انعقد اليوم، الخميس، اجتماع الدورة الثامنة لمجلس المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل، حيث ترأس سامح شكري، وزير الخارجية، وفد مصر، بينما ترأست فيدريكا موجيريني، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمنية، الجانب الأوروبي. وصرح المستشار أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، بأن الوزير شكري أكد خلال كلمته أمام الجلسة الموسعة لمجلس المشاركة بحضور ممثلي الدول أعضاء الاتحاد الأوروبي، أن استمرارية عمل مجلس المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبي تمثل انعكاسًا للرغبة القوية والمتنامية لدى الجانبين لدفع العلاقات المصرية الأوروبية، وتؤكد حرص الجانبين على تعزيز أطر العمل المشترك لتوسيع مجالات التعاون وتعميق الشراكة التاريخية بينهما، وبما يسهم في تعظيم المصالح المشتركة. في السياق ذاته، أشار شكري إلى أهمية "أولويات الشراكة للفترة 2017-2020" التي تم اعتمادها خلال الاجتماع السابع لمجلس المشاركة في يوليو 2017، كدليل واضح على عمق وتعدد المصالح المشتركة بين الجانبين في شتى المجالات، والتي يأتي على رأسها مجالات التحديث الاقتصادي المستدام، والتنمية والعدالة الاجتماعية، وأمن الطاقة، والبيئة، والعمل المناخي. وأوضح شكري أن فرص التعاون في هذه المجالات تأتي بالتوازي مع الشراكة التي تجمع الجانبين في مجال السياسة الخارجية، والتي تهدف إلى تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة المتوسط والمناطق المتاخمة، لا سيما في مجالات مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر، إلى جانب العديد من أوجه التعاون الأخرى على صعيد العمل متعدد الأطراف. وأضاف حافظ أن وزير الخارجية شدد على أن هذه التطورات الإيجابية الهامة في العلاقات بين مصر وأوروبا جاءت نتيجة وجود إرادة سياسية قوية لدى كلا الجانبين لإرساء مرحلة جديدة من التعاون، تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح والقيم الأساسية المشتركة، مع الأخذ في الاعتبار الدروس المستفادة من التحولات الملحوظة في السنوات القليلة الماضية على الصعيدين الثنائي والإقليمي. وأردف المتحدث باسم وزارة الخارجية، أن شكري استعرض خلال كلمته أبرز ملامح برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي شرعت مصر في تنفيذه منذ نوفمبر 2016 بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، وذلك من أجل معالجة الاختلالات الهيكلية التي عانى منها الاقتصاد المصري منذ عقود، فضلًا عن إقامة شبكة أمان اجتماعي صارمة لتخفيف الأعباء الاقتصادية للبرنامج على الفئات الأكثر احتياجًا. كما أكد الوزير شكري أن الاقتصاد المصري قد اجتاز جميع عمليات المراجعة التي أجراها صندوق النقد الدولي على مدار العامين الماضيين بنجاح، منوهًا بالإشادات الدولية التي حظى بها الاقتصاد المصري مؤخرًا والذي بات ينظر إليه من قبل المؤسسات الدولية كنموذج للالتزام بأفضل الممارسات لتحقيق نمو اقتصادي مستدام، وخفض العجز في الميزانية وتطوير رأس المال البشري. في هذا الإطار، شدد شكري على أن مصر تدرك أن الحفاظ على زخم الإصلاح أمر معقد، خاصة مع استمرار الاضطرابات في المنطقة وما صاحبها من ضغوط خارجية، مؤكدًا أهمية مواصلة الدعم الذي يقدمه أصدقاء وشركاء مصر كعنصر أساسي في التنفيذ الفعال لاستراتيجية الإصلاح، مع الأخذ في الاعتبار الخطوات المهمة التي اتخذتها الحكومة نحو تهيئة مناخ الاستثمار لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة. وأوضح حافظ أن وزير الخارجية أكد أن مصر حريصة على توسيع علاقاتها التجارية وجذب المزيد من الاستثمارات الأوروبية المباشرة، وذلك على ضوء الفرص الواعدة التي تتيحها المشاريع الضخمة القومية الجاري إقامتها في البلاد، بما في ذلك مشروع تنمية محور قناة السويس كمنطقة حرة ومركز تجاري عالمي، فضلًا عن مشاريع تدشين مدن ذكية جديدة في جميع أنحاء مصر. من ناحية أخرى، أوضح شكري أثناء كلمته أن مصر تعد منارةً للتنوير والتحديث في المنطقة، وذلك في وقت تعلو فيه أصوات التطرف والأفكار اليمينية المتطرفة والشعوبية في منطقة المتوسط على حساب أصوات الاعتدال والتسامح. واتصالًا بذلك، أكد شكري ضرورة العمل المشترك لمواجهة التحديات التي تواجه المنطقة، ودحض المخاطر وتعظيم الفرص المشتركة، معربًا عن تطلع مصر لتوطيد روابط الصداقة مع المجتمع الدولي، وخاصة مع الاتحاد الأوروبي الجار الشمالي لمصر. كما تطرق إلى التوترات التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط، منوهًا بضرورة وجود رؤية شاملة لمعالجة الأسباب الجذرية لكل أزمة في المنطقة بشكل فعال وإيجاد الحلول الدائمة لتحقيق الاستقرار في المنطقة، مشيرًا إلى أهمية تبني سياسات تحد من التدخلات الخارجية السلبية التي تتم من قبل جهات تحاول فرض أيديولوجيات معينة لتحقيق مصالح بعينها. وأضاف المتحدث باسم وزارة الخارجية أن شكري قام في هذا الإطار باستعراض ثوابت السياسة الخارجية المصرية، مشيرًا إلى أهمية تكثيف الجهود من أجل التوصل إلى حلول سياسية للأزمات في كل من ليبيا وسوريا واليمن، فضلًا عن ضرورة الحفاظ على السلامة الإقليمية لجميع الدول في المنطقة، كما أكد أهمية التوصل إلى تسوية نهائية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين ووفقًا لحدود عام 1967. وأردف حافظ، أن الجلسة شهدت تناولا لعدد من الموضوعات التي تهم الجانبين، ومن ضمنها موضوعات حقوق الإنسان ونزع السلاح وإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط. واختتم المتحدث باسم وزارة الخارجية تصريحاته، مشيرًا إلى أن الجانب الأوروبي أكد خلال الاجتماع أهمية الشراكة مع مصر باعتبارها حجر الزاوية لاستقرار منطقة الشرق الأوسط وجنوب المتوسط، معربًا عن التزامه بمساندة مصر لتحقيق التنمية المنشودة، بما يصب بشكل مباشر في مصلحة تحقيق الاستقرار والأمن والرخاء في القارة الأوروبية. وفي هذا السياق، أشاد الاتحاد الأوروبي بدور مصر كمحور لتعزيز الاستقرار الإقليمي ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.