تحل اليوم ذكرى انتصار الثورة الإيرانية، التي تُوجت بعودة زعيمها روح الله موسوي خميني إلى إيران بعد منفى اختياري طويل، قضاه في معارضة الشاه محمد رضا بهلوي من الخارج والتحريض على الثورة ضده. وكان من أبرز العوامل التي أشعلت الثورة الإيرانية ضد النظام الشاهاني القبضة الأمنية الحديدية التي حكم بها الشاه البلاد، والقمع واسع النطاق الذي مارسه بحق معارضيه. في أعقاب إطاحة شاه إيران الراحل محمد رضا بهلوي بحكومة محمد مصدق عام 1953، اعتمد الشاه بشده على أجهزة الأمن والمخابرات في إحكام سيطرته على مقاليد السلطة. ومن بين أجهزة الأمن في إيران الشاهانية، كان جهاز "السافاك" هو الأكثر قوة وشهرة ونفوذًا وأسوأها سمعة أيضًا، ارتبط اسمه بملاحقة معارضي الشاه والزج بهم في المعتقلات وإخضاعهم لأقسى أساليب التعذيب. و"السافاك" هو اختصار بالأحرف الأولى لعبارة "سازمان إطلاعات فأمنيت كشفار" الفارسية، التي تعني بالعربية منظمة المخابرات والأمن الوطني، وكان مكلفًا بمهمة حماية النظام والتجسس على معارضيه وملاحقتهم. تأسس جهاز السافاك عام 1957 بمساعدة من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وجهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد"، واختلفت التقديرات حول أعداد العاملين في صفوفه بين روايات تتحدث عن بضعة آلاف وأخرى تصل بالرقم إلى 60 ألفًا. تولى الجنرال تيمور بختيار منصب أول رئيس لجهاز السافاك في الفترة بين 1957 و1961، ثم خلفه الجنرال حسن بكراوان من 1961 إلى 1965 (وأعدمته السلطات الإيرانية بعد ثورة 1979)، وتولى رئاسته الجنرال نعمت الله نصيري بين 1965 و1978 ليكون أطول رؤسائه عهدًا، وكان آخر من تولى رئاسة الجهاز الجنرال ناصر مقدم بين عامي 1978 و1979. تمتع السافاك بسمعة مرعبة في مختلف أوساط وطبقات الشعب الغيراني، لا سيما المعارضين الذين استهدفهم الجهاز بالتصفية والاعتقال والتعذيب، غير أن تاريخ الجهاز لم يخلُ من المنافسات والأحقاد المميتة بين مسئوليه وعملائه، فقد قام بعض عملاء السافاك باغتيال الجنرال تيمور بختيار أول مدير للجهاز عام 1970 في بغداد بسبب تحوله إلى معارضة الشاه. كما اغتيل منصور رافع زاده مدير فرع السافاك بالولايات المتحدة أيضًا لأنه ذكر في أحد التقارير أن هاتف رئيس الجهاز الجنرال نعمت الله نصيري مراقب. وبعد نجاح الثورة الإيرانية عام 1979، تعقب الحرس الثوري المشكل حديثًا الآلاف من مسئولي وعملاء السافاك وأعدم بعضهم وعلى رأسهم آخر رؤسائه الجنرال ناصر مقدم، وقام مرشد الثورة روح الله موسوي خميني بحل الجهاز في فبراير 1979. ويُذكر أن جهاز السافاك رغم نفوذه الواسع وقدراته على جمع المعلومات داخل وخارج إيان، فإنه فشل في التنبؤ باحتمال نجاح الثورة الإيرانية أو تحذير الشاه في الوقت المناسب وتقديم المشورة إليه بشأن إمكانية نزع فتيل الاحتجاجات.