* فرانس24: مبارك كان شخصية باهتة تحتاج إلى رتوش مقارنة بالسادات * بدأ حكمه متسامحًا مع المعارضة فأطلق سراح جميع المعتقلين السياسيين * أعاد كتابة تاريخ حرب أكتوبر ليخلق لنفسه دورًا محوريًا لم يكن يشغله أثناء الحرب خصصت قناة "فرانس 24" الإخبارية الفرنسية اليوم الاثنين تقريرًا عن الأوضاع فى مصر بعد مرور عامين على تنحى الرئيس السابق حسنى مبارك عن الحكم فى البلاد تتويجًا لثورة 25 يناير 2011. وأشار التقرير الذى أذيع اليوم إلى أن الجمعة 11 فبراير 2011 كان يومًا مشهودًا في مصر" ففي هذا اليوم خرج عمر سليمان نائب الرئيس المصري ليعلن في بيان مقتضب، تنحي الرئيس حسني مبارك عن الحكم وتسليمه مقاليد السلطة والبلاد للمجلس الأعلى للقوات المسلحة". واعتبر أن هذا القرار لم يأتِ بالطبع من فراغ أو بين عشية وضحاها، فقد كان تتويجًا لسلسلة طويلة من الأحداث استمرت 3 أسابيع وبدأت في يوم 25 يناير من العام نفسه. وأبرز التقرير مسيرة الرئيس السابق مبارك الذى وصفته بأنه كان رمزًا لنظام سياسي وأسلوب حكم دام حوالي 30 عامًا "تولى مبارك الحكم في 14 أكتوبر 1981"، خلف الرئيس الأسبق أنور السادات، بطل الحرب والسلام كما يطلق عليه المصريون، والذي تميزت شخصيته بجاذبية طاغية ظهرت إلى جوارها شخصية مبارك باهتة وبحاجة إلى رتوش وتعديلات. وهو ما حاول مبارك فعله في بداية حكمه بالظهور مظهر الحاكم المتسامح مع المعارضة فأطلق سراح جميع المعتقلين السياسيين المعارضين لحكم سلفه وبدأ في إعادة كتابة تاريخ حرب أكتوبر ضد إسرائيل ليخلق لنفسه دورًا محوريًا لم يكن يشغله أثناء الحرب". وأضاف التقرير: "ولكى يبدو مبارك مختلفًا عن السادات أعلن أنه لن يحكم أكثر من ولايتين وسيعيد تعديل الدستور ليسمح بانتخابات تعددية تسع كل أطياف المعارضة ورسم صورة لنفسه بوصفه الرئيس المدافع عن الاستقرار والبناء والسلم بهدف فتح الباب أمام نهضة وانطلاقة اقتصادية تضع مصر في مصاف الدول الناهضة". وأوضح: بيد أن ذلك البريق الذي بدأ به مبارك حكمه بدأ يخبو رويدًا رويدًا وتتحطم صورته المعتدلة على صخرة الواقع المر من سحق للمعارضة وتغول لأدوات القمع، الشرطة ومباحث أمن الدولة، وانحطاط الأوضاع الاقتصادية وسيطرة الحزب الواحد ورجال أعماله على مقدرات البلاد. وقال التقرير إنه وبعد ثلاثين عامًا من الحكم أصبح فيها مبارك الحاكم بأمره، بدأ فى إعداد العدة والخطط لتمرير الحكم إلى نجله، جمال، وهو ما كان القشة التى قصمت ظهر البعير رغم أنه لم يعلن صراحة رغبته في تولي ابنه المسئولية من بعده إلا أن كل المؤشرات والاستعدادات كانت تتجه بمصر إلى هذا الاتجاه. وأصبح جمال مبارك الأمين العام "للحزب الوطني الحاكم" وهو المنصب الذي يلي مباشرة منصب رئيس الحزب، مبارك، وأيضًا رئيسًا للجنة السياسات بالحزب والمسؤولة عن وضع كل سياسات الدولة. وأضاف أنه بالطبع لم يرق هذا كله لقادة الجيش الذين اعتبروه خروجا عن النهج الذي خطته ثورة يوليو 1952، فقد جرت العادة أن يخرج الرئيس من عباءة المؤسسة العسكرية وجمال ليس عسكريًا ولم يحصل يومًا على أى تعليم عسكري. وذكر التقرير أنه "عندما هبت نسائم "الربيع العربي" على مصر قادمة من تونس، وخرجت الجموع في الشوارع يوم 25 يناير 2011 مطالبة بإصلاح النظام ومرددة الشعار الشهير "عيش، حرية ،عدالة اجتماعية" قابلتها قوات الأمن بقمع غير مسبوق ما أدى إلى سقوط قتلى في المظاهرات وهي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك منذ وقت طويل. واشتعل الموقف وارتفع سقف المطالب ليصبح "الشعب يريد إسقاط النظام" وهو المطلب الذي خضع له مبارك بعد 18 يومًا من الاعتصام الشعبي في ميدان التحرير، وشهدت البلاد اعتصامات عمالية اجتاحت البلاد، وبعد نصائح من المؤسسة العسكرية بالتنحي للإبقاء على النظام. وأوضح التقرير أن لحظة التنحي كانت فارقة في وعي الشعب المصري، انفتح على أثرها باب الآمال على مصراعيه ولاحت فى الأفق بشائر دولة عصرية متقدمة حرة قوية يحملها الشباب المصري، الذين يمثلون 64% من عدد السكان على أكتافه بيد أن المسار الذي أجبر المجلس العسكري الحاكم الثورة على اتخاذه لم يكن يبشر بأي خير. واختتمت القناة تقريرها بالقول "إنه وطوال هذه الفترة منذ تنحي مبارك وحتى الآن لم يشعر المواطن المصري بأي تحسن يذكر في الخدمات الأولية التي تقدمها له الدولة بل على العكس تدهورت أحواله الاقتصادية وفقد الكثير أعمالهم نتيجة هروب رأسي المال الوطني والأجنبي إلى الخارج وأحكمت الأزمات المتتالية كهرباء وغاز وسولار وخبز وحوادث قطارات وطرق. وأضافت أنه "ومع أن عامين مرا حتى الآن لا يزال المصريون يبحثون عن صيغة للدولة الجديدة التي يحلمون بها ويتخبطون في دهاليز السياسة التي دفعتهم إليها سلطة ومعارضة لا يملكان رؤية واضحة عما يبغيان فعله بالتحديد كما بدا زمام الأمور يخرج من بين أيديهم جميعا ليتلقفه الشارع المصري عبر حركاته الشبابية الثورية التي تزداد تطرفا وعنفا يوما وراء الآخر.