سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مائة أسبوع من العزلة.. ترامب بطل العالم في الانسحابات من الاتفاقيات الدولية.. سيد البيت الأبيض يطبق شعار أمريكا أولا بحذافيره.. وواشنطن تجمد التزامها بمعاهدة الصواريخ متوسطة المدى
بومبيو يهدد بإلغاء معاهدة الصواريخ نهائيا ما لم تعد روسيا للالتزام بها الرئيس الأمريكي انسحب من اليونسكو ومجلس حقوق الإنسان مراعاة لخاطر إسرائيل دول ومنظمات دولية كبرى نددت بخروج ترامب من الاتفاقيات الدولية حلف الناتو نفسه لم يسلم من تهديد ترامب بالانسحاب منه أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، اليوم الجمعة، تعليق الولاياتالمتحدة التزاماتها في المعاهدة النووية للصواريخ متوسطة المدى اعتبارا من يوم غد، مهددًا بإلغاء المعاهدة نهائيًا ما لم ترجع روسيا إلى الالتزام الكامل ولم تدمر الصواريخ التي تنتهك أحكام الاتفاقية. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن، في 20 أكتوبر الماضي، عزمه الانسحاب من المعاهدة، متهما الجانب الروسي بخرق شروطها من خلال تصنيع صواريخ من نوع 9М729. وإعلان بومبيو اليوم، هو الحلقة الأخيرة - حتى الآن - في سلسلة طويلة من الانسحابات، سواء من منظمات دولية أو معاهدات، قامت بها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في ترجمة عملية لنزعته الانعزالية الهادفة إلى التخفف من الالتزامات الدولية بقدر الإمكان، والتي يراها بمثابة عبء على كاهل الولاياتالمتحدة. وكان فوز ترامب برئاسة الولاياتالمتحدة، قد حمل قدرًا كبيرًا من التوجس والقلق للعديد من الزعماء والقوى الدولية حيال أحد شعارات حملته الانتخابية الذي حمل عنوان "أمريكا أولًا"، والذي فهم الجميع معناه المقصود على النحو الصحيح بالنظر إلى توجهات ترامب في السياسة الخارجية، التي لم يبذل أي جهد لمداراتها والتي تدور كلها حول تخفيف الأعباء والالتزامات الدولية للولايات المتحدة لحساب إيلاء الأولوية لتحسين الاقتصاد الأمريكي. ولم يخيب ترامب ظنون المتوجسين، إذ أعلن على مدار عامين (أو نحو 105 أسابيع) من رئاسته سلسلة من الانسحابات المتلاحقة من اتفاقيات دولية وترتيبات جماعية، دون أن يبالي بالآثار السلبية الناجمة عن هذه الانسحابات. وترك ترامب انطباعًا بأن الانسحاب من الاتفاقيات والترتيبات الدولية أشبه بهواية قبل أن يكون سياسة، فلا تكاد تمر بضعة أشهر إلا ويعلن الرئيس الأمريكي أو يهدد بالانسحاب من اتفاقية ما، تاركًا بقية أطرافها تشجب وتندد دون أن يعيرها اهتمامًا يُذكر. وكان آخر تحركاته على هذا الطريق تهديده في سبتمبر الماضي بالانسحاب من اتفاقية التجارة الحرة لمنطقة أمريكا الشمالية (نافتا) دون عقد اتفاقيات جديدة في حال استمر الكونجرس في عرقلة المحادثات التجارية مع كندا. وفي يونيو 2017، أعلن ترامب انسحاب بلاده من اتفاقية باريس للمناخ، وأكد ترامب في خطاب ألقاه من حديقة البيت الأبيض، أنه يرفض أي شيء يمكن أن يقف في طريق "إنهاض الاقتصاد الأمريكي"، مشيرا إلى أنه حان الوقت لإعطاء الولاياتالأمريكية "أولوية على اتفاقية باريس وعلى فرنسا". ولاقى هذا القرار ردود فعل دولية منددة به، فقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر "قرار خاطئ إلى حد خطير". وأتبع ترامب انسحابه من اتفاقية باريس بالانسحاب من المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" في أكتوبر 2017 متهمًا إياها بالتحيز ضد إسرائيل، وكانت الولاياتالمتحدة ألغت في 2011 مساهمتها المالية الكبيرة التي كانت تخصصها لليونسكو احتجاجا على قرار منح الفلسطينيين عضوية كاملة بالمنظمة. ولم يرحب بهذا القرار بالطبع سوى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي قال: "هذا القرار شجاع وأخلاقي لأن منظمة اليونسكو أصبحت مسرح عبث، وبدلا من الحفاظ على التاريخ قامت بتشويهه"، وأمر نتنياهو وزارة الخارجية الإسرائيلي بتحضير انسحاب إسرائيل من المنظمة بالتوازي مع الولاياتالمتحدة. وما لبث ترامب أن أعلن في يونيو الماضي انسحاب الولاياتالمتحدة رسميًا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي اتهمه بدوره بالتحيز ضد إسرائيل، حيث جاء القرار الأمريكي بعد مقاطعة إسرائيل غير المسبوقة لإحدى جلسات الاستعراض الدوري الشامل، بحجة أن الانتقادات الحقوقية الموجهة إلى تل أبيب "غير عادلة". وفي ديسمبر 2017، قرر الانسحاب من "الميثاق العالمي للهجرة" والذي أقرته المنظمة الدولية بالإجماع العام الماضي تحت اسم "إعلان نيويورك" بهدف تحسين ظروف اللاجئين والمهاجرين، وبررت البعثة الأمريكية لدى الأممالمتحدة هذا القرار بأن "الميثاق يحتوي على عدد من الأحكام التي تتعارض مع سياسات الولاياتالمتحدة بشأن المهاجرين واللاجئين وغيرها من السياسات الرئيسية لإدارة ترامب". أما أبرز انسحابات ترامب من الترتيبات الدولية حتى الآن، فهو الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران الذي أُبرم في يوليو 2015 بمشاركة بريطانياوفرنسا وألمانيا وروسيا والصين، وهو الاتفاق الذي وصفه ترامب "بأسوأ اتفاق" توقعه الولاياتالمتحدة في تاريخها، متهمًا إيران بانتهاكه، ومبررًا الانسحاب بأن الاتفاق لا يحد من أنشطة إيران الصاروخية وتوسعها الإقليمي، ومناديًا بإعادة التفاوض حول اتفاق جديد. وكالعادة لم يلق هذا الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي استحسان أي طرف من الأطراف الموقعة عليه أو حتى سائر الدول والمنظمات الدولية سوى إسرائيل، التي رحبت به بطبيعة الحال. وأعلن ترامب عقب انسحابه من الاتفاق النووي في مايو الماضي، نيته إعادة فرض العقوبات الأمريكية التي كانت قد رُفعت عن إيران بموجب الاتفاق، والتي بدأ تطبيق بعضها بالفعل، ويُنتظر دخول الجزء الأكبر منها حيز التنفيذ في نوفمبر المقبل. وحتى حلف الناتو، الذي تشكل الولاياتالمتحدة حجر الزاوية فيه، لم يسلم من تهديد ترامب بالانسحاب منه في يوليو الماضي، اعتراضًا على ما يراه تقصيرًا من بقية أعضاء الحلف في أوروبا في تحمل نصيبهم من الإنفاق الدفاعي، زاعمًا أن أوروبا تنعم بمظلة حماية أمريكية دون أن تتحمل تكلفة ذلك.