بما يوجب التجسس على الخلق وتتبع عوراتهم ومعايبهم واغتيابهم؛ فقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ» [الحجرات: 12]، قال الإمام الزمخشري في "تفسيره": [في الظنون ما يجب أن يجتنب من غير تبيين لذلك ولا تعيين؛ لئلا يجترئ أحد على ظنٍّ إلا بعد نظر وتأمُّل، وتمييز بين حقه وباطله بأمارة بينة، مع استشعار للتقوى والحذر].
سد الذرائع في الشرع
وواصلت: والآية كما أشار ابن جزي تؤكد على صحة سد الذرائع في الشرع؛ لأنه أمر باجتناب كثير من الظن، وأخبر أن بعضه إثم باجتناب الأكثر من الإثم احترازًا من الوقوع في البعض الذي هو إثم، وأخرج البخاري -واللفظ له- ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا».
ونقلت قول الإمام الخطابي وغيره: ليس المراد ترك العمل بالظن الذي تناط به الأحكام غالبًا، بل المراد ترك تحقيق الظن الذي يضر بالمظنون به وكذا ما يقع في القلب بغير دليل وذلك أن أوائل الظنون إنما هي خواطر لا يمكن دفعها وما لا يقدر عليه، وقال الإمام القرطبي: المراد بالظن هنا التهمة التي لا سبب لها كمن يتهم رجلًا بالفاحشة من غير أن يظهر عليه ما يقتضيها، ولذلك عطف عليه قوله «وَلَا تَجَسَّسُوا» وذلك أن الشخص يقع له خاطر التهمة فيريد أن يتحقق فيتجسس ويبحث ويستمع، فنهي عن ذلك، وهذا الحديث يوافق قوله تعالى: ﴿اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾، فإن قال الظان: أبحث لأتحقق، قيل له: ولا تجسسوا، فإن قال: تحققت من غير تجسس، قيل له: ولا يغتب بعضكم بعضًا.
النهي عن القيل والقال
وأفادت: كما يندرج ترويج الإشاعات تحت النهي عن "قيل وقال"؛ فأخرج البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ»، ويدخل في "قيل وقال": الخوض في أخبار الناس، وحكايات ما لا يعنيه من أحوالهم وتصرفاتهم، فضلًا عن الترويج للأكاذيب والأضاليل وما يثير الفتن.
حكم مروِّج الإشاعة
ونبهت على أن مروِّج الإشاعة لو أدرك عظم الجرم الذي يفعله بسبب الآثار المدمرة للإشاعة على المجتمع لما تهاون بصنيعه قط، وقد أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ»، ولا شك أن ترويج الإشاعات يندرج تحت تلك الكلمات التي لا يلقي لها بالًا فيدخل بها صاحبها للأسف في سخط الله تعالى، ويهوي بها في جهنم والعياذ بالله.
وتابعت: وقد حذرنا صلى الله عليه وآله وسلم أن يتحدث المرء بكل ما سمع، فإن من يتحدث بكل ما سمع سيقع في الكذب وترويج الباطل؛ لأنه يحدث بكل ما سمع دون تثبت أو تحقق؛ فأخرج أبو داود في "سننه" والحاكم في "مستدركه" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ»، وصححه ابن حبان وغيره، قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (1/ 75): [فإنه يسمع في العادة الصدق والكذب فإذا حدث بكل ما سمع فقد كذب لإخباره بما لم يكن، والكذب: الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو، ولا يشترط فيه التعمد].
علاج الإشاعات
وأكملت: علاج الإشاعات إنما هو بوأدها في مهدها قبل تفاقمها والامتناع عن إذاعتها، وحتى مع التثبت من صحة إشاعة ما فإن ذلك لا يعني المسارعة في نشرها والإرجاف بها وإذاعتها وإفشائها، بل لا بد من الرجوع في شأنها إلى أولي الأمر وأهل العلم والخبراء بها قبل التحدث فيها حتى لا يكون نشر مثل هذه الإشاعات -حتى وإن صحت في حقيقة الأمر- وبالًا على المجتمع أو تسهيلًا للجرائم أو مثارًا للاضطراب، وإلى هذا أرشدنا الله تعالى بقوله: «وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا» [النساء: 83].
وأكملت: فأمرنا عز وجل برد الأمور سواء من الأمن أو الخوف إلى أولي الأمر والعلم أولًا قبل إذاعتها والتكلم فيها، حتى يكون الكلام فيها وإذاعتها عن بينة وتثبت وتحقق من شأنها، ونبهنا تعالى إلى أنه متى لم ترد الأمور قبل إذاعتها إلى الرسول وإلى أولي الأمر والعلم فإن ذلك يكون اتباعًا للشيطان، قال الإمام البغوي، والإمام القرطبي في "تفسيره": [لعلمه الذين يستنبطونه منهم، أي: يستخرجونه وهم العلماء، أي: علموا ما ينبغي أن يكتم وما ينبغي أن يفشى].
ونوهت بأن علاجها إذا وصلت إلى الإنسان هو التحقق والتثبت وعدم المسارعة فيها، ثم بعد التثبت منها عليه أن يرجع في شأنها إلى أولي الأمر والعلم والخبرة، لا المساعدة على ترويجها، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ» [الحجرات: 6]، قال الإمام البغوي: [«بِنَبَإٍ» بخبر، «فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا» كي لا تصيبوا بالقتل والقتال قومًا برآء «بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ» من إصابتكم بالخطأ] .وقال الإمام الخازن في "تفسيره": [معنى الآية: ﴿إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ﴾ أي بخبر ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ وقرئ: فتثبتوا؛ أي: فتوقفوا واطلبوا بيان الأمر وانكشاف الحقيقة ولا تعتمدوا على قول الفاسق ﴿أَنْ تُصِيبُوا﴾ أي كيلا تصيبوا بالقتل والسبي ﴿قَوْمًا بِجَهَالَةٍ﴾ أي جاهلين حالهم وحقيقة أمرهم ﴿فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ﴾ أي من إصابتكم بالخطأ نَادِمِينَ]، وقال الجلال المحلي "تفسير الجلالين": [﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ صِدْقه مِنْ كَذِبه وَفِي قِرَاءَة ﴿فَتَثَبَّتُوا﴾ مِن الثَّبَات].
حكم سماع الشائعات
وأردفت: وكما نهى الشرع الحكيم عن إذاعة الشائعات والإرجاف في الأرض نهى تعالى عن سماعها فقال تعالى ناعيًا هذا الخُلُق على بعض اليهود: «وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ» [المائدة: 41]، ونعى سبحانه على الذين يسمعون للمرجفين والمروجين للشائعات والفتن؛ فقال تعالى: «لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ» [التوبة: 47]، قال الإمام البغوي في "تفسيره": [﴿وَلَأَوْضَعُوا﴾ أسرعوا، ﴿خِلَالَكُمْ﴾ في وسطكم بإيقاع العداوة والبغضاء بينكم بالنميمة ونقل الحديث من البعض إلى البعض. وقيل: ﴿وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ﴾ أي: أسرعوا فيما يخل بكم ﴿يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ﴾ أي: يطلبون لكم ما تفتنون به].
وأبانت: وبالإضافة إلى ما سبق فإن المولى عز وجل يرشدنا إلى السلوك الإسلامي القويم عند رواج شائعة خطيرة ما، وذلك في ثنايا معالجة القرآن الكريم لحادثة الإفك، والتي تعتبر أخطر إشاعة تم ترويجها في عهد النبوة، وأولى خطوات السلوك الإسلامي القويم إذا راجت شائعة ما خطيرة: وجوب حسن الظن بالنفس وبالغير، وثانيها: التحقق ومطالبة مروجي الشائعة بأدلتهم عليها والسؤال عمن شهدها، وثالثها: عدم تلقي الشائعة بالألسن وتناقلها، ورابعها: عدم الخوض فيما ليس للإنسان به علم ولم يقم عليه دليل صحيح، وخامسها: عدم التهاون والتساهل في أمر الشائعة واعتبارها أمرًا هينًا وهي عند الله عظيمة، لما فيها من الوقوع في أعراض الناس وإثارة الفتن والإرجاف في الأرض، وسادسها: أمرنا الله تعالى إذا وردت إلى مسامعنا شائعة ما أن نقول: ﴿مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾ [النور: 16].
واختتمت: هذه الخطوات اشتملت عليها الآيات الكريمة التالية: يقول الله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ۞ لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ ۞ لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ ۞ وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ۞ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ ۞ وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ۞ يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ۞ وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» [النور: 11-18].


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.