كشف المستشار محمد عبدالسلام، المستشار القانوني لشيخ الأزهر، بعض من كواليس زيارة الإمام الأكبر شيخ الأزهر لمسجد الروضة، ولقائه لأهالى الشهداء وخاصة إصرار شيخ الأزهر على لقاء تلك السيدة التى توفى لها 12 شهيدًا من عائلتها. وقال مستشار شيخ الأزهر، فى تدوينه له عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «الإمام الطيب القوى تحدى الإرهاب وذهب إلى سيناء لايخشى إلا الله». وأضاف: «حين تحركت السيارات للمغادرة وسمع فضيلته بقصة أم الشهداء التي فقدت أولادها وأحفادها وزوجها وعددًا من أسرتها فقال لابد أن أذهب اليها، ورغم تخوف قائد الأمن من إيقاف الموكب أصر فضيلته ونزل من السيارة ومشي في الرمال وحده متوجهًا إلى منزلها حتى لحق به بعض أفراد الأمن، وحين قال له قائد الأمن هذا خطر فضيلتك، رد عليه الإمام الأكبر شيخ الأزهر قائلًا: "لسنا بأغلى ممن فقدت هذه السيدة المكلومة ومضى الإمام الأكبر إليها مطيبًا جراحها ومواسيا لها فى مصابها مستأذنا منها فى نيل شرف خدمتها سعيدًا وهو ينحنى ليسلم على حفيدتها الصغيرة يداعبها ويسألها عن اسمها. من جانبه، بيّن الدكتور عبد المنعم فؤاد، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أحد أعضاء الوفد الأزهري الذي كان يزور الروضة، أن الإمام الطيب جاب في الصحراء بسياراته أكثر من خمس ساعات بين القاهرة ومسجد الروضة ذهابًا ومثلها إيابًا. واستطرد: أن الإمام الأكبر كان يواسي أهل القرية وصلي معهم الجمعة ليثلج صدورهم بكلماته النابعة من القلب، ثم يواسي الأسر والثكالي ويدخل لهن البيوت، أصدر قرارات عاجلة ببناء مجمع أزهري متكامل وإخراج معاشات دائمة شهرية ثم العناية بطلاب هذه القرببة الطيبة وبئر العبد جميعًا في الجامعة وتحمل الأزهر لسكنهم ومصاريف تعليمهم من بدء تعليمهم إلى نهايته بالجامعة ثم التبرع بنفقة الحج لكل زوجة ترملت أو أم فقدت ولدها أو وليدها ثم يعود شيخ الأزهر ليصل إلى الإسماعلية ليدخل على الجرحى بالمستشفى ليثلج صدورهم بكلمتته ويضع يده على رأس كل من أصابه جرح. وعلقت الدكتورة إلهام شاهين، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، التي كانت ضمن وفد الأزهر في الروضة، قائلة: «فى كل يوم نتعلم من الإمام الأكبر أن نعمل عملًا نلقى به الله تعالى ونطلب به شفاعة نبيه واليوم الجمعة الماضية كان 12 ربيع الأول يوم مولد النبى قدم فيه الإمام الأكبر أفضل هدية يمكن أن يرسلها لحبيبه المصطفى، وهى زيارة أهالى الشهداء والصلاة فى المسجد الذى شهد دماءهم الزكية ومواساة الأرامل وأمهات الشهداء ثم زيارة المصابين فى رحلة استغرقت يومًا كاملًا، شرفنا فيه بصحبة الإمام الأكبر وتيسر لنا على يديه عملًا طيبًا وذكرى لقاء نساء الشهداء، لن يمحى من ذاكرتى أبدًا». وكان الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، قدى أدى صلاة الجمعة الماضية بمسجد الروضة، وسط ترحيب كبير من أهالي الشهداء في تحد للمجرمين الذين داهموا المسجد الجمعة الماضية. وحضر صلاة الجمعة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، والدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، واللواء السيد عبد الفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء، ولفيف من القيادات العسكرية والسياسية والتنفيذية والشخصيات العامة وشيوخ قبائل وعوائل سيناء، جموع أهالي منطقة بئر العبد، صلاة الجمعة اليوم بمسجد الروضة، في ذكرى مرور أسبوع على حادث الروضة الإرهابي. واكتظ المسجد بجموع المصلين في الداخل والخارج، في رسالة إلى العالم بأن الإرهاب لن يمنع المصريين من الحياة وإقامة شعائرهم الدينية. وألقى شيخ الأزهر عقب صلاة الجمعة، كلمة أكد فيها أن حادث مسجد الروضة شديد الألم على قلوبنا عميق الحزن في نفوسنا ومشاعرنا، مشددًا على أن القَتَلَة الذين سفكوا الدِّماءَ الطَّاهِرة في بيتٍ من بيوتِه خوارج وبُغاة ومُفسِدُون في الأرض. وقال الإمام الأكبر، إنه يتحتَّم على وُلاة الأمور تطبيق حُكْم الله في هؤلاء المحاربين لله ورسوله والسَّاعين في الأرضِ فسَادًا، وعلى أهالي سيناء وشعب مصر ومؤسسات الدولة كلها أن تواجه هذا الوباء السَّرطاني الخطير، مشيرًا إلى أن مصر بتاريخها وبسواعدِ أبنائها وجيشها البطل ورجال أمنها البواسِل قادرةٌ على القضاء على هذا الإرهاب الغريب على أرضنا وشبابنا. وأضاف: "الأزهر جاءكم بشيوخه وأبنائه وبناته ليضع يده في أيديكم من أجل نهضة هذه القرية علميًّا وصحيًّا واجتماعيًّا"، وتابع: "الدُّنيا كلها لا تُعَوِّض قطرة دم واحدة سُفِكَتْ من أبناء هذه المدينة الطيبة، لكنه الوفاء ببعضِ حقكم". وأمر شيخ الأزهر بالبدء الفوري في توسعة معهد الروضة الابتدائي وتحويله إلى إعدادي وثانوي، وصرف معاش شهري لأرامل شهداء حادث الروضة، والمحتاجين من بيت الزكاة، وإعفاء طلاب قرية الروضة من المصروفات الدراسية حتى الانتهاء من الجامعة. كما قرر الإمام الأكبر، حج الأرامل في العام المقبل على نفقة الأزهر، وإسكان طلاب وطالبات جامعة الأزهر في المدن الجامعية، وفتح اتصال مباشر مع المحافظ وشيوخ القبائل ومشيخة الأزهر لتلبية الاحتياجات فورا، وتوحيه قوافل دعوية وطبية لأهالي شمال سيناء، خاصة بئر العبد. وتقدم الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بتعازيه الشخصية وتعازي الأزهر الشريف لسيدة سيناوية فقدت 12 من أبنائها وأحفادها وعائلتها في مذبحة مسجد الروضة في مدينة بئر العبد بشمال سيناء، والتي راح ضحيتها أكثر من 310 شهداء. وعرض الإمام الأكبر، خلال زيارته اليوم لقرية الروضة، على السيدة التي توصف ب«أم الشهداء» أداء فريضة الحج على نفقته الخاصة، قائلًا: «نساء الروضة مدرسة المصريين في الصبر.. أمثالكم من يعلموننا نحن الصبر.. ولا تحرميني من شرف خدمتك».