فيينا عاشقة الشوكولاتة

فيينا التي زرتها مؤخرًا، تعشق الشوكولاتة وكذلك أنا، فأول ما يلفت نظر السائح هناك، هو متاجر الشوكولاتة، كل ما حولك يشهد على ذلك، فلا تخلو الشوارع أو الميادين أو حتى الأزقة من متجر لبيع الشوكولاتة.. ولأنني زرت النمسا في أبرد أوقاتها، حيث كانت درجة الحرارة بالنهار تصل إلى ناقص 3 تحت الصفر، وفي المساء تصل إلى 10 تحت الصفر.. فلا يقدر على تدفئتك سوى قطعة حلوى الشوكولاتة.
والشوكولاتة ليست فقط حلوى يستمتع بها من يتناولها، ففي هذا الموضوع نتعرف من خلال الأبحاث الطبية والعلماء ماذا تفعل الشوكولاتة بجسم الإنسان.
من فوائد الشوكولاتة التي أثبتتها البحوث الطبية الحديثة أنها تساعد في تخفيض ضغط الدم العالي، بسبب احتوائها على مركبات كيميائية طبيعية تعمل على إرخاء وتوسيع الأوعية الدموية.. وكما أوضح العلماء أن المركبات الكيميائية الموجودة في حبوب الكاكاو التي تصنع منها الشوكولاتة تعرف باسم "فلافونويد" وهي تعمل على زيادة إنتاج مادة "أكسيد النيتريك" التي تلعب دورًا أساسيًا في المحافظة على ضغط الدم ضمن حدوده الطبيعية مشيرين إلى أن هذه المركبات المضادة للأكسدة موجودة أيضا في شراب الكاكاو والشوكولاتة بنوعيها الداكنة والتي تحتوي على الحليب.
والشوكولاتة تعتبر من المغذيات عالية القيمة الغذائية وغنية بالطاقة نظرًا لاحتوائها على نسبة جيدة من الفيتامينات والمعادن الضرورية والمغذية خاصة الحديد والكلسيوم.
وللشوكولاتة تاريخ وحكاية.. حيث أن الشوكولاتة بدأت بحبة الكاكاو والتي كانت عبر قرون تهرس ثم تؤكل، ويعود تاريخ الشوكولاتة إلى 2000 سنة قبل الميلاد، حيث يقال أنه في عام 1519م، قام المكتشف الإسباني (فرناندو كوريتز ) بتذوق "الكاكاو" والذي كان الشراب المفضل للمنتزوما الثاني آخر الأباطرة الأزتكيين، حضارة قديمة في أمريكا اللاتينية، وقد لاحظ كورتيز بأن الأزتكيين يعاملون حبات الكاكاو التي يصنعون منها شرابهم المفضل وكأنها مجوهرات ثمينة، كانوا يستخدمون حبات الكاكاو لإعداد مشروب ساخن يعدونه لزعمائهم ويطلقون عليه اسم (الشوكولا) أي الشراب الدافئ، وكان مذاقه مرًا فقام (كورتيز) ورجاله بإضافة السكر إليه وعادوا به إلى اسبانيا .
ومن فوائدها التي ينصح بتناولها، أنها تعالج سوء التغذية، النحافة, الكسل والخمول, القلق والاكتئاب لأنها منشطة ومقوية وتبعث بالشعور بالفرح لأنها تحث على إفراز هرمون الفرح (السيروتونين) من قبل الدماغ.
ويستحسن تجنبها في حالات الحمى والالتهاب، السمنة أو زيادة الوزن, أو الأرق والتهيج العصبي لأنها منبهة نظرًا لاحتوائها على الكافيين.
وأوضح أخصائيو التغذية والسمنة وعلاج الألم، أن سر الإحساس بالابتهاج والراحة النفسية بعد تناول الشوكولاتة، يرجع إلى مادة الكافيين الموجودة فيها التي تعتبر منشطًا فعالًا للجهاز العصبي وعاملًا مهمًا يخلصه من التعب والإجهاد فيتولد على الفور إحساس بالراحة والهدوء والسعادة.
كما يعاني معظم عشاق ومحبي الشوكولاته بالإحساس بالحاجة إليها من وقت إلى آخر، فإذا تناولوها شعروا بالسعادة تغمرهم على الفور. ولكن هذا الإحساس لا يدوم طويلًا حيث يعقبه مباشرة نوع من الإحساس بالذنب لأن الشوكولاته في اعتقادهم قد تضر بصحتهم.. إلا أن هذا الاعتقاد خاطئ بالنسبة للذين يتناولونها باعتدال، فقد أظهرت الدراسات الحديثة أن الشوكولاته مثلها مثل بعض أنواع الفاكهة والخضراوات تحتوي على عناصر مضادة للأكسدة مفيدة جدًا للصحة.. فهي تطيل العمر: فقد أظهرت الدراسات أن متوسط عمر محبي الشوكولاته أطول من الذين لا يتناولونها إطلاقا.. كما أنها تمنح الإحساس بالسعادة: ويشبه تأثيرها بالتأثير الكيميائي الذي يحدث للعشاق في حالات الحب الرومانسي بالإضافة إلى أن الشوكولاته تؤثر في المناطق الموجودة في المخ الخاصة بتحريك وإثارة المشاعر الراقية والإحساس بالرضا عن الذات.. وكذلك للوقاية لأنها تحسن حالات التوتر الناتجة عن عوامل الأكسدة مثل تلوث الهواء والتدخين والإشاعات فوق البنفسجية.. تمنع الإصابة بالقرح: حيث أن مضادات الأكسدة الموجودة فيها تضارع تلك الموجودة في الأدوية المضادة للقرح.. كما أنها مفيدة للقلب والأوعية: حيث أن بودرة الكاكاو المستخلصة تساعد على منع أكسدة الكولسترول المضر.
من كل قلبي: لقد أنعم الله علينا بنعم كثيرة وأظن أن الشوكولاتة من بينها، ولذلك يعشق النمساويين الشوكولاتة وكذلك أنا.