طالت ثورات الربيع العربي ليبيا وتونس واليمن وسوريا كما طالت مصر ، رغم ذلك لم نسمع عن معارك لبث الجزيرة مباشر من صنعاء ، او مباشر من طرابلس . صراع قناة الجزيرة القطرية للبث من القاهرة مستمر ، ومازال لغزا ، وعلامة استفهام . لماذا الجزيرة مباشر من القاهرة بالذات ؟ مصر ليست وحدها التى دخلت ربيع الثورات ؟ ان كانت مهنية ، و نقلا للحدث قبل وقوعه ، وفور وقوعه ، وبعد وقوعه ، حرصا على المشاهد ، وصونا لحقه فى المعرفة ، فلماذا ادخلت الجزيرة نفسها طرفا في الاحداث ، فحرضت الشارع المصرى علي المجلس العسكري ، وحرضت ، مجموعات التحرير علي الشارع ، ثم تبين الشارع ان الذين احتلوا الميدان ، الفترة الماضية ليسوا ثوارا ولا يحزنون . هل الجزيرة أحرص علي حرية المصريين ، من المصريين ؟ أشك . هل تعتبر الجزيرة القطرية ، نشر الديمقراطية ، رسالتها السامية السنوات العشرة الاخيرة ؟ اشك ايضا ، لان الشواهد ، تجعل هذه الفرضية ليست صحيحة . قطر ليست دولة ديمقراطية . و سمو اميرها ، وحامى حماها ، اعتلي كرسي الحكم ، بعدما طرد اباه ، ومن قبله ، فعل ابوه الامر نفسه مع عمه . و دولة قطر صاحبة " الجزيرة " ، المروجة للقومية العروبية ، ليست دولة ذات توجهات قومية و عروبية . و قطر ، التى شددت على المصريين ، عن طريق الجزيرة ، بقطع العلاقات مع تل ابيب ، و الغاء معاهدة السلام ، ثم اتت بأشاوس يطالبون على شاشتها بوقف ضخ الغاز الي هناك ، وانتهاج سياسة تصدامية مع الولاياتالمتحدة ، كانت هي نفسها قطر صاحبة اكبر اتفاقيات للتعاون الخرافى مع اسرائيل ، و هى الدولة ، التى على اراضيها " قاعدة السلية " الامريكية ، الاكبر عسكريا فى الشرق الاوسط . تقول النكتة ان احدهم سال آخر : اين دولة قطر علي الخريطة ؟ فرد عليه : تعرف قاعدة السلية ؟ قال نعم ، قال : قطر داخلها ! دور قطر خطر ، ولغز مشهود ، غير معروف الابعاد ولا الملامح . فلا دولة قطر دولة حريات كما تنادى ، ولا هى دولة مؤسسات دستورية ، وتشريعية ، تراتبية ، مستقرة ، كما تصدر الجزيرة القطرية للعالم ، وتنصح ، وتقول انها تعمل على نشر هذه المفاهيم بين الجميع .. خصوصا العرب . والجزيرة ليست محايدة هى الاخرى ، فلا يمكن ان تكون الدول العربية كلها مليئة بالآثام السياسية ، بينما تخلو من المشاكل نفسها دول الخليج . لم نشاهد اخبار " بلاوى " السياسة فى دول مجلس التعاون على الجزيرة ، ولا جاب المتظاهرون ، شوارع دولة خليجية على الشاشة القطرية ، مع انهم يجوبونها فى الواقع ، شوارع معظم دول الخليج ، بينما المعارضة فى قطر مكتوم على نفسها ، رغم تتطابق مطالبها مع نظيرتها فى سوريا . لم نسمع سيرة المعارض القطرى الشاعر محمد الذيب على شاشة الجزيرة ، مع ان الجزيرة عادة ما تقلب الدنيا ، والصورة والاوضاع والموازين ، عندما تعتقل السلطات فى مصر ، مسجل خطر ، قتال قتلة ، ايام ما كانت السلطات فى مصر تعتقل المسجلين خطر ، قتالين القتلى . التجاوزات حلال على الجزيرة ، فى الدول العربية ، حرام عليها فى قطر . والحريات حلال فى الدول العربية ، حرام فى قطر . هناك ، يعتبرون الذيب احد رواد الشعر الحديث ، رغم ذلك اعتقلوه فور وصوله الاراضى القطرية فبراير الماضى ، بتهمة الإساءة لرموز الحكم فى الدوحة . هو حاربهم بالشعر ، داعيا للاصلاح ، فسجنوه بتهمة " الشعر " ، بينما الدول العربية ، التى تنشد الاستقرار ، كان ان صدرت لها قطر الجزيرة ، تعلمها " الثورة " ، حيث الحريات لها ألف معنى ، شريطة أن تكون بعيدا عن نظام الحكم " المسروق " فى الدوحة ! غريبة !