بعد موافقة الشعب على الدستور الجديد أصبح من المهم تفعيل مواده، ويتم ذلك عن طريق قوانين وتشريعات يقرها البرلمان، لكى يتم تحويل نصوص الدستور إلى قوانين تضبط أحوال المصريين، وينفرد مجلس الشورى الآن بهذه المهمة. وغير خاف على المهتمين أن الدستور الجديد نظم إصدار القوانين والتشريعات، بمشاركة غرفتى البرلمان (مجلس النواب ومجلس الشورى). ولكى يكون لدينا مجلس نواب معبر بشكل حقيقى عن مجمل الأوضاع السياسية فإن ذلك يتطلب قانوناً يحقق هذه الغاية، ويستلزم إجراءات عملية من الأحزاب السياسية، بل من أفراد الشعب المصرى للوصول إلى الغاية نفسها، وهى أن نرى مجلساً نيابياً ينطلق بجدية لتحقيق رغبات المصريين. فإذا تحدثنا عن قانون الانتخابات وجدنا أن جلسات الحوار الوطنى ركزت عليه فى إطار المادة الدستورية الانتقالية التى تتعامل مع الانتخابات التالية مباشرة لاعتماد الدستور، وتدل المؤشرات الواردة لجلسات الحوار على أن النظام المختلط الذى يجمع بين القوائم النسبية والمقاعد الفردية هو المشروع الذى سيتقدم به الحوار الوطنى إلى مجلس الشورى، صاحب الاختصاص فى التشريع، مع الأخذ فى الاعتبار معالجة العيوب التى شابت هذا النظام وبسببه تم حل مجلس الشعب السابق، وهذه المعالجة القانونية تعتبر أمراً إيجابياً، حيث إنها تصلح العوار الدستورى الذى لحق بقانون مجلس الشعب السابق. وثمة نقطة إيجابية تضمنتها التعديلات وهى خاصة بترتيب المرأة داخل كل قائمة، إذ نصت التعديلات على وجوب أن يكون ترتيب المرأة داخل القائمة فى النصف الأول منها، وهذا بدوره يعزز فرصة أن يشهد مجلس النواب بنسخته الأولى تمثيلاً أكبر للنساء، وكم كنت أتمنى أن تعطى التعديلات الميزة نفسها للشباب دون الخامسة والثلاثين عاماً، حتى تتاح الفرصة ذاتها لجيل من الشباب هم بالقطع صناع المستقبل. مهما كان رأى الأحزاب فى هذه التعديلات وفى غيرها يلزم التنويه بأنه ليس بقانون الانتخابات وحده تستطيع الأحزاب أن تكسب مقاعد داخل مجلس النواب، بل يجب اتخاذ العديد من الإجراءات التى تحقق هذا الهدف. من ذلك التحالفات الانتخابية التى ستجمع أصحاب المصلحة المشتركة فى قائمة واحدة، ويبدو أننا سنشاهد أكثر من تسع قوائم على الأقل فى كل دائرة: واحدة لحزب الحرية والعدالة وحلفائه، واثنتان على الأقل للتيار السلفى، وثلاث أو أكثر لمكونات جبهة الإنقاذ، وواحدة لحزب الوسط، وأخرى لمصر القوية وحلفائه، هذا فضلاً عن قوائم أخرى محتملة للمستقلين. وأمام هذا التنوع الواسع يبدو مهماً إجراء آخر لعله هو الأهم فى العملية الانتخابية برمتها، وهو التواصل مع الجماهير بكل فئاتها: حضرية أو ريفية، متعلمة أو أمية، لأن المواطنة تعنى أن لكل مواطن صوتاً واحداً، وليس كما طالب البعض بتمييز للمثقفين على غيرهم، ولا معنى لذلك إلا أن الذى يريده ويروج له فقير فى تواصله الجماهيرى ويريد أن يعالج خطأه بأسلوب عنصرى. ومن الإجراءات المهمة أيضاً الاهتمام بتحريك الكتلة الصامتة التى لم تشارك فى أى انتخاب أو استفتاء منذ الثورة حتى الآن، وهى كتلة كبيرة تصل إلى أكثر من 40% من المصريين، والذى يستطيع تحريكهم وكسب أصواتهم ستكون له الغلبة داخل مجلس النواب، فمن سيربح هذه الملايين؟ نقلا عن " المصرى اليوم "
