جدل القوة الصلبة والقوة الناعمة

طرح Nye فكرة التمييز بين القوة الصلبة والقوة الناعمة لأول مرة فى عام 1990. بشكل عام ، يُعرّف القوة بأنها "القدرة على التأثير على الآخرين للحصول على النتائج التي يريدها المرء بصرف النظر عن العوائق او رغبات الاخرين " . تستند القوة الصلبة إلى التدخل العسكري والدبلوماسية القسرية والعقوبات الاقتصادية وتعتمد على موارد الطاقة الملموسة مثل القوات المسلحة أو الوسائل الاقتصادية. وهكذا ، فإن الغزو الألماني لبولندا عام 1939 والعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الأمم المتحدة على العراق في عام 1991 بعد حرب الخليج الأولى هي أمثلة على استخدام القوة الصلبة. في المقابل "القوة الناعمة هي القدرة على إقناع الآخرين بالقيام بما يريده المرء". وفقًا ل Nye ، تعتمد القوة المقنعة على الجاذبية والمضاهاة و "ترتبط بموارد الطاقة غير الملموسة مثل الثقافة والأيديولوجية والمؤسسات". يؤكد كوبر على أهمية الشرعية لمفهوم القوة الناعمة. يجب اعتبار أنشطة الدولة شرعية من أجل تعزيز القوة الناعمة كما حدث بالنسبه للثقافة الأمريكية داخل الكتلة الشرقية خلال الحرب الباردة إلى وجود القوة الناعمة الأمريكية والعمليات الحديثة لتوسيع الاتحاد الأوروبي هي مؤشرات للقوة الناعمة التي يمتلكها الاتحاد الأوروبي .
مفهوم القوة الصلبة والناعمة هو استمرارية مع العديد من الأدوات من درجات مختلفة من الإكراه أو الإقناع. هذه الأدوات هي العقوبة والإكراه والإغراء وتحديد الأجندة والإقناع والجاذبية . تعتمد فعالية أساليب القوة الصلبة والناعمة على إمكانية الوصول إلى موارد الطاقة. الدول الكبيرة مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو روسيا ذات الدخل القومي العالي قادرة ماليًا على الحفاظ على قوات مسلحة كبيرة ووضع دول أخرى تحت الضغط الاقتصادي.
بالنسبة للدول الأصغر، يصعب الحصول على هذه الأدوات التقليدية للقوة الصلبة. إن إمكانية الوصول إلى موارد الطاقة الناعمة تعتمد بدرجة أقل على حجم الحالة. كما يوضح مثال النرويج ، فإن الدول الصغيرة لديها بالتأكيد القدرة على بناء القوة الناعمة.
ومع ذلك، يشرح هنغ أهمية طبيعة موارد القوة الناعمة في مقارنته لاستراتيجيات القوة الناعمة اليابانية والصينية. ويؤكد على سبيل المثال أن تاريخ الحرب في اليابان يشكل القيد الرئيسي على قوتها الناعمة، في حين أن "النموذج التنافسي الذي تقوده الدولة ونظامها السياسي الاستبدادي" في الصين يعوق الاستخدام الكامل لإمكانات القوة الناعمة. وبالتالي ، فإن موارد القوة الناعمة الممنوحة للدولة - مثل إرثها التاريخي ونظامها المجتمعي - تحدد قوة القوة الفاعلة وبالتالي فعاليتها. الجانب الآخر المهم في استمرارية القوة الناعمة هو الوقت. يبدو أن توليد الطاقة الصلبة يتطلب وقتًا أقل بكثير لأن مواردها ملموسة. على النقيض من ذلك ، فإن القوة الناعمة تستغرق وقتًا طويلًا نسبيًا مع تطور مواردها غير الملموسة على مدار فترة زمنية طويلة. وبالمثل ، يختلف البعد الزمني لاكتساب القوة الصلبة واستراتيجيات القوة الناعمة: بينما يميل الإكراه العسكري أو الاقتصادي إلى نتيجة فورية ولكنها قصيرة الأجل ، تميل الجاذبية والإقناع إلى إحداث تغيير طويل الأجل. ويرجع ذلك إلى جانب متأصل في المفهوم: حيث أن القوة الصلبة تجبر المرء على التصرف بطريقة مختلفة عن سلوك الفرد المعتاد ، فإن المرء يفعل ذلك بشكل لا إرادي. على العكس من ذلك ، فإن القوة الناعمة تغير موقف المرء إلى النهاية أن يتصرف المرء طوعًا بطريقة مختلفة عن سلوكه المعتاد. يؤكد غالاروتي أن القوة الصلبة تثير العمل القسري ، بينما القوة الناعمة تحفز العمل التطوعي. علاوة على ذلك ، ذكر أن الإكراه يؤدي إلى الصراع والطوعية للموافقة والذي يفسر سبب استمرار حلول الطاقة الناعمه لمدة أطول من حلول الطاقة الصلبة. على سبيل المثال ، أثارت التدابير القمعية التي فرضت على ألمانيا بعد الحرب العظمى حربًا عالمية أخرى ، في حين أن القوة الناعمة المستخدمة في بناء الاتحاد الأوروبي أدت إلى ما يقرب من 70 عامًا من السلام على مستوى أوروبا. في الواقع ، قد يُنظر إلى بعض استراتيجيات السياسة الخارجية على أنها مزيج فعال من قطبي استمرارية القوة. تم أخذ هذه الفكرة وصياغتها "القوة الذكية" أن القوة الذكية تستمد من موارد الطاقة الصلبة والناعمة. إنهم يعرّفون المفهوم بأنه "مقاربة تؤكد ضرورة وجود جيش قوي ، ولكنها تستثمر بكثافة في التحالفات والشراكات والمؤسسات". وفقًا لويلسون ، فإن القوة الذكية هي "القدرة (...) على الجمع بين عناصر القوة الصلبة والناعمة بطرق يعزز بعضها بعضًا" .
خصائص النظام العالمي المعاصر تضعف فعالية استراتيجيات القوة الصلبة. استنادًا إلى Nye (1990) ، يحدد Hackbarth الخصائص التالية: الترابط الاقتصادي القائم على العولمة ؛ ظهور الجهات الفاعلة عبر الوطنية ؛ عودة القومية في الدول الضعيفة ؛ انتشار التكنولوجيا العسكرية ؛ وتغيير طبيعة المشاكل السياسية الدولية. في عام 2008 ، أضاف ناي الوصول الواسع إلى المعلومات إلى هذه القائمة ويؤكد جالاروتي أن نمو الديمقراطية أيضًا يعيق فعالية القوة الصلبة). مثال على عدم فعالية وضع السياسة الخارجية فقط على استراتيجيات القوة الصلبة هو الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003. ووفقًا لشتاينبرغ ، "فشلت إستراتيجية [غزو العراق] في فهم عناصر القوة الأكثر حاجة لهزيمة التهديد الناشئ "من الجماعات الإرهابية . أدى سوء الفهم هذا إلى تجاهل عنصرين رئيسيين من القوة الناعمة: إدارة بوش نسي أولًا اعتماد الولايات المتحدة الأمريكية على قوى الاستخبارات والسياسة الخاصة بحلفائها وعلى الدعم الشعبي العالمي ؛ وثانيًا ، لم تُعزى مسألة شرعية الغزو إلى أي أهمية. على المدى القصير ، أدت هذه الأخطاء إلى فشل الإجراء. على المدى الطويل ، تسببوا في تدهور القوة الناعمة الأمريكية لأن "الاستراتيجية قوضت الولايات المتحدة موقف عالمي ضد الارهاب"و" ثقة الجمهور العالمي في قيادة الولايات المتحدة ". شعرت الولايات المتحدة الأمريكية بتحمل هذا الضرر .
بسبب العوامل المذكورة أعلاه التي تحد من فعالية القوة الصلبة ، من الصعب إيجاد سياسات خارجية ناجحة تعتمد فقط على موارد القوة الصلبة. العديد من الدول تسن الآن تشريعات للقوة الناعمة. السياسة الخارجية للهند على سبيل المثال في الوقت الحالي في إطار عملية الانتقال هذه. يسرد فاجنر سببين رئيسيين لهذا الانتقال: من ناحية ، "لم يكن نهج القوة الصلبة في الهند في السبعينيات والثمانينيات ناجحًا للغاية" ، ومن ناحية أخرى ، سهّل التقدم الاقتصادي بعد عام 1991 استخدام الأدوات الاقتصادية في السياسة الخارجية. يعكس هذا التفسير بعض العوامل المذكورة أعلاه والتي تؤدي إلى انخفاض استخدام القوة الصلبة. من ناحية أخرى ، فإن مفهوم القوة الناعمة له نقاط ضعف. يسرد كوبر ثلاث نقاط من الضعف. يتساءل أولًا : عن قوة الثقافة كمورد للقوة الناعمة لأن التأثير الثقافي لا يتساوى مع القوة السياسية. ثانيًا : يعتمد استصواب نتائج استراتيجيات القوة الناعمة على ظروف معينة لا يمكن أن تتأثر بالضرورة الدول . أخيرًا : إنه يتحدى الفائدة الفعلية لوضع جدول الأعمال ، حيث يبدو أن النتائج الإيجابية لتلك الممارسات تحدث بعد فترة طويلة من زوال منشئيهم .
يمكن اعتبار الوضع الاقريقى الامريكى استراتيجية ناجحة للقوة الناعمة. وفقًا لموريسون وهيكس ، تم تأسيس هذا الوضع في البداية على ثلاثه أسباب: 1- النفط والإرهاب ، 2- والمساحات غير الخاضعة للسيطره في إفريقيا ، 3- نفوذ الصين المتزايد في إفريقيا. على الرغم من أسباب القوة الصلبة وجود AFRICOM كاستراتيجية فعاله للسيطره على النزاعات . توضح الأمثلة التالية كيف يمكن استخدام القوة الناعمة بشكل فعال. المثال الأول هو الاتحاد الأوروبي وقدرته على جذب أعضاء جدد. الاتحاد الأوروبي هو منظمة حكومية دولية رائدة ويولد نجاحه بين الدول غير الأعضاء الرغبة في المشاركة في مشروع التكامل الأوروبي. بناءً على هذا الأساس الواعد ، تستمد "القوة الناعمة" للاتحاد الأوروبي من استعدادها لتقديم مقعد على طاولة صنع القرار "ويضمن هذا الجاذبية السلام والسلامة بين الدول الأوروبية وعملية توسيع الاتحاد الأوروبي تعزز مكانتها على المستوى العالمي. وبالتالي ، فإن القوة الناعمة للاتحاد الأوروبي مفيدة للدول الأعضاء فيها وكذلك بالنسبة للاتحاد الأوروبي نفسه.
يبدو أن التبادل التطوعي والتبادل الثقافي هو نوع آخر من القوة الناعمة التي تستخدم بشكل متزايد في السياسة العالمية الحالية. يصف ريفيل وزالود التأثير الإيجابي للتطوع من منظور أمريكي على النحو التالي: العمل التطوعي في الخارج هو شكل من أشكال القوة الناعمة التي تسهم بشكل ملموس في أمن ورفاهية الأميركيين. يساهم المتطوعون (...) في بناء القدرات المؤسسية ، ورأس المال الاجتماعي ، والحكم الديمقراطي ، واحترام حقوق الإنسان ، وكل ذلك يساعد على جعل العالم مكانًا أكثر أمانًا للأمريكيين في الداخل والخارج. وبا لتالي ، فإن التطوع مفيد لكل من البلدان المضيفة والبلدان الأصلية لأنه يعزز التفاهم بين الثقافات وبالتالي منع نشوب الصراعات. مثال على القوة الذكية المستخدمة هو الجهد الأمريكي الأمريكي لتعزيز نفوذها في إفريقيا. وفقًا لهكبارث ، تتضمن هذه الاستراتيجية ثلاث أدوات:
(1) قانون النمو والفرص في أفريقيا هو برنامج لاتفاقات التجارة الثنائية المرتبطة ببعض الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. (2) خطة الرئيس الطارئة للإغاثة من الإيدز ، هي "أكبر التزام على الإطلاق من جانب دولة واحدة بمبادرة صحية دولية" . يوفر البرنامج الوسائل المالية لتحقيق السياسات الوطنية لمكافحة الإيدز / فيروس نقص المناعة البشرية. (3) مؤسسة تحدي الألفية هي عبارة عن برنامج للمساعدات المالية "يستند إلى مبدأ أن المعونة تكون أكثر فاعلية عندما تعزز الحكم الرشيد والحرية الاقتصادية والاستثمارات في الأفراد.
تشترك هذه البرامج الثلاثة في أنها تجمع بين جاذبية المال والطلب على التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية. المبدأ الأساسي بسيط: لكي تكون مؤهلًا للمشاركة في البرامج ، يجب على الدولة أن تفي بالشروط التي حددتها الولايات المتحدة الأمريكية. ونظرًا لأن جاذبية المال تعد أداة مقنعة قوية ، فإن هذا النوع من المساعدات التنموية يعد مثالًا جيدًا لاستراتيجية فعالة للطاقة الذكية. كما يقول ميد ، "كرم المساعدات الإنسانية الأمريكية في الخارج يعزز القوة الناعمة للولايات المتحدة" . القوة الناعمة هي قوة مقنعة مستمدة من الجذب والمضاهاة وتستند إلى موارد غير ملموسة مثل الثقافة. على الرغم من أنها مقاربات معارضة للسلطة ، فإن لمزيجها ، والقوة الذكية ، مكانها في النقاش الأكاديمي وصنع السياسات. بشكل عام ، يبدو أن استراتيجيات القوة الناعمة أكثر فعالية في النظام الدولي المعاصر من استراتيجيات القوة الصلبة. سبب زوال القوة الصلبة هو التغييرات في النظام العالمي ، في حين أن قوة القوة الناعمة تعتمد على قدرتها على التحمل والاستدامة؛ نظرًا لأن القوة الناعمة بها نقاط ضعف أيضًا ، فإن الأمر يستحق النظر في قوة استراتيجيات الطاقة الذكية. وليس صحيحا ان سياسات الرئيس ترامب تخفض من الفوه الناعمة الأمريكية فكل ما تفعله هو تغليب عنصر التفاوض والشعبوية على عناصر اخرى داخل مفهوم القوه الناعمة.