الزمن الجميل يطرق أبواب أسوان كل فى شهر رمضان المعظم، فهو دائمًا له طقوس خاصة وعادات وتقاليد متوارثة لاستقباله في أسوان، فالفرحة والسعادة هى السمة السائدة فى البيوت للأسر الأسوانية بهذه المناسبة السعيدة سواء كان من الرجال أو النساء أو الشباب أو الأطفال، ولهذا فله شكل مختلف فى أسوان. وفي سبيل التعرف على ذلك رصد "صدى البلد" بعض العادات والتقاليد المتوارثة لدى أبناء أسوان فى هذا الشهر الكريم والتي دائمًا ما تمتاز بطقوس تمتلك الرونق الجمالي الفريد من نوعه ، والإفطار بين أهالى النوبة له طعم ثانٍ خلال الشهر المبارك . وأشار عبد الرحمن محمود من أبناء النوبة إلى أن أبناء النوبة لهم عادات وتقاليد خاصة مختلفة عن باقي أبناء مصر في شهر رمضان، وعقب الإفطار يتوجه كل فرد إلي منزله للاستعداد لصلاة التراويح، كما تجتمع النساء للتسامر، وكذا يقوم الأطفال بحمل الفوانيس والاحتفال بليالي رمضان في سعادة وفرحة عامرة بينهم. وأضاف عبد الرحمن أن هناك مشروبات خاصة لأهالي النوبة يتم تقديمها في شهر رمضان مثل الأباريق وهو المشروب المتميز الذي يمنع العطش، وأيضًا مشروب الحلو مر وهو مشروب سوداني في الأصل، ونظرًا لعلاقتنا بالسودان نقوم بعمل هذا المشروب الذي يعتبر نصفه حلو والآخر مر وهو مشروب صحي. وقال إن هناك العديد من المشروبات والأصناف التي يتم تجميعها بالمساجد عقب صلاة العشاء، ثم نلتقي بعد ذلك في النوادي الاجتماعية، وبعدها التجهيز للسحور. بينما أوضح خالد مختار من أبناء النوبة أيضًا علي أن هناك عادات وتقاليد متوارثة في التراث النوبي نحافظ عليها في شهر رمضان، ولنا طقوس خاصة في المأكل والمشرب، ونحن نجتمع ونتناقش في مشاكل القرية والمشاكل العامة. وفى نفس السياق قال حجازي صيام بأن عادات النوبة وتقاليدها واحدة لدى كل أبناء النوبة من أسوان للإسكندرية، فيما توجد إضافات بسيطة، فالإفطار غالبًا يكون جماعيا وأيضًا هناك الكثير الذين يقيمون موائد للرحمن في الشوارع وعلي الطرق السريعة لاستقبال كل من يأتي لأسوان في فترة الإفطار، وهناك مشروبات مشهورة للنوبيين يتم تقديمها في الإفطار والسحور. ومن جانبها تروي الحاجة فاطمة بودا (من أهالي النوبة) تفاصيل العادات النوبية في الشهر الكريم قائلة، بأنه تبدأ التجهيزات بالأسرة النوبية قبل حلول الشهر الكريم بأيام طويلة، وكعادتنا تقوم المرأة النوبية بإعداد "الأبريه" وهو ما يوضع على عصير الليمون ليكون المشروب الأساسي والرسمي لكل النوبيين في مختلف بقاع مصر. ويصنع الأبريه من خبز رقيق جدًا يخبز على "دوكة من الحديد" ويكسر ثم يوضع في كراتين حتى يتم استخدامه يوميا مع الليمون. وتكمل الحاجة فاطمة قائلة: أما المشروب الآخر المفضل لدي كل نوبي فهو الكركديه، فلا يتخيل النوبي يومه بدون ذلك المشروب الطبيعي الذي ارتبط به منذ القدم، ويستخدم النوبي غالبًا الكركديه السوداني وهو أجود الأنواع، وتقوم السيدة النوبية بغلي أوراق الكركديه ثم تصفيتها ووضعها في المبرد حتي يقدم مع وجبة الإفطار، وفي كثير من الأحيان تقوم السيدة النوبية بخلط مشروب التمر بالكركديه ليعطي مذاقًا أفضل. وتضيف بأنه مع حلول أذان المغرب يبدأ الرجال والصبية في التدافع إلى المساجد حاملين المياه والبلح والعصائر ليفطروا سويًا في مسجد كل قرية، ثم يعودون مرة أخرى ليجدون صواني المأكولات مرصوصة على الأرض الترابية المغطاة بالحصير الأسواني. وعن المأكولات النوبية فهناك العديد من التراث والتقاليد التي لا تزال كل أم نوبية تتبعها بالرغم من التقدم التكنولوجي حيث يعد "الكابد" من أشهر مأكولات رمضان عند أهل النوبة، وهي عبارة عن عجين من الدقيق والماء والذي يخبز على دوكة من الطين أو الحديد ليخرج رغيفا كبيرا سميكا أشبه بالقطايف الضخمة. ويستخدم الكابد في أكل "الأوريه" وهو الورق الناعم من البازلاء يفرك ويؤكل مع الكابد وأحيانًا يؤكل مع "الإتر" وهي الملوخية المفروكة، كما يقوم النوبي بوضع العسل الأسود مع السمن البلدي علي الكابد لتمثل التحلية بجانب الشعيرية باللبن. أما بهجة رمضان فلا تأتي من الزينة التي لا نراها في شوارع بلاد النوبة ولا تعد من تقاليده، لكن البهجة الحقيقية للنوبي هي ذهابه وأسرته إلى صلاه التراويح، وفي يد مجموعة من الصغار يحملون المياه المثلجة والأكواب البلاستيك لري المصلين عند ظمأهم. وفي القرى النوبية بأسوان لا تجد موائد الرحمن حيث إن القرى مغلقة على أهلها، ولا تجد عابري سبيل، لكنك ربما تجد إفطارًا جماعيًا في البيوت أو على المصاطب في الهواء الطلق.