ترامب يأمل أن تضغط الاحتجاجات على النظام لإعادة التفاوض على الاتفاق النووي متظاهرون يهاجمون حوزة دينية غربي طهرن ويجبرون 500 رجل دين على الفرار الاستثمارات الأجنبية تهرب من إيران ومبيعات النفط تهوي إلى الثلث تتواصل منذ أيام احتجاجات شعبية واسعة النطاق في أنحاء المدن الإيرانية، احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية المتردية والأحكام الاجتماعية المتزمتة، حيث يأمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن تتحول الاحتجاجات الاقتصادية إلى احتجاجات ضد النظام السياسي الحاكم نفسه، لممارسة الضغط عليه من أجل التراجع والقبول بالتفاوض حول اتفاق نووي جديد. وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، يبدو أن رغبة الرئيس الأمريكي تجد طريقها إلى التحقق، فمع تصاعد وتيرة الاحتجاجات بدأ القتلى من صفوف المحتجين يتساقطون في مواجهات مع قوات الأمن والحرس الثوري المكلفة بقمعها، وبدأت الهتافات تتحول إلى الهجوم على المرشد علي خامنئي والمؤسسة الدينية وسياساتها، وتزايدت الدعوات على وسائل التواصل الاجتماعي للمشاركة في الاحتجاجات. وخرجت الخميس الماضي مظاهرات في مدن أراك وأصفهان وشيراز وحتى العاصمة طهران نفسها، وردد المتظاهرون هتافات مثل "الموت للأسعار المرتفعة"، كما هتفوا ضد مسئولين بارزين، واصطدمت بهم قوات الأمن التي ألقت القبض على العديدين. وفي مدينة إشتهارد غربي طهران، هاجم المتظاهرون مدرسة دينية (حوزة)، وأجبروا 500 من رجال الدين على الفرار، كما جدد سائقو الشاحنات إضرابهم الذي بدأوه في مايو الماضي للمطالبة بأجور أعلى، وامتد الإضراب ليشمل العاملين بمحطات الوقود. وأضافت الصحيفة أن الريال الإيراني هبط بشدة وفقد 80% من قيمته التي كان عليها في مثل هذا الوقت من العام الماضي، بسبب قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي وإعادة فرض عقوبات اقتصادية على إيران، من المقرر أن تدخل المرحلة الأولى منها حيز التنفيذ بعد غد الاثنين. أما الرئيس الإيراني حسن روحاني المؤيد للاتفاق النووي فهو واقع بين شقي الرحى، إذ لم يعد عرضة لانتقادات المتشددين المطالبين بالتخلي عن الاتفاق كله فحسب، وإنما بات موضع هجوم مؤيديه أنفسهم الذين انتخبوه، وهم في معظمهم من المنتمين للطبقة الوسطى، بسبب تردي الأحوال المعيشية. وتابعت الصحيفة أن الاحتجاجات منذ بداية العام الحالي حتى الآن لم تبلغ قوة الاحتجاجات الضخمة التي خرجت في 2009 اعتراضًا على نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، وربما يعود جزء من الأسباب في ذلك أن السلطات اتخذت احتياطاتها جيدًا منذ احتجاجات 2009 وأهلت قوات الأمن بشكل أفضل للقمع المظاهرات. لكن احتجاجات العام الحالي تنطوي على عدد من المؤشرات تثير قلق النظام أكثر من أي احتجاجات سابقة، منها مثلًا أن تجار بازار طهران، وهم من الفئات المؤيدة تقليديًا للنظام، أصبحوا من أبرز المشاركين في الاحتجاجات، كما أن المتظاهرين صاروا أكثر جرأة على الاشتباك مع قوات الأمن، وصارت النساء أكثر جرأة على الجهر بمعارضة النظام الاجتماعي المتزمت من خلال خلع الحجاب في المجال العام. وتُظهر مقاطع فيديو عديدة متداولة بين النشطاء أن هتافات المتظاهرين تجاوزت المظالم الاقتصادية للهتاف ضد السياسة الخارجية والمغامرات العسكرية للنظام خارج البلاد، بل إن بعض المحتجين هتفوا باسم الشاه القديم رضا شاه، الذي أدخل النهضة الصناعية إلى إيران خلال النصف الأول من القرن الماضي. ويتزايد قلق النظام الإيراني إزاء تلك الاحتجاجات مع استعداد الولاياتالمتحدة لإعادة فرض الموجة الأولى من العقوبات هذا الأسبوع، والتي من المنتظر أن تسبب مزيدًا من التدهور الاقتصادي، وبالتالي مزيدًا من المعاناة وتردي الظروف المعيشية. وقالت الصحيفة إن المستثمرين الأجانب يصفون استثماراتهم ويخرجون من إيران خشية التعرض للعقوبات الأمريكية، ما أجبر الحكومة الإيرانية، التي تستعد لانخفاض عوائد النفط، على تقييد المعاملات بالعملات الأجنبية، ما أدى بدوره إلى مزيد من التدهور في قيمة الريال. ونقلت صحيفة "اندبندنت" توقعات شركة "فاكتس جلوبال إينرجي" للتحليلات والاستشارات بأن تنخفض مبيعات النفط الإيرانية من 2.4 مليون برميل يوميًا إلى 700 ألف برميل فقط.