موعد تنسيق طلاب الدبلومات الفنية 2025، الحد الأدنى والكليات المتاحة    الجالية المصرية بفرنسا تنظم وقفة تضامنية لدعم مواقف الدولة    محافظ الغربية يتابع مع هيئة ومديرية الطرق أعمال تطوير ورفع كفاءة شبكة الطرق بالمحافظة    التنمية المحلية: 220 ألف مشروع بتمويل 34 مليار جنيه وتوفير 1.4 مليون فرصة عمل    الإعلان عن تفاصيل النسخة التاسعة من المؤتمر العربي لأمن المعلومات    «تنظيم الاتصالات» يصدر نتائج استطلاع الرأي لمستخدمي المحمول والإنترنت| تفاصيل    لافروف: زيلينسكي لن يتمكن من طمس مشكلة حظر اللغة الروسية والكنيسة الأرثوذكسية في أوكرانيا    الجيش الإسرائيلي يقر باستهداف القصر الرئاسي اليمني بصنعاء    أنس الشريف.. الصحفي الذي صار القصة بعدما وثّق مآسي وجرائم غزة    إيفرتون يفتتح ملعبه الجديد بانتصار تاريخي على برايتون في البريميرليج    جدل تحكيمي جديد.. ركلة جزاء بالدي أمام ليفانتي تُعيد واقعة الكلاسيكو للواجهة    بولونيا يستغل أزمة رو ويتعاقد معه بعد إيقافه    مدرب الزمالك: نتعامل مع ضيق الوقت قبل مواجهة فاركو.. وعلينا التأقلم مع البطاقات الصفراء    من "مينفعش يمشي" ل"لازم نبيعه".. كيف ناقض شيكابالا نفسه في ملف "زيزو" مع الزمالك؟    رغم التحذيرات.. إقبال المصطافين على شواطئ الإسكندرية مع رفع الرايات الحمراء بالقطاع الغربي    قرار قضائي جديد بشأن استئناف "علياء قمرون" على تجديد حبسها    استلم جثمان ابن عمه من ليبيا.. فلحق به في حادث مأساوي بطريق كفر الشيخ    توفي قبل عرض أول أفلامه وآخر ظهور له مع محمد رمضان.. 9 معلومات عن الممثل الراحل بهاء الخطيب    حفيدة المخرج هناء عبد الفتاح تهدي كتابا عن جدها لمهرجان المسرح التجريبي    إلهام شاهين تنشر صورا جديدة من الساحل: «أنا بعشق البحر»    هيفاء وهبي تشعل مسرح فوروم دي بيروت بحفل كامل العدد | صور    مراسل "الساعة 6": المتحدة تهتم بأذواق الشباب فى حفلات مهرجان العلمين    أفضل أدعية تعجيل الزواج.. أمل القلوب في الاستقرار    رمضان عبدالمعز: الاحتفال بالمولد النبوي يكمن في محبة النبي والاقتداء بأخلاقه    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع التأسيسي الأول للجنة التنسيقية لنفاذ الدواء المصري للسوق العالمية    كيف يمكن منع تناول السكر لصحة أفضل؟    حالة الطقس غدا الإثنين 25- 8- 2025 في محافظة الفيوم    السكة الحديد تشغل القطار السابع لعودة الأشقاء السودانيين إلى وطنهم.. صور    نجوم الغناء العربى يدعمون أنغام برسائل مؤثرة عبر تليفزيون اليوم السابع    أفلام تنعش صالات السينما في الربع الأخير من 2025    النيابة العامة تطالب المواطنين الإبلاغ الفوري عن أي وقائع للتعدي على الحيوانات    بعائد يتجاوز 121 ألف جنيه سنويًا.. كيف تستفيد من أعلى شهادة ادخار في البنك الأهلي؟    «ماس في فيشة».. حريق في فيلا الفنان محمد صبحي والحماية المدنية تسيطر عليه (تفاصيل)    الكشف على 665 مواطن خلال قافلة طبية مجانية بقرية الفالوجا بالبحيرة    الجوازات تنهي إجراءات المرضى وكبار السن في دقائق.. صور    اليونيسف: الأطفال والرضع في غزة يواجهون الموت جوعًا وسط تفاقم الأزمة الإنسانية    وزير الدفاع يلتقي عددًا من مقاتلي المنطقة الغربية العسكرية    المصريون في أوروبا يوجهون رسالة دعم قوية لمصر والقضية الفلسطينية    انطلاق البرنامج التدريبي لإعداد قيادات المراكز والمعاهد البحثية بمعهد إعداد القادة    بعد تدخل وزير الرياضة.. جدل قانوني وتنظيمي يحيط الأهلي بعد التتويج بكأس السوبر السعودي    أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع.. انطلاق ملتقى دهب واستمرار مهرجان مسرح الطفل وأوركسترا مصر الوطني يصل شرق الدلتا    عائشة تحقق حلم الطب.. نهاية سعيدة لقصة تلاعب إلكتروني كادت تسرق المستقبل    استمرار فعاليات برنامج التبادل الطلابي بكلية الطب جامعة حلوان    وزير البترول يبحث مع «إيناب» التشيلية التعاون في قطاع التعدين    لمدة 21 ساعة.. انقطاع المياه عن بعض المناطق بالقليوبية (تفاصيل)    وظائف بنك القاهرة 2025.. اعرف التخصصات المطلوبة وأهم الشروط    بمشاركة 33 شركة.. انطلاق مبادرة «سلامتك تهمنا» في الإسكندرية    وزارة الصحة تعلن قرارا مهما بشأن صندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية    أيمن يونس يوجه رسالة غامضة: "الأسرار لازم تفضل ولما تتكلم تكبر مش تصغر"    التنكيل بالضفة... حملات اعتقالات واقتحامات إسرائيلية واسعة فى الضفة الغربية    ريال أوفييدو ضد الريال.. فينيسيوس يعانى تهديفيا خارج الديار    يسري جبر: هذا جزاء من يتقن عمله    بقرار من نتنياهو.. إسرائيل تصعّد حربها في غزة باستخدام روبوتات وغازات سامة    "مباراة عادية".. المصري هيثم حسن يتحدث عن مواجهة ريال مدريد في الدوري الإسباني    وكيل عربية النواب: حملات الإخوان ضد السفارات المصرية محاولة بائسة للتغطية على جرائم الاحتلال    تراجع أسعار الدواجن والطيور الحية اليوم الأحد فى أسواق الإسماعيلية    "سيد الثقلين".. سر اللقب الشريف للرسول صلى الله عليه وسلم في ذكرى مولده    دعاء الفجر | اللهم يسّر أمورنا واشرح صدورنا وارزقنا القبول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دروس تونسية في المسألة الدستورية
نشر في صدى البلد يوم 11 - 12 - 2012

بدا السيد راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإسلامية التونسية واثقا تماما عندما أكد أن المشهد الدستوري الراهن في مصر لن يتكرر في تونس‏.‏
فهو لا يخشي حدوث صراع بشأن الدستور الذي لا يزال المجلس الوطني التأسيسي يعمل لإنجاز مشروعه منذ ما يقرب من عام. وهو يعرف أن الخلافات القائمة حول مشروع هذا الدستور الآن ستحل بشكل توافقي برغم أن بعضها يثير جدلا حادا وساخنا لا يخلو من صخب وضجيج.
وما كان للغنوشي أن يثق في مستقبل المسار الدستوري لبلاده ما لم يتخذ وزملاؤه في قيادة حركة النهضة منهجا توافقيا منذ البداية, ويحافظوا عليه بالرغم من ضغوط قطاعات يعتد بها في هذه الحركة عليهم للنكوص عنه والاستئثار بالسلطة.
ولذلك تستحق التجربة التونسية في كتابة الدستور اهتماما خاصا. فمن تونس بدأت شرارة الربيع العربي التي انتقلت في محطتها التالية إلي مصر. وفي تجربتها الراهنة دروس عديدة ينبغي أن نتأملها ونسعي إلي استيعابها. وفي مقدمتها دروس ثلاثة رئيسية تتعلق بقضايا التوافق الوطني والحوار المجتمعي والشريعة الإسلامية.
فقد بدأت تونس تجربتها في كتابة دستور ثورتها الرائدة في ظل توافق بين القوي الوطنية الرئيسية الإسلامية والليبرالية واليسارية.
وأتاح هذا التوافق مناخا إيجابيا في المجلس الوطني التأسيسي الذي تم انتخابه في أكتوبر2011 ليضع مشروع الدستور ويقوم بدور البرلمان في الوقت نفسه لمدة عام واحد تجري بعده الانتخابات البرلمانية. ولذلك لم يكن هناك قلق من حصول حركة النهضة علي أكثرية مقاعد المجلس الوطني التأسيسي(41 في المائة), برغم أنه كان في إمكانها أن تتحالف مع أحد الأحزاب الصغيرة وبعض المستقلين للهيمنة علي سلطات الدولة, وعلي عملية كتابة الدستور. فقد حرصت علي بناء توافق وطني ثلاثي الاتجاهات, واكتفت برئاسة الحكومة, بينما آلت رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس الوطني التأسيسي إلي حزبين أحدهما ليبرالي والثاني يساري.
وأوجد هذا التوافق الوطني أجواء مريحة إلي حد كبير خلال عملية صنع مشروع الدستور برغم الاحتقان السياسي والاجتماعي الذي لم يصل إلي المستوي الذي بلغه في مصر, ولكنه لا يقل عنه كثيرا. وحمي هذا التوافق المجلس التأسيسي من الهجوم الذي يتعرض له, والضغوط التي تمارس عليه من أحزاب وقوي أخري بعضها ليبرالي وبعضها الآخر سلفي.
وهذا درس ثمين يؤكد أهمية التوافق الوطني بالنسبة إلي أي ديمقراطية ناشئة, وخصوصا علي صعيد بنائها الدستوري.
وبسبب هذا التوافق, واستنادا إليه, استطاع المجلس الوطني التأسيسي في تونس أن يضع جدولا زمنيا مريحا لعمله علي نحو يتيح فرصة كافية ليس فقط للنقاش في داخله, ولكن أيضا لحوار مجتمعي تحت عنوان الحملة الوطنية للتعريف بمشروع المضامين الدستورية.
فقد حرص هذا المجلس ولا يزال علي إطالة أمد عمله لضمان أكبر قدر ممكن من الحوار المجتمعي, وتعامل بجدية مع هذا الحوار وما ينتج عنه, ولم يستخدمه شكلا أو ديكورا لتزيين ما يفعله.
ولذلك يبدو عمل هذا المجلس مريحا. فلا سباق مع الزمن, ولا هرولة للانتهاء من مهمة وطنية عظمي لا يجوز اختزالها ولا يصح حرق مراحلها. ولذلك فعندما انتهت المهلة الدستورية المحددة لعمله في أكتوبر الماضي, طلب من رئيس الجمهورية مد أجل هذه المهلة لمدة ستة أشهر بعد العام الذي حدده الدستور المؤقت للانتهاء من هذا العمل دون أن يعبأ بالهجوم عليه, والضغوط التي يتعرض لها, لأن التوافق الوطني وفر له الدعم الشعبي ومنحه من القوة ما جعله متمتعا بمناعة سياسية ولا يحتاج إلي تحصين غير طبيعي بأي شكل من الأشكال. وهذه هي قيمة التوافق الذي يوفر المقومات اللازمة للعمل الوطني في الظروف الصعبة التي تتسم بها عادة مراحل الانتقال في تاريخ الشعوب.
وفي ظل هذا الميل العام إلي التوافق, كان سهلا تجاوز الخلافات الأيديولوجية الكبيرة ومعالجتها بسلاسة وتسامح متبادل. ولذلك لم توجد قضية العلاقة بين الدين والدولة خلافا في المجلس التأسيسي. فقد تعاملت قيادة حركة النهضة مع هذه القضية بروح الإسلام الصحيح, وأكدت أنها أكبر من أن تحول الشريعة إلي أمر من أمور الدعاية الانتخابية أو التجارة السياسية برغم المزايدات علي موقفها من جانب قوي سلفية ومجموعات متطرفة دينيا.
ولذلك اقتصر مشروع مسودة الدستور في تحديده لهوية الدولة في الفصل الأول الخاص بالمبادئ العامة علي أن( تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة, الإسلام دينها, والعربية لغتها, والجمهورية نظامها) وفقا للمادة الأولي. كما نص في مادته الرابعة علي أن( الدولة راعية للدين, كافلة لحرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية, وحامية للمقدسات, وضامنة لحياد دور العبادة عن الدعاية الحزبية).
فما أرقاها هذه الدولة التي تدين بالإسلام وترعي الأديان والمعتقدات كلها وتكفل لمعتنقيها ممارسة شعائرهم بلا تمييز بينهم وبدون أن تحرم بعضهم من ذلك, وتعرف مدي قدسية دور العبادة فتلتزم بإبعادها عن كل ما يمكن أن يسئ إليها وبصفة خاصة الدعاية الحزبية.
ويعود المشروع في الباب الخاص بالحقوق والحريات لتأكيد حرية العقيدة وممارسة الشعائر, برغم ما في هذا التأكيد من تكرار, لكي يضيف تجريم كل اعتداء علي المقدسات بدون استثناء أي منها.( تضمن الدولة حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية ويحترم كل اعتداء علي المقدسات الدينية).
وفي ضوء هذا الفهم الراقي للشريعة الإسلامية, يتضمن المشروع نصوصا ما أروعها بشأن الحقوق والحريات منها مثلا.( تضمن الدولة حماية حقوق المرأة باعتبارها شريكا حقيقيا مع الرجل في بناء الوطن. كما تضمن تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل في تحمل مختلف المسئوليات, والقضاء علي كل أشكال العنف ضد المرأة). ولا ينسي واضعو المشروع, وأكثريتهم من الإسلاميين, ضمان التنوع الثقافي والحق فيه لكل مواطن.
وما أجدرنا, في ظل أزمتنا التي استحكمت, أن نتأمل هذه الدروس الدستورية التونسية لعلها تعيننا غدا إن لم تفدنا اليوم.
نقلا الاهرام اليومى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.