لوداع الأحبة..قالها أحد أئمة مساجد نيوزلندا، بصوت تخنقه دمعة في العين تصب مرارتها في الحلق لمراسل صحيفة "ستاف"، حينما كان يغطي بعض المشاهد التضامنية التي أقدم عليها الجميع في نيوزيلندا منذ وقوع ذلك الحادث الإرهابي الأثيم الذي أنهي 50 حياة، بأحلامها وطموحاتها وأمانيها وفرحها وحزنها. سافر الأئمة ومنسقو الجنازات من جميع أنحاء البلاد لمساعدة أهالي الضحايا ولمواساة المصابين الذين فقدوا القدرة على الحكي من فرط حزن ألم بقلوبهم بعد مشاهد القتل المروعة التي عاينوها وعايشوها لمدة 17 دقيقة، تلك الدقائق التي كانت الأخيرة في حياة البعض والتي لن ينساها البعض الأخر من مصابي الهجوم على مسجدين في كرايست شيرش. ربما وحشية مشاهد الفيديو الذي بثه الإرهابي الأسترالي وهو يحصد هذا العدد الكبير من تلك الأرواح التي كانت تتضرع بين يدي بارئها، هي ما حشدت الجالية المسلمة في نيوزيلندا لمساعدة ذوي الضحايا ويتضامنون معهم وهم ينتظر الإفراج عن جثامين أفراد أسرهم. من المعتاد أن يدفن الناس أحباءهم المتوفين في أسرع وقت ممكن، خلال 24 ساعة بأقصي تقدير، لكن تم منع ذلك بسبب تحقيقات الشرطة، وهي ضرورة مقبولة، هكذا وضح أحد الأئمة المتواجدين والمنتظرين للافراج عن الجثامين بعد استكمال إجراءات الشرطة والطب الشرعي. سراج على، منسق جنازة في أوكلاند قرر السفر مع الرابطة الإسلامية النيوزيلندية، لمساعدة العائلات في الاستعدادات الخاصة بالدفن، وهو ما شرح لصحيفة "ستاف" كيفية إجراء عملية الغسل والتكفين والدفن. عند الدفن، سيقود إمام بالصلاة ويصلي المشيعون خلفه قبل دفن الجثة، يُنظر إلى دفن الجثة في أقرب وقت ممكن على أنه أكثر احترامًا للموتى، وأضاف، "تحتاج العائلات أيضا إلى مواصلة حياتها، العائلة بحاجة إلى العودة إلى حياتهم اليومية. وفقا للتقاليد الإسلامية، سيكون هناك ثلاثة أيام حدادا وبعد ذلك يجب الاستمرار في الحياة كالمعتاد". وفي أوكلاند، موطن أكبر مجتمع إسلامي في نيوزيلندا، أشار رئيس الجالية الإسلامية هناك أنه تم تشكيل فريق يعمل على الدعم النفسي ومحاولة تجاوز الأمر لأهل الضحايا. تم الترحيب بالأشخاص غير المسلمين الراغبين في إظهار تعاطفهم على حضور الجنازات أو زيارة مواقع الدفن. الشيء المهم هو أننا نتذكر جميعًا النيوزيلنديين في هذا الأمر".