نظر الباحثون إلى التفاؤل والتشاؤم من زوايا مختلفة وقسموا التفاؤل إلى واقعي وغير واقعي، أما التفاؤل الواقعي أو الإيجابي فإنه أحد المبادئ الاساسية للدافعية، لأنه اتجاه عقلاني إيجابي نحو إمكانياتنا الفردية أو الجماعية، وهو يهيء الظروف للنجاح من خلال التركيز على القدرات والفرص. ويفسر المتفائل الديناميكي الخبرات بشكل إيجابي ما يؤثر على النتائج بصورة إيجابية أيضًا. وتظهر أهمية التفاؤل الواقعي في وقت تكثر فيه المشكلات التي يتعرض لها الفرد، الأمر الذي يجعل الروح الانهزامية تسيطر على تصرفاته، وهنا يأتي التفاؤل كدافع نفسي يُخرج الفرد من تلك الانهزامية. ولهذا النوع من التفاؤل فوائد كثيرة فهو يرفع نظام مناعة الجسد ضد جميع الأمراض، ويمنحك القدرة على مواجهة المواقف الصعبة واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، كما أنه يجذب الناس إليك فالبشر يميلون بشكل طبيعي إلى المتفائل وينفرون من المتشائم، ويجعلك هذا التفاؤل أكثر مرونة في علاقاتك الاجتماعية وأكثر قدرة على التأقلم مع الوسط المحيط بك، وتستطيع العيش معهم في سعادة. والتفاؤل مريح لعمل الدماغ، فحينما تفكر عشر ساعات وأنت متفائل، فإن الطاقة التي يبذلها دماغك أقل بكثير من أن تجلس وتتشاءم لمدة خمس دقائق فقط، وهذه حقيقة علمية أثبتها العلماء حديثًا.
ويعتبر التفاؤل جزء من الإيمان، فالمؤمن يفرح برحمة ربه، ولو لم يفعل ذلك ويئس فإن إيمانه سيكون ناقصاً، فانظروا إلى سيدنا يعقوب الذي ضرب أروع الأمثلة في التفاؤل، فابنه يوسف قد أكله الذئب كما قالوا له، وابنه الثاني سَرَق وسُجن كما أخبروه، وعلى الرغم من مرور السنوات الطويلة إلا أنه لم يفقد الأمل من رحمة الله تعالى، وكان رد فعله كما قال سبحانه وتعالى: "يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ" [يوسف: 87]
التفاؤل غير الواقعي. بالرغم من تعدد الصور الإيجابية العامة التي يحظى بها المتفائلون إلا أن بعض الباحثين أطلقوا إشارات تحذير فيما أسموه بالتفاؤل الغير واقعي، وهو تفاؤل لا يبرره منطق أو خبرة سابقة ومن الممكن أن يعمي صاحبه عن رؤية المخاطر المحتملة ويؤدي به إلى تجاهل المشاكل الصحية التي يمكن أن يمر بها تفاؤلا منه بمستقبل أفضل، مما قد يستعصي بعدها علاجه من بعض الأمراض التي تحتاج إلى علاج مبكر، أو يؤدي بصاحبه إلى توهم القدرة على أداء بعض المهام والحركات الخطرة، لأن هذا النوع من التفاؤل هو شعور الفرد بقدرته على التفاؤل إزاء الأحداث دون مبررات منطقية أو وقائع أو مظاهر تؤدي إلى هذا الشعور، ما قد يتسبب أحيانا في حدوث النتائج الغير متوقعة، وبالتالي يصبح الفرد في قمة الإحباط.
والتفاؤل الغير واقعي هو أيضا تفاؤل المتحفز أو التفاؤل الذي لا تسوغه المقدمة أو الوقائع مما يعرض الإنسان للمخاطر الصحية أو الذاتية لمواجهة الأحداث السيئة، فالتفاؤل غير الواقعي قد يتنبأ المرء عن طريقه بالمشكلات الصحية بنسبة بنسبة 31.8 %، إلا أنه يزيد من معدلات الإصابة بالأمراض.
وهناك العديد من المفاهيم المرتبطة بالتفاؤل مثل الأمل والسعادة، ولكن هناك فرق بين كل منهم إلا أنه لوحظ استخدام هذه المصطلحات وخاصة التفاؤل والأمل بصورة تبادلية في الأدبيات، باعتبار أن التفاؤل هو الأمل في المستقبل وأن التشاؤم هو عدم الأمل أي اليأس: والسعادة هي حالة من المرح والهناء والإشباع تنشأ من إشباع الدوافع، لكنا لا تسمو إلى مستوى الرضا النفسي، وهي بذلك وجدان يصاحب تحقيق الذات ككل، والسعادة واحدة من العواطف السبعة الكبرى والتي تشمل الدهشة والخوف والغضب والحزن والحقد والاشمئزاز. والسعادة أيضا هي شعور بالبهجة والاستمتاع، وهو شيء يتعدى ويسمو على مجرد الخوض في تجربة تعكس ذلك الشعور، فهي حالة تجعل الشخص يحكم على حياته بأنها جميلة ومستقرة وخالية من الآلام والضغوط من وجهة نظره على الأقل. والسعادة أنواع، فهي إما سعادة قصيرة مرتبطة بموقف معين، أو سعادة طويلة ترتبط بسلسلة من محفزات لاسعادة القصيرة وتجدد باستمرار لتعطي الإيحاء بالسعادة الأبدية.
ومن متطلبات السعادة التمتع بالصحة الجيدة، والدخل الاقتصادي الكافي لمواجهة الاحتياجات الأساسية من مأكل ومشرب وملبس، ووجود عاطفة في حياة الإنسان، أو إنشغاله بعمل منتج أو نشاط يحبه وأن يرتبط هذا العمل أو النشاط بهدف محدد قابل للتحقيق.
أما الأمل فهو قوة دافعة تشرح الصدر للعمل، وتخلق دواعي الكفاح من أجل الواجب، وتبعث النشاط في الروح والبدن، وتدفع الكسول إلى الجد، والمجد إلى المداومة على جده، كما أنه يدفع المخفق إلى تكرار المحاولة حتى ينجح، ويحفز الناجح على مضاعفة الجهد ليزداد نجاحه. ويكفي القول أن الأمل لابد منه لتحقيق التقدم في كل المجالات، فلولا "الأمل خبز البؤساء" وإنّما هو خبز الأقوياء العاملين، أمّا خبز البؤساء فقد يكون التمنّي، فلتكن مع الذين يؤمنون بأنه عندما لا يبقى أمل لابد ألا تفقد الأمل، لأن الأمل وبكل بساطة هو سر الحياة، وأمّا التفاؤل فهو الاستبشار بقول أو بفعل، وهو وثيق الصلة بالأمل، فالانسان الآمل وهو يتحرك باتجاه أمله يتفاءل بتحقيق الأمل المنشود.