قال السفير صلاح حليمة، رئيس المجلس المصري للشئون الأفريقية مساعد وزير الخارجية الأسبق ومبعوث جامعة الدول العربية إلى السودان السابق،إن قارة إفريقيا لها مكانة وأولوية خاصة في المرحلة الحالية، وتحتل أولوية كبيرة جدا في السياسة الخارجة المصرية حاليا ومستقبلا. وأضاف «حليمة» في حوار خاص ل«صدى البد»، ينشر لاحقا،أن ظاهرة الإرهاب ليست قاصرة على إفريقيا،وإنما موجودة في المنطقة العربية أيضا، ورغم تنوع المسميات إلا أن جميع التنظيمات الإرهابية لها صلات وارتباطات وتنسيق فيما بينها، فهي تمتلك الهدف نفسه لكن بأسلوب مختلف، وفي النهاية هناك عمليات إرهابية تستوجب التعاون فيما بين الدول الإفريقية وبين الدول العربية، لأن الإرهاب أصبح موجودا في منطقة حيوية وهي منطقة البحر الأحمر، وهذه المنطقة لا يجب النظر إليها بأنها تفصل المنطقة عن القارة الإفريقية، بل هي منطقة وصل بينهما، فالبحر الأحمر يصل العالم العربي بإفريقيا، ونتيجة تواجد بعض الدول الداعمة للإرهاب في البحر الأحمر أصبح موضوع الأمن في البحر الأحمر ذا أهمية بالغة. وتابع أنه لايمكن الفصل بين البحر الأحمر والقرن الإفريقي، فالبحر الأحمر يتعرض لتواجد إرهابي سواء من الحوثيين في اليمن، ووجود قواعد عسكرية تركية في الصومال والقاعدة المزمعة في السودان، وفي جيبوتي 5 قواعد عسكرية لدول من خارج المنطقة أو من المنطقة، ومصر لها الأسطول الجنوبي في البحر الأحمر وهو حق طبيعي لحماية الأمن القومي المصري،وهذه القدرات تم تحديثها وتطويرها بشكل قوي. وقال إن الأمن في القارة الإفريقية وارتباطه بملف الإرهاب أمر يطرح نفسه بشدة على قادة الدول الإفريقية والدول العربية،ويجب أن يكون في إطار الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي، ويجب ان يكون بينهما تعاون وثيق فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب. ونوه بأن مكافحة الإرهاب مرتبطة أيضا بالجريمة المنظمة والاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، والمعالجة يجب أن تكون شاملة كاملة. وأشار إلى أن الأمن في إفريقيا في الوقت الحاضر فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب دفع بعض الدول إلى تشكيل قوة إقليمية مثل المتواجدة في المنطقة الغربية المكونة من 5 دول، وفرنسا دعمت هذا التوجه، ونأمل أن يكون مثل هذا التوجه متواجدا لدى الدول الإفريقية لتشكيل قوة إقليمية من جانب الاتحاد الإفريقي ومن جانب الجامعة العربية، وتواجد نوع من التعاون بين أجهزة المخابرات وأجهزة الدول بين جميع الدول، وأيضا التعاون بين مراكز الأبحاث. وأكد أنه لابد من وضع الأمن القومي العربي والأمن القومي المصري في إطاره العربي وإطاره الإفريقي، وهنا يدخل موضوع الأمن المائي، لأنه مسألة حياة، وهذا يفتح المجال أمام المشاريع التي قد تحقق الأمن المائي بعض الدول، مثل المشروع المتعلق بربط بحيرة فكتوريا بالبحر المتوسط، لأن الأمن المائي يرتبط بالتنمية، وله فوائد عديدة سواء في السياحة أو مجال النقل أو التجارة أو إطار التنمية المستدامة، أو في إطار تنمية الاقتصاد وتطويره، هناك أيضا مشروعات تتعلق بأن يكون هناك نو من التعاون بين دول المنطقة في ملف التبادل التجاري، فمكافحة الإرهاب لا تقتصر فقط على الجانب العسكري بل يجب أن تتوازى مع عملية تنمية وتطوير الاقتصاد. وأوضح أن قضية الإرهاب هي قضية حيوية للغاية وتؤثر على التنمية تأثيرا سلبيا إذا لم تتضافر الجهود سواء على المستوى الثنائي أو المستوى المتعدد، وأيضا بدور إيجابي من الدول الغربية لتوفير الدعم، فالتعاون ليس عربي إفريقي فقط، بل يجب أن يكون أوسع وأشمل. وأشار إلى أن تدشين القوة العسكرية الإفريقية كانت في إطار العلاقات بين الدول ال5 المؤسسة، حيث كانوا يتعرضون لعمليات إرهابية خاصة من تنظيم بوكو حرام، وفرنسا ساعدت في بلورة هذا الموضوع ودعمها ماديا، واتخاذ مبادرة لتوسيع نطاق هذه المبادرة يجب أن يكون من المنظات الإقليمية سواء الاتحاد الإفريقي أو جامعة الدول العربية،أو بعض الدول المعنية بمكافحة الإرهاب بدرجة كبيرة مثل مصر. وأضاف:"كان هناك حديث عن إنشاء قوة عربية، لكنها لم تخرج إلى حيز النفاذ، ويجب التوجه نحو هذه القوة لمكافحة الإرهاب، وهناك فكرة أن يكون هناك منظمة تعاون في البحر الحمر تضم كافة الدول المتشاطئة عليه، باستثناء إسرائيل، وتكون تحت رعاية الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي، واستبعاد إسرائيل بسبب عدم تسوية القضية الفلسطينية". وتابع أن هناك 3 قضايا حيوية تؤثر على الأمن القومي المصري هي الأوضاع في ليبيا وجنوب السودان والصومال، بحكم الموقع الجغرافي، فالصومال من المحور الجنوبي، وجنوب السودان وليبيا كدول جوار، وعلى مصر أن يكون لها دور حيوي في تقنين الأوضاع وحل الأزمات المشتعلة في هذه الدول من منطلق أنها تدخل في إطار الأمن القومي المصري، فمصر لها دور من خلال آلية دول الجوار، وفي جنوب السودان لعبت مصر دور الوسيط بين الحكومة وبين زعماء الحركة الشبابية لتحرير السودان، ودعم الحوار الوطني بين المعارضة والنظام الحاكم في جنوب السودان، ولها دور محدود في الصومال. وأشار إلى أن الاجتماع الأخير الذي تم في باريس تحت رعاية الرئيس الفرنسي بين الفرقاء الليبيين خرج ببعض النتائج التي نأمل أن تتدخل في حيز التنفيذ، وأهم هذه النتائج الإيجابية هو إجراء انتخابات رئاسية في نهاية 2018. ولفت إلى أن مصر لها دور في آلية الجوار المكونة من مصر وتونس والجزائر للعب دور حيوي في دعم الجهود الرامية إلى التسوية في ليبيا والاتجاه نحو إجراء الانتخابات، ويجب أن تكون التسوية داخل الإطار الليبي العربي وعدم تدخل قوى غربية. وأكد مبعوث جامعة الدول العربية إلى السودان السابق أن الانتخابات الرئاسية لا تعني أنهاء المعاناة الليبية،ولكنها تعني وجود مؤسسات شرعية يمكن أن تمارس مهامها بشكل رسمي وشرعي، وهي بداية نحو الاستقرار، خصوصا مع توحيد الجيش الليبي ورفع الحذر عن تسليحه. وأضاف أن القضاء على الإرهاب في ليبيا يجب أن يتم بناء على توحيد الجيش الليبي والأجهزة الشرطية لحماية الأمن والاستقرار الداخلي، وأيضا الاستقرار المدني الداخلي، والانتخابات الرئاسية من شأنها أن تمنح ليبيا هذا الاستقرار المبدئي. وفيما يتعلق بصاحب قرار حذر تسليح الجيش الليبي، أشار إلى أن مجلس الأمن هو صاحب حذر تسليح الجيش الليبي وصاحب قرار رفعه، وهو القرار نفسه الذي اتخذه في جنوب السودان، ولكن على أرض الواقع فإن السلاح يتم تهريبه ولا يوجد مانع لتدفق السلاح للجماعات المسلحة. وأكد أن إنهاء الإرهاب في ليبيا لن يتم بين يوم وليلة، خصوصا أن العناصر الإرهابية تمتلك القدرة على التنقل من بلد لآخر؛ لذا لابد أن يكون هناك تضافر الجهود بين دول القارة لتحريرها، فالارهاب لا تتم مواجته بطريقة منفردة، ويجب أن تكون مواجهة شاملة على كافة المستويات سواء بتجديد الخطاب الديني أو التنمية الاقتصادية وليس الاقتصار على الأسلوب العسكري فقط.