اختتم الرئيس السوداني عمر البشير اليوم -السبت- زيارة تاريخية هامة لولايتي غرب وجنوب دارفور استغرقت 5 أيام حظي خلالها باستقبال رسمي وشعبي حافل وخاطب المواطنين من خلال لقاءات جماهيرية مباشرة حفلت بحشود كبيرة ضمت عشرات الآلاف من المواطنين فضلا عن قيامه بافتتاح عدد من المشروعات التنموية والخدمية وتعرفه على احتياجات الولايتين على أرض الواقع . واعتبر محللون ومتخصصون ومسئولون أن زيارة البشير لولايات دارفور تعطي إشارات ودلالات أكيدة للداخل والخارج بانتهاء زمن الحرب في الإقليم والتوجه الأكيد نحو التعايش السلمي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة في تلك المنطقة التي شهدت حربا دارت رحاها منذ عام 2003 بين الحكومة ومتمردين . وشملت زيارة البشير مدن ومحليات الجنينة وفوربرنقا بولاية غرب دارفور ونيالا وقريضة ومعسكر كلما للنازحين بمحلية بليل وشطايا بولاية جنوب دارفور . ويعد توجه البشير لتلك المناطق دليلا واضحا على استتباب الأمن والاستقرار فيها.. فمحلية قريضة لم يزرها رئيس سوداني منذ الاستقلال ، وشهدت في السابق صراعات دامية بين حركتي تمرد وخرجت عن سيطرة الحكومة لنحو 10 سنوات فيما يضم معسكر كلما أكبر عدد للنازحين والمتضررين من الحرب وبه موالون للتمرد.. ومنطقة شطايا لم يزرها أي رئيس منذ 46 عاما حين زارها الرئيس الأسبق حعفر نميري عام 1971.. وانطلقت منها الشرارة الأولى لتدويل قضية دارفور عندما شهدت مقتل عدد كبير من مواطنيها عام 2008 . ورغم تظاهر عدد من نازحي معسكر كلما ضد زيارة الرئيس السوداني فقد احتشد الآلاف من مواطني محلية بليل واستقبلوا الرئيس الذي التقاهم وتحدث إليهم مباشرة في ميدان عام بالمحلية .. وأشادت الحكومة بتفاعل مواطني محلية بليل ونازحي معسكر كلما خاصة لاستقبالهم الرئيس وتفويتهم الفرصة على الحركات المتمردة مؤكدة حرصها التام على أمن وسلامة مواطنيها وإنفاذ توجيهات الرئيس بتوفير كل ما يحتاج إليه النازحون من أمن وتنمية واستقرار بمناطق العودة الطوعية. وقد افتتح الرئيس السوداني بمدينة الجنينة بولاية غرب دارفور عددا من المشروعات شملت الهبة الكبرى للتعليم والتي تستهدف بناء وتأهيل عدد من المدارس الثانوية ومدارس الأساس بجانب تزويد المحليات بمعينات الإجلاس والكتاب المدرسي بتكلفة 37 مليون جنيه، و3 جسور بتكلفة 97 مليون جنيه ومبنى بنك السودان وقاعة بجامعة الجنينة، والمبنى الجديد لديوان الزكاة، وأكاديمية الأطر الصحية، وطريق المطار، وصالة كبار الزوار، ومركز أبحاث الملاريا ودشن 20 مركزا صحيا، بولاية غرب دارفور. وشهد البشير ختام مشروع الجنينة عاصمة للثقافة السودانية ودشن عددا من المشروعات التابعة له شملت المكتبة المركزية ومتحف السلطان عبدالرحمن بحر الدين والمجمع الثقافي،كما شهد تخريح 1000 كادر مساعدين طبيين ومعاونين صحيين وقابلات، فضلا عن مشاركته في حفل زواج العفاف الجماعي لعدد 140 زيجة في جنوب دارفور . وقدم المتحدث باسم قريضة عبد الله سقف للرئيس عمر البشير مطالب أهل المحلية والتي تضمنت 20 بندا تلخصت في مياه الشرب والكهرباء وتعبيد ورصف الطرق والمنشآت الصحية وإنشاء صندوق لتنمية قريضة . وقال أبوبكر أبو عبد الله ممثل نازحي معسكر كلما إن الزيارة تأتي في ظل الأمن الذي تشهده دارفور في أعقاب قرار جمع السلاح.. معربا عن سعادة النازحين بهذا القرار ودعمه بقوة ووقوف ومساندة نازحي المعسكر مع توجهات رئاسة الجمهورية. وقال رئيس هيئة الأحزاب والحركات الموقعة على السلام بولاية جنوب دارفور كمال مصطفى إن زيارة البشير لمحلية شطايا لها أهمية خاصة حيث تم فيها التصالح المجتمعي بين مكوناتها وعاد إليها أكثر من 23 ألفا من النازحين طواعية وأقامت الدولة فيها مؤسسات العدالة من شرطة ونيابة وقضاء.. مشيرا الى أن زيارة معسكر كلما تأتي بعد أن أحدثت حكومة جنوب دارفور اختراقات مهمة داخله وخلقت علاقات جيدة مع قاطنيه . من جانبه أكد رئيس المكتب التنفيذي للإدارة الأهلية بجنوب دارفور التوم الهادي أن الزيارة جاءت في وقت مناسب ويستبشر بها المواطنون خيرا في مجال التنمية.. مشددا على أن الوضع هادئ ومستقر تماما وأن الهم الوحيد الآن هو جمع السلاح.. مشيرا إلى أن الولاية انتظمت فيها عملية تنمية كبيرة ومشهودة في مختلف المجالات . وأكد والي ولاية جنوب دارفور آدم الفكي سعادة جماهير الولاية بزيارة الرئيس.. مبشرا المواطنين بتنفيذ حكومته لعدد من مشروعات التنمية والخدمات بعد استتباب الأمن والاستقرار الذي تشهده الولاية. وقد دعا الرئيس السوداني عمر البشير في لقاءات جماهيرية حاشدة بولايتي غرب وحنوب دارفور مواطني الولايتين إلى رفع شعار ولاية بلا نازحين أو لاجئين.. موجها والي الولاية بعمل خطة إسكانية لاستيعاب المستحقين من المواطنين والنازحين . وأكد البشير مضي الدولة في بسط الأمن وجمع السلاح وتقنينه والعمل علي رتق النسيج الاجتماعي والتعايش السلمي ..متعهدا بفرض هيبة الدولة وتقنين العربات غير المرخصة وإكمال المشروعات التنموية والخدمية .. وطالب البشير مواطني دارفور عامة بالعمل علي بناء السودان ولعن الشيطان والعيش في سلام حتى تعود دارفور لسيرتها الاولى . وأكد الرئيس السوداني التزام الحكومة بالعمل على إعادة دارفور إلى أفضل مما كانت عليه قبل الحرب وقدرة الدولة على بسط الأمن وحماية المواطنين في الإقليم.. مشددا على ضرورة المحافظة على الأمن حتى تستمر عملية التنمية وجدد البشير التزام الرئاسة بإكمال مشاريع البنى التحتية والطرق والكباري والمياه والكهرباء داعيًا للالتزام بجمع السلاح. وحمَّل البشير، التمرد مسئولية تعطيل مشاريع التنمية منذ عام 2003.. وقال إن الحكومة وقعت حينها على عقود لتوفير المياه بالإقليم مع 21 شركة إلا أن المتمردين نسفوا هذه الجهود وعطلوا المشاريع التنموية لمدة 14 عامًا. وتعهد البشير، بإكمال مشاريع الطرق التي تربط نيالا بكل مدن جنوب دارفور وإنشاء الكباري على وادي نيالا لربط المدينة بأطرافها، وتكملة مشاريع الكهرباء والتعليم والمياه ضمن برنامج (زيرو عطش) ..داعيًا للاهتمام بالرعاية الصحية الأولية وصحة المرأة والطفل . وطالب بتحقيق المصالحة بين كل قبائل ومكونات دارفور باعتبار أن السلم الاجتماعي والأمن من أهم مقومات التنمية داعيًا للاهتمام بالنازحين وإعادتهم إلى مناطقهم الأصلية وتوفير الحياة الكريمة لهم والقضاء على ظاهرة تلقي الإعانات والإغاثات من الخارج. وشدد البشيرعلى ضرورة الالتزام بالتجاوب مع حملة جمع السلاح في مرحلتها الطوعية- في إشارة لمرحلة لاحقة لجمع السلاح- مطالبا المرأة بدارفور بالمساعدة في جمع السلاح ومنع الأزواج والأبناء من إخفاء ودفن الأسلحة. وحذر الرئيس من عواقب عدم تسليم السلاح طوعًا.. وقال إن السلاح يجب أن يظل بيد الحكومة فقط وأنها قادرة على تطبيق القانون وحماية الجميع، مشيرًا للتعاون بين القوات المسلحة والشرطة والأمن والدعم السريع في حفظ الأمن بدارفور. وأكد البشير التزامه بتطبيق الوعود الانتخابية السابقة، وأن الخيارات مفتوحة أمام الناخبين في انتخابات 2020 لانتخاب من يمثلونهم، وقال "لسنا تجار أصوات ولا نكذب على الناس"، مشددا على التزام الحكومة بتطبيق اتفاقيات سلام دارفور في أبوجا والدوحة، والعمل على إعادة إعمار كل ما دمرته الحرب بولايات دارفور. ووجه البشير، ولاة ولايات دارفور بتوفير الأراضي لإعادة توطين النازحين حسب رغبتهم، داعيًا الجميع للتعاون لحل قضايا النازحين، متعهدا بالتزام الدولة بتوفير كل مقومات الحياة لهم، وحل مشاكلهم وتنفيذ مطالبهم وتوفير الأمن والخدمات لقرى العودة الطوعية وتمكينهم من استعادة أراضيهم ومزارعهم. وقال إن زيارته لمعسكر كلما تأتي في إطار رغبته للقاء النازحين والسماع إلى مطالبهم، مؤكدا أنه سيرد لهم حماسهم في استقباله، موجها ولاة دارفور والمعتمدين بتنفيذ مطالب النازحين في العودة وتمليك أراض سكنية للذين لا يرغبون في العودة . ودعا المرأة والشباب في المعسكرات إلى الاطلاع بدورهم في الاستقرار والأمن للمساعدة في انطلاق عمليات التنمية والإعمار ورتق النسيج الاجتماعي والتعايش السلمي.. مطالبا أهالي دارفور بتوحيد الصفوف والتصالح والتعاون في تحقيق السلام وبسط الأمن والاستقرار. واشاد بمواقف القوي السياسية بجنوب دارفور وتوافقها للعمل سويا من أجل تحقيق الأمن والاستقرار وليس للحصول على المناصب ، منوها بأهمية توحيد الأحزاب السياسية ذات البرامج الواحدة مثل حزب الامة الاتحادي الوطني.. وحرص الدولة على العمل علي إزالة آثار الصراع في دارفور و سعادته بالنموذج الذي قدمه أهل شطايا في التعافي والتصالح. وقال البشير، "لا نحتاج إلى الإغاثة من الخارج، ونسعى لإقامة مشروعات التنمية وتقديم الخدمات للنازحين فورًا، ونحن مع آخر نازح يعود إلى منزله ومزرعته مع توفير كل الخدمات" وشهد إقليم دارفور الذي يتكون من 5 ولايات،نزاعًا مسلحًا بين الجيش السوداني ومتمردين منذ عام 2003، خلف نحو 300 ألف قتيل، وشرد قرابة 2.5 مليون شخص، وفقًا لإحصاءات الأممالمتحدة.