نولد صغارًا حجمًا وعقلًا، لا نفقه شيئًا في الدنيا، نتعلم المشي والحركة والنطق والكلام على أيدي من أحبونا من قبل أن نعرفهم، تتفتح مداركنا على معنى الحُب الغير مشروط، الحب الغير مُنتهى صلاحيته وِفق مصلحته، ثم نكبر لعالمِ غير سوي ولا نقي، تشوبه صراعات شتى، أولها يأس واَخرها خيانة، فتُخلط كل مشاعرنا بعناصر ناقصة و هشة وضئيلة من كل شيء، فنقرر ألا نُحب أحدًا بصدق لأننا نعلم أنه سوف يخون ولا نقترب من أحدِ عن إرادة لأننا نعلم إننا سنفترق، يتملكنا خوف مُنقطع النظير، و إحباط يجعلك ألا تسير إلا وحيدًا في الطرقات. ولكننا لم ننتبه لحقيقة الأمر أن هذا كله سيجعلنا نُمل من حياتنا، ولا نرى فيه شيئًا واحدًا مُبهجًا ولا نستمد طاقة لتنير لنا الطرقات، فالله خلق لنا مبدأ المُشاركة، كما لم يخلق اَدم وحيدًا، خلق لنا مسيرة حسنة لا يعلمها سواه، منها السهل المُبسط ومنها الضيق والوعر، فالسهل جعله لتشكره فيزيدك من فضله و خيره، ألم يقل في كتابه الحكيم "ولئن شكرتم لأزيدنكم" ؟ وزرع روحك في المشقة والصعاب كي تزيد من قوتك وتدوم في ذِكراه، ألم يوعدك برزقك الكريم بعد ؟ وبشرك في كتابة الحكيم وقال لك "وفي السماء رزقكم وما توعدون" ؟! الوحدة تجعلنا ألا نعرف أنفسنا، ألا نختبر حزنها وفرحها، تصيب الروح بصمت غريب يميت بهجة الروح، ويجعلها تتوه في أبدية السكوت إلى وقتِ غير مُحدد الزمان ولا المكان. أبتعد عنها ولا تجعل مفاهيمك تُذبل وتختلط بكل ما أزاحته جدية الواقع عن أعينا، لا تفقد المعنى الحقيقي للصداقة و الأمومة و الأبوة، ثلاث معانِ لا يفتقدها إلا كل تائه حزينِ. فالصداقة الحقيقية هي كل ما يزيح من عبء يومك، هي كل ما تحتاجه لتسقي روحك بالراحة والاطمئنان، لأنك تعلم حينها أنك لست وحدك، وأن هناك شخص ما يحبك كما تحبه ويشاركك كل لحظاتك التي تحبها والتي أيضًا تخشاها، يربط على كتفك ويأخذ بيدك من قبل أن تطلب تواجده، مَن يسبقك على عتبة نجاحك كي يصفق لك، ومَن يسبقك على عتبة سقوطك كي يحملك ويدفعك كي لا تقع، ومَن يسبقك على عتبة مخاوفك كي يشد بيدك ويدعمك قبل أن يتملكك الخوف و تسقط في قاعه ولا تستطيع الوقوف بعد، الصداقة الحقيقية لم تنشأ على المصلحة والفائدة، ولا تنشأ على "هات" و "خُد"، الصداقة هي النوع الأول من الحُب، هي العطاء بلا مُبرر ولا شروط ولا احتياج لمردود الجمائل. أمًا عن الأمومة فهي بذرة الحنان والطيبة والتسامح التي خلقها الله على أرضه، وتركها كي تُنبت أرواحًا نقية وطيبة ومعطاءة، كذلك الأبوة، حبات السند والظهر والأمان والدعم والشجاعة التي تتجرعها دون أن تشعر، أبحث عنهم جيدًا في والدك و والدتك، تعلمها منهم وتصدق بهم لمَن حولك، تعود أن تتصدق بالمحبة دومًا قولًا و فعلًا. يظل الإنسان ممتلئًا بكل تلك المعاني الجميلة حتى يصطدم بواقع لا يرغبه مع ذئاب بشرية تجعله لا يعترف بتلك المعاني ولا يصدقها، ولكنك يجب أن تحافظ عليهم ولا تسمح لأحدِ أن يبترهم من روحك، أشحن طاقتهم كلما قلوا منك بفعل المواقف المميتة والواقع المُصدم، تقرب دومًا من أمك و تذوق حنانها، وتعلق بوالدك وبمواقفه وشجاعته وإقدامه، وإن توفى أحدهما، أبحث عن مَن يفيض بمثل حنانها وشجاعته، فهناك أناس يُقدرون ذلك الشعور جيدًا وستجدهم حولك إن بحثت جيدًا كجدك أو كجدتك أو ثمة شخص اَخر مُتخفيًا في ثوب أحد من أصدقائك أو أقاربك يعطي بلا حساب، أوجد أناس تظل معهم كالطفل الضاحك والمُستبشر الذي لا يعرف العالم ولا يدرك مصائبه وأزماته. تعلم دومًا أن تحب ثبات الوجود، حتى وإن كانت تلك كذبة تعيش عليها، لكنها هي الكذبة الوحيدة التي ستدفعك لكي تعيش في سعادة وأمان و شجاعة وإقدام، تعلق بمن هم زهرة وجودك، تعلق فيهم بطفولتك، فالإنسان مهما كَبر يظل بداخله طفلًا لن يمت، طفل يسميه البعض براءة، يقتله البعض ظنًا منهم أن هذا هو النضج في أوج مراحله، ولكنهم تناسوا أن في الطفل صدق وجراءة لا مثيل لها، يكره دومًا الوحدة والوحشة، حين يريد شيئًا يُركل من أمامه كي يصل إليه، إذ أحب شيئًا لا ينافقه ولا يبيعه، يسير غائبًا ومُسيرًا على نهجه، لا يعرف أبجديات القبح والكراهية في مسيرته، لا ينطق بغير محبته، يتلعثم في وجوده وتُلمع عيناه شغفًا به، يفرح بقربه، ويحزن ببعده، يُركل كل مَن يلهيه عنه، كي يخطو مُدللًا في وطنه. ___________________________________________________________ نولد صغارًا حجمًا وعقلًا، لا نفقه شيئًا في الدنيا، نتعلم المشي والحركة والنطق والكلام على أيدي من أحبونا من قبل أن نعرفهم، تتفتح مداركنا على معنى الحُب الغير مشروط، الحب الغير مُنتهى صلاحيته وِفق مصلحته، ثم نكبر لعالمِ غير سوي ولا نقي، تشوبه صراعات شتى، أولها يأس واَخرها خيانة، فتُخلط كل مشاعرنا بعناصر ناقصة و هشة وضئيلة من كل شيء، فنقرر ألا نُحب أحدًا بصدق لأننا نعلم أنه سوف يخون ولا نقترب من أحدِ عن إرادة لأننا نعلم إننا سنفترق، يتملكنا خوف مُنقطع النظير، و إحباط يجعلك ألا تسير إلا وحيدًا في الطرقات. ولكننا لم ننتبه لحقيقة الأمر أن هذا كله سيجعلنا نُمل من حياتنا، ولا نرى فيه شيئًا واحدًا مُبهجًا ولا نستمد طاقة لتنير لنا الطرقات، فالله خلق لنا مبدأ المُشاركة، كما لم يخلق اَدم وحيدًا، خلق لنا مسيرة حسنة لا يعلمها سواه، منها السهل المُبسط ومنها الضيق والوعر، فالسهل جعله لتشكره فيزيدك من فضله و خيره، ألم يقل في كتابه الحكيم "ولئن شكرتم لأزيدنكم" ؟ وزرع روحك في المشقة والصعاب كي تزيد من قوتك وتدوم في ذِكراه، ألم يوعدك برزقك الكريم بعد ؟ وبشرك في كتابة الحكيم وقال لك "وفي السماء رزقكم وما توعدون" ؟! الوحدة تجعلنا ألا نعرف أنفسنا، ألا نختبر حزنها وفرحها، تصيب الروح بصمت غريب يميت بهجة الروح، ويجعلها تتوه في أبدية السكوت إلى وقتِ غير مُحدد الزمان ولا المكان. أبتعد عنها ولا تجعل مفاهيمك تُذبل وتختلط بكل ما أزاحته جدية الواقع عن أعينا، لا تفقد المعنى الحقيقي للصداقة و الأمومة و الأبوة، ثلاث معانِ لا يفتقدها إلا كل تائه حزينِ. فالصداقة الحقيقية هي كل ما يزيح من عبء يومك، هي كل ما تحتاجه لتسقي روحك بالراحة والاطمئنان، لأنك تعلم حينها أنك لست وحدك، وأن هناك شخص ما يحبك كما تحبه ويشاركك كل لحظاتك التي تحبها والتي أيضًا تخشاها، يربط على كتفك ويأخذ بيدك من قبل أن تطلب تواجده، مَن يسبقك على عتبة نجاحك كي يصفق لك، ومَن يسبقك على عتبة سقوطك كي يحملك ويدفعك كي لا تقع، ومَن يسبقك على عتبة مخاوفك كي يشد بيدك ويدعمك قبل أن يتملكك الخوف و تسقط في قاعه ولا تستطيع الوقوف بعد، الصداقة الحقيقية لم تنشأ على المصلحة والفائدة، ولا تنشأ على "هات" و "خُد"، الصداقة هي النوع الأول من الحُب، هي العطاء بلا مُبرر ولا شروط ولا احتياج لمردود الجمائل. أمًا عن الأمومة فهي بذرة الحنان والطيبة والتسامح التي خلقها الله على أرضه، وتركها كي تُنبت أرواحًا نقية وطيبة ومعطاءة، كذلك الأبوة، حبات السند والظهر والأمان والدعم والشجاعة التي تتجرعها دون أن تشعر، أبحث عنهم جيدًا في والدك و والدتك، تعلمها منهم وتصدق بهم لمَن حولك، تعود أن تتصدق بالمحبة دومًا قولًا و فعلًا. يظل الإنسان ممتلئًا بكل تلك المعاني الجميلة حتى يصطدم بواقع لا يرغبه مع ذئاب بشرية تجعله لا يعترف بتلك المعاني ولا يصدقها، ولكنك يجب أن تحافظ عليهم ولا تسمح لأحدِ أن يبترهم من روحك، أشحن طاقتهم كلما قلوا منك بفعل المواقف المميتة والواقع المُصدم، تقرب دومًا من أمك و تذوق حنانها، وتعلق بوالدك وبمواقفه وشجاعته وإقدامه، وإن توفى أحدهما، أبحث عن مَن يفيض بمثل حنانها وشجاعته، فهناك أناس يُقدرون ذلك الشعور جيدًا وستجدهم حولك إن بحثت جيدًا كجدك أو كجدتك أو ثمة شخص اَخر مُتخفيًا في ثوب أحد من أصدقائك أو أقاربك يعطي بلا حساب، أوجد أناس تظل معهم كالطفل الضاحك والمُستبشر الذي لا يعرف العالم ولا يدرك مصائبه وأزماته. تعلم دومًا أن تحب ثبات الوجود، حتى وإن كانت تلك كذبة تعيش عليها، لكنها هي الكذبة الوحيدة التي ستدفعك لكي تعيش في سعادة وأمان و شجاعة وإقدام، تعلق بمن هم زهرة وجودك، تعلق فيهم بطفولتك، فالإنسان مهما كَبر يظل بداخله طفلًا لن يمت، طفل يسميه البعض براءة، يقتله البعض ظنًا منهم أن هذا هو النضج في أوج مراحله، ولكنهم تناسوا أن في الطفل صدق وجراءة لا مثيل لها، يكره دومًا الوحدة والوحشة، حين يريد شيئًا يُركل من أمامه كي يصل إليه، إذ أحب شيئًا لا ينافقه ولا يبيعه، يسير غائبًا ومُسيرًا على نهجه، لا يعرف أبجديات القبح والكراهية في مسيرته، لا ينطق بغير محبته، يتلعثم في وجوده وتُلمع عيناه شغفًا به، يفرح بقربه، ويحزن ببعده، يُركل كل مَن يلهيه عنه، كي يخطو مُدللًا في وطنه. ___________________________________________________________