كتائب القسام تنشر أسماء 20 أسيرا إسرائيليًا مقرر الإفراج عنهم ضمن صفقة التبادل    بكام الطن اليوم؟.. أسعار الأرز الشعير والأبيض الإثنين 13-10-2025 ب أسواق الشرقية    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الإثنين 13-10-2025 عالميًا.. وعيار 21 بالمصنعية    حدث ليلا.. تنبيه عاجل للأرصاد.. وقصة مقتل صالح الجعفراوى (فيديو)    المغرب يتأهل للمرة الثانية فى تاريخه لنصف نهائي كأس العالم للشباب    إعلام عبري: إطلاق سراح الرهائن في الثامنة صباحا من منطقة نتساريم    «في ناس نواياها مش كويسة وعايزة تهد أي نجاح».. رسائل نارية من إبراهيم حسن بعد التأهل لكأس العالم    أجواء خريفية الآن.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين 13 أكتوبر 2025    في مشهد مهيب.. الأهالي يشيّعون 6 من أسرة واحدة ضحايا حادث طريق قفط – القصير    اليوم.. محاكمة 64 متهما ب الانضمام لجماعة إرهابية في التجمع الخامس    محمد صبحي: المنافسة في منتخب مصر صعبة بكل المراكز    الأمل فى شرم الشيخ    سعد خلف يكتب: السلاح الروسى الجديد.. رسالة للردع أم تجديد لدعوة التفاوض؟    تحرك عاجل من نقابة المعلمين بعد واقعة تعدي ولي أمر على مدرسين في أسيوط    طريقة تحميل صحيفة أحوال المعلمين 2025 بصيغة PDF من موقع الوزارة (رابط مباشر)    الدرندلي بعد فوز المنتخب: «أول مرة أشوف جمهور مصر بالكثافة دي»    قرارات جديدة بشأن مد الخدمة للمعلمين المحالين إلى المعاش 2025    سعر طن الحديد يقفز 2000 جنيه.. أسعار مواد البناء والأسمنت الإثنين 13 أكتوبر 2025    رئيس وزراء بريطانيا من القاهرة: مستعدون لدعم إعادة إعمار غزة    موعد ومقررات امتحانات شهر أكتوبر 2025.. أول اختبار رسمي في العام الدراسي الجديد    موعد عرض مسلسل ورود وذنوب الحلقة 2 والقنوات الناقلة وأبطال العمل    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 13 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الاثنين 13 أكتوبر    صلاح عبد الله: محمد صلاح يستحق أن تُدرّس قصته في المدارس    أسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب في عدد من المحافظات    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 13 أكتوبر    مصر تعلن قائمة الدول المشاركة في قمة شرم الشيخ    بدون محصل.. 9 طرق لسداد فاتورة كهرباء شهر أكتوبر 2025    مقتل شاب دهسه أحد أقاربه بسيارة في فرح بالبحيرة    إعانة وسكن كريم للأطفال.. استجابة إنسانية من محافظ قنا لأسرة الزوجين المتوفيين    إسرائيل تجري تعديلا عاجلا على قائمة الأسرى المشمولين في صفقة التبادل    قبل عرضه بمهرجان الجونة.. طرح البوستر الرسمى لفيلم «50 متر»    انطلاق تصوير فيلم «شمشون ودليلة» ل أحمد العوضي ومي عمر    سلوكيات تدمر أقوى الصداقات.. تجنبها قبل فوات الأوان    وائل جسار يُشعل ليالي لبنان بحفل طربي قبل لقائه جمهور بغداد    حضور إعلامي دولي واسع لنقل قمة شرم الشيخ للعالم.. 88 وسيلة إعلامية كبرى    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الاثنين 13102025    أخو صالح الجعفراوى يكشف وصية أخيه الأخيرة: لا تبكوا عليّ وأكملوا طريق الحرية    عاجل- رئيس هيئة الرعاية الصحية يراجع جاهزية المستشفيات والمخزون الدوائي لقمة السلام بشرم الشيخ    طريقة مبتكرة تعتمد على جزيئات الذهب لعلاج أمراض دماغية خطيرة    خبراء التغذية يحددون أفضل الأطعمة لصحة المفاصل والوقاية من الالتهابات    زيزو: التأهل للمونديال لحظة تاريخية.. وأتمنى تحقيق حلم المشاركة في كأس العالم    حسام حسن: صلاح مثل أخي الصغير أو ابني الكبير.. إنه نجم العالم    إبراهيم حسن: اكتشفنا إن صلاح في حتة تانية.. وسننتحر في المغرب للفوز بكأس الأمم    حصيلة ممتلكات سوزي الأردنية.. 3 وحدات سكنية ومحافظ وحسابات بنكية.. إنفوجراف    مياه الشرب بدمياط تعلن فصل خدمات المياه عن قرية السنانية 8 ساعات    على أغانى أحمد سعد.. تريزيجيه يرقص مع ابنه فى احتفالية التأهل للمونديال    محمود حميدة وشيرين يشاركان فى مهرجان القاهرة بفيلم شكوى رقم 713317    غريب في بيتك.. خد بالك لو ولادك بعتوا الصور والرسايل دي ليك    محمد الشرقاوي لليوم السابع: عروض فرقة المواجهة والتجوال في رفح 18 أكتوبر    أنواع الأنيميا عند الأطفال وأسبابها وطرق العلاج    نائب محافظ قنا يتفقد عددًا من الوحدات الصحية لمتابعة جودة الخدمات المقدمة للمواطنين    القائمة الكاملة لأسعار برامج حج الطبقات البسيطة ومحدودي الدخل    حبس رجل أعمال متهم بغسل 50 مليون جنيه في تجارة غير مشروعة    عاجل| بدء صرف حافز 1000 جنيه شهريًا للمعلمين بعد أيام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 12-10-2025 في محافظة الأقصر    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يكرم الطالبة هاجر إيهاب فهمي لتفوقها في القرآن والخريدة البهية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دروس تونسية في المسألة الدستورية
نشر في صدى البلد يوم 11 - 12 - 2012

بدا السيد راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإسلامية التونسية واثقا تماما عندما أكد أن المشهد الدستوري الراهن في مصر لن يتكرر في تونس‏.‏
فهو لا يخشي حدوث صراع بشأن الدستور الذي لا يزال المجلس الوطني التأسيسي يعمل لإنجاز مشروعه منذ ما يقرب من عام. وهو يعرف أن الخلافات القائمة حول مشروع هذا الدستور الآن ستحل بشكل توافقي برغم أن بعضها يثير جدلا حادا وساخنا لا يخلو من صخب وضجيج.
وما كان للغنوشي أن يثق في مستقبل المسار الدستوري لبلاده ما لم يتخذ وزملاؤه في قيادة حركة النهضة منهجا توافقيا منذ البداية, ويحافظوا عليه بالرغم من ضغوط قطاعات يعتد بها في هذه الحركة عليهم للنكوص عنه والاستئثار بالسلطة.
ولذلك تستحق التجربة التونسية في كتابة الدستور اهتماما خاصا. فمن تونس بدأت شرارة الربيع العربي التي انتقلت في محطتها التالية إلي مصر. وفي تجربتها الراهنة دروس عديدة ينبغي أن نتأملها ونسعي إلي استيعابها. وفي مقدمتها دروس ثلاثة رئيسية تتعلق بقضايا التوافق الوطني والحوار المجتمعي والشريعة الإسلامية.
فقد بدأت تونس تجربتها في كتابة دستور ثورتها الرائدة في ظل توافق بين القوي الوطنية الرئيسية الإسلامية والليبرالية واليسارية.
وأتاح هذا التوافق مناخا إيجابيا في المجلس الوطني التأسيسي الذي تم انتخابه في أكتوبر2011 ليضع مشروع الدستور ويقوم بدور البرلمان في الوقت نفسه لمدة عام واحد تجري بعده الانتخابات البرلمانية. ولذلك لم يكن هناك قلق من حصول حركة النهضة علي أكثرية مقاعد المجلس الوطني التأسيسي(41 في المائة), برغم أنه كان في إمكانها أن تتحالف مع أحد الأحزاب الصغيرة وبعض المستقلين للهيمنة علي سلطات الدولة, وعلي عملية كتابة الدستور. فقد حرصت علي بناء توافق وطني ثلاثي الاتجاهات, واكتفت برئاسة الحكومة, بينما آلت رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس الوطني التأسيسي إلي حزبين أحدهما ليبرالي والثاني يساري.
وأوجد هذا التوافق الوطني أجواء مريحة إلي حد كبير خلال عملية صنع مشروع الدستور برغم الاحتقان السياسي والاجتماعي الذي لم يصل إلي المستوي الذي بلغه في مصر, ولكنه لا يقل عنه كثيرا. وحمي هذا التوافق المجلس التأسيسي من الهجوم الذي يتعرض له, والضغوط التي تمارس عليه من أحزاب وقوي أخري بعضها ليبرالي وبعضها الآخر سلفي.
وهذا درس ثمين يؤكد أهمية التوافق الوطني بالنسبة إلي أي ديمقراطية ناشئة, وخصوصا علي صعيد بنائها الدستوري.
وبسبب هذا التوافق, واستنادا إليه, استطاع المجلس الوطني التأسيسي في تونس أن يضع جدولا زمنيا مريحا لعمله علي نحو يتيح فرصة كافية ليس فقط للنقاش في داخله, ولكن أيضا لحوار مجتمعي تحت عنوان الحملة الوطنية للتعريف بمشروع المضامين الدستورية.
فقد حرص هذا المجلس ولا يزال علي إطالة أمد عمله لضمان أكبر قدر ممكن من الحوار المجتمعي, وتعامل بجدية مع هذا الحوار وما ينتج عنه, ولم يستخدمه شكلا أو ديكورا لتزيين ما يفعله.
ولذلك يبدو عمل هذا المجلس مريحا. فلا سباق مع الزمن, ولا هرولة للانتهاء من مهمة وطنية عظمي لا يجوز اختزالها ولا يصح حرق مراحلها. ولذلك فعندما انتهت المهلة الدستورية المحددة لعمله في أكتوبر الماضي, طلب من رئيس الجمهورية مد أجل هذه المهلة لمدة ستة أشهر بعد العام الذي حدده الدستور المؤقت للانتهاء من هذا العمل دون أن يعبأ بالهجوم عليه, والضغوط التي يتعرض لها, لأن التوافق الوطني وفر له الدعم الشعبي ومنحه من القوة ما جعله متمتعا بمناعة سياسية ولا يحتاج إلي تحصين غير طبيعي بأي شكل من الأشكال. وهذه هي قيمة التوافق الذي يوفر المقومات اللازمة للعمل الوطني في الظروف الصعبة التي تتسم بها عادة مراحل الانتقال في تاريخ الشعوب.
وفي ظل هذا الميل العام إلي التوافق, كان سهلا تجاوز الخلافات الأيديولوجية الكبيرة ومعالجتها بسلاسة وتسامح متبادل. ولذلك لم توجد قضية العلاقة بين الدين والدولة خلافا في المجلس التأسيسي. فقد تعاملت قيادة حركة النهضة مع هذه القضية بروح الإسلام الصحيح, وأكدت أنها أكبر من أن تحول الشريعة إلي أمر من أمور الدعاية الانتخابية أو التجارة السياسية برغم المزايدات علي موقفها من جانب قوي سلفية ومجموعات متطرفة دينيا.
ولذلك اقتصر مشروع مسودة الدستور في تحديده لهوية الدولة في الفصل الأول الخاص بالمبادئ العامة علي أن( تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة, الإسلام دينها, والعربية لغتها, والجمهورية نظامها) وفقا للمادة الأولي. كما نص في مادته الرابعة علي أن( الدولة راعية للدين, كافلة لحرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية, وحامية للمقدسات, وضامنة لحياد دور العبادة عن الدعاية الحزبية).
فما أرقاها هذه الدولة التي تدين بالإسلام وترعي الأديان والمعتقدات كلها وتكفل لمعتنقيها ممارسة شعائرهم بلا تمييز بينهم وبدون أن تحرم بعضهم من ذلك, وتعرف مدي قدسية دور العبادة فتلتزم بإبعادها عن كل ما يمكن أن يسئ إليها وبصفة خاصة الدعاية الحزبية.
ويعود المشروع في الباب الخاص بالحقوق والحريات لتأكيد حرية العقيدة وممارسة الشعائر, برغم ما في هذا التأكيد من تكرار, لكي يضيف تجريم كل اعتداء علي المقدسات بدون استثناء أي منها.( تضمن الدولة حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية ويحترم كل اعتداء علي المقدسات الدينية).
وفي ضوء هذا الفهم الراقي للشريعة الإسلامية, يتضمن المشروع نصوصا ما أروعها بشأن الحقوق والحريات منها مثلا.( تضمن الدولة حماية حقوق المرأة باعتبارها شريكا حقيقيا مع الرجل في بناء الوطن. كما تضمن تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل في تحمل مختلف المسئوليات, والقضاء علي كل أشكال العنف ضد المرأة). ولا ينسي واضعو المشروع, وأكثريتهم من الإسلاميين, ضمان التنوع الثقافي والحق فيه لكل مواطن.
وما أجدرنا, في ظل أزمتنا التي استحكمت, أن نتأمل هذه الدروس الدستورية التونسية لعلها تعيننا غدا إن لم تفدنا اليوم.
نقلا الاهرام اليومى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.