ربما الاحباط الشديد الذي تعاني منه شريحة كبيرة من الناس الذين يمتلكون مدخرات في البنوك ويفشلون في استثمارها في مشروعات يجهلونها او لا يعرفون ما المشروعات المربحة في الوقت الحالي الا انهم يلجأون طواعية الي شخص اطلق عليه الاعلام مؤخرا لفظ " المستريح" وهذا الشخص " المستريح " يلجأ اليه الضحايا دون ان يعلموا انه نصاب ولا يملك من المال الذي يعمل به سوي مالهم هم فقط ومن أجل ذلك يعمل لنفسه دعاية كبيرة بين الفئات الاكثر احتياجا للمال كراتب شهري او ارباح كما يطلق عليها هذا المستريح ثم بعد فترة وجيزة يذوب في الحياة تماما مثل قطع الملح الذي يذوب بمجرد وضعه في الطعام، كما ان التعاطف مع الضحايا لا ينفى وجود درجات من الطمع، يستغلها النصاب او المستريح وهو يداعب غريزة الربح السهل. والمستريح له قدرة عالية علي النصب بذكاء خارق حتي يقنع الضحايا بقدرته علي توفير عائد شهري لا توفره البنوك في اول كل شهر ويعطي للضحايا مبالغ كبيرة في الاشهر الاولي لبث الطمأنينه في قلوبهم اولا ثم يبدأ في المماطلة معهم لشهور متسلحا في تبريراته لهم بالاكاذيب والاعذار الواهية التي سرعان ما يصدقها الضحايا الا انهم يلجأون في النهاية الي مباحث الاموال العامة يستغيثون بها عندما يهرب هذا المستريح والذي غالبا ما يمتلك شركة عقارات او مكان لبيع الاراضي او تسهيل سفر الطلاب الي الخارج للدراسة او اشياء اخري للنصب بارع فيها لا محالة. والغريب ان المستريح علي درايه كاملة بالقانون خاصة فيما يتعلق بايصال الامانة الذي ربما يعطيه للضحايا لبث الطمأنينة في قلوبهم بان اموالهم في الحفظ والصون ولكن حقيقة الامر فهذا الايصال الامانة مع عدد كبير من الضحايا وهو يعني ان الاموال محفوظة ولكنها غير متاحة الان وتستمر هذه الموضوعات لسنوات طويلة حتي يستثمر المستريح الاموال ويأتي بالاضعاف ثم يتوجه للمحكمة من اجل تسديد هذه الاموال دون ان يدفع لهم ارباحا عن ارباح السنوات العديدة وعندئذ تكون قيمة الاموال انخفضت فعليا بفعل انخفاض سعر او قيمة الجنيه في السوق الاقتصادية بالمقارنة بقيمتها عندما استولي عليها قبل ارتفاع اسعار العملات الاجنبية امام الجنيه، وتستمر القصة بتفاصيلها فلا النصاب يتوقف ولا المنصوب عليهم يتعظون، الأمر كله مثير وكل يوم نقرأ في الصحف عن ضحايا جدد للمستريحين في قنا وسوهاج والفيوم والمنوفية والقاهرة والاسكندرية ، والنصابون لا يحتاجون إلى أكثر من مكاتب وشركات وهمية وانما يحتاجون دعاية بسيطة بين بيئتهم الصغيرة دون تكليف مادي وكل منهم يطلع بحكاية للنصب علي الاخرين ، بعض المستريحين يدعى العمل فى كروت الشحن أو تجارة الحبوب أو الأرانب، ولو ادعوا الاستثمار فى الهواء فسيجدون من يصدقهم أو من هو على استعداد لتصديقهم، ويسلم نقوده بكل أريحية. وحوار الضحايا الذين نصب عيهم المستريح ينصب حول ان كل منهم منح 100 ألف جنيه او اكثر من مليون جنيه لشخص قال له إنه سيوظفها فى العقارات والاراضي او تجارة الحبوب أو الأرانب أو الكروت أو العقارات أو الذهب أو الفضة أو الهواء، ويعطيهم فائدة كبيرة.. صدقوا جميعا وأعطوا اموالهم للرجل، وخلال شهور جمع ملايين وهرب كالعادة وكما هو متوقع، والغريب ان بعض الضحايا ونتيجة لصلة المعرفة لم يحصل على أى إيصال يثبت أن النصاب أخذ أمواله. وقال إنه وزملاءه من الضحايا قدموا بلاغات للشرطة والنيابة بعد هروب النصاب باموالهم. وإنه بدأ بعشرين ألف جنيه، وحصل على فائدة فى الشهر الأول، وإنه بكل إرادته رفع المبلغ إلى 50 ألفا، ثم 100 ألف، ومثله عشرات وضع بعضهم 200 ألف وأكثر. القصة تتكرر بحذافيرها، والضحايا يتكررون بحذافيرهم، وكأنهم لا يتابعون قصص عشرات المستريحين وهم يتساقطون أو يهربون بالملايين شهريا، ويتصور كل «منصوب عليه» أنه سيفوز بالفائدة الضخمة، وأن أمواله سوف تتوالد وتتحول إلى ملايين، لكنها تموت مثل حلة جحا، عندما استلف من جاره حلة، وأعادها له اثنتين، وقال له إنها ولدت، ثم استلف باقى الحلل وأخبره أنها ماتت وهى تلد».. ومن صدق أن الحلة أو الفلوس تلد، عليه أن يصدق أنها يمكن أن تموت وتطير، وتتركه يندب حظه. ومثلما يقول الكاتب اكرم القصاص في طرحه لهذه القضية من قبل أن :"حكاية توظيف الأموال فى الثمانينيات، تزامنت مع فتاوى تحرم وضع الفلوس فى البنوك، ولا تحرم وضعها فى أيدى النصابين، وكانت الحجة أيضا أن فوائد البنوك ضعيفة، البنوك رفعت الفائدة، لكن هناك من يريد المزيد، ويصدق أن الأموال يمكن أن تتوالد بفائدة تصل إلى 10% شهريا، يعنى أكثر من أصل المبلغ سنويا، وهو رقم يستحيل تحقيقه، ولو فى تجارة المخدرات".. ربما انخفاض فوائد البنوك يجعل الكثير من الضحايا يلجأون طواعية الي المستريح تحت اغراء الفائدة الكبيرة والسريعة ودون اوراق او تخفيض ضرائب او استقطاعات وربما عدم اقتناع الشباب بمشروعات الدولة الصغيرة التي توفرها لهم جعلتهم يلجأون الي المستريح وربما الحاجة الي تغيير القانون والعقوبة علي جريمة توظيف الاموال هي التي تدفع الي خلق كل يوم مستريح ينصب علي الناس، القضية كبيرة وتحتاج الي وقفة من الحكومة والقيادة السياسية.