خروج عن المسار العربي للشرود نحو الهاوية، هكذا عمدت قطر بسياساتها المتخبطة وقراراتها غير المسئولة لتنم عن مراهقة سياسية وأمنية لم تعهدها المنطقة العربية من قبل. مكابرة وعناد يبدوا أن العقل القطري الغائب إكلينيكيا عن الواقع، يتجه نحو مزيد من المكابرة والعناد عبر تلميحات برفض مطالب الدول المقاطعة للنظام القطري بوقف السياسات الداعمة لقوى الشر وتمويل جماعات الإرهاب، حتى أن الأمر تخطى دفاع قطر عن مواقفها إلى اعترافها قولا وتصريحا عبر وزير خارجيتها بأنها ضمن قائمة الدول التي تدعم جماعات إرهابية. وزير الدولة لشئون الخارجية الإماراتية "أنور قرقاش" ألمح إلى أن دول المقاطعة ستمضي نحو تطبيق مزيد من الضغوط الاقتصادية على قطر حال رفضها للمطالب. عزل خليجي شامل واستقراء للأوضاع الحالية، يبدوا أن الضغط لن يتوقف على القطاع الاقتصادي فقط، وإنما يمتد إلى عضوية قطر في المؤسسات والمنظمات الدولية وقطع أواصر علاقاتها بدول العالم. دول المقاطعة الخليجية، السعودية والإمارات والبحرين، بما تملكه من ثقل خليجي وتأثير على أشقائها حتما ستبادر بتجميد عضوية قطر بمجلس التعاون الخليجي، وما يترتب على ذلك من تجميد للعضوية القطرية في الاتحاد الجمركي لدول الخليج وخسارة مميزات اقتصادية كبيرة تتمتع بها الدويلة الشاردة. ما يساعد في الدفع نحو تلك الخطوة، انضمام الكويت التي تلعب حاليا دور الوسيط إلى خط المواجهة بعد إصرار قطر على إحراجها للمرة الثانية، الأمر الذي دفع الكاتب الصحفى أحمد الجار الله، رئيس جريدة السياسية الكويتية للتنبؤ أو ربما الجزم بأن الكويت ستنضم إلى الدول الأربع حال رفض «قطر» المبادرة التي أطلقتها والتي من شأنها أن تعود الدوحة مرة أخرى إلى محيطها الخليجي والعربي. هل تلفظ الجامعة العربية قطر ؟ ولأن الموقف القطري الداعم للإرهاب يمتد خطرة إلى دول عربية غير خليجية مثل مصر وليبيا وتونس، فربما تبادر تلك الدول إلى ما هو أبعد من تجميد عضوية قطر خليجيا، حتى تطالب بتجميد عضويتها في الجامعة العربية لتصبح وصمة عار تاريخية تلاحق الأسرة الحاكمة في قطر، في حال طُرح الأمر فقط للمناقشة دون التنفيذ. فالحديث عن محاكمة قطر عربيا عبر طرح الحوار حول تأديبها، ووضعها في دور المتهم أو الطفل المخطئ أمام أشقائه كفيل بأن يضعها في حجمها الحقيقي أمام نفسها. إرهاق قطر دوليا من خلال المطالبة بتعويضات أما ما يمكن أن تتجه إليه مصر وليبيا ودولا أخرى بالمنطقة، حول مطالبة قطر بتعويض عن الخسائر التي لحقت بها إقتصاديا بسبب هجمات الإرهاب التي تقف وراءها قطر، سيلقي بالدوحة في دوامة الملاحقة القانونية وغياهب المحاكم الدولية لفترات بعيدة من الزمن. كل خطوة تصعيدية تجاه قطر سترهق كاهل تميم الضعيف، والاستقواء بتركيا وإيران لن يطول أمام إصرار عربي واضح على تصفية منابع الإرهاب بالمنطقة. خسارة تنظيم «المونديال» ضربة قاصمة الأمر يبدو جديا وإن خفي ذلك على القطريين أنفسهم.. قطر تنفق يوميا 50 مليون دولار على الإنشاءات الخاصة باستضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، الحلم الذي عاشت وتعيش من أجله تلك الدويلة لترى نفسها مرة واحدة على خريطة العالم من خلال حدث دولي لا يتكرر سوى 4 سنوات. وبدلا من أن تستجلب قطر رضاء وعون العرب لمساعدتها في ذلك، ظنت أن بمقدورها أن تمضي وحيدة نحو تحقيق ذلك، فأعلنت شركات غربية كبرى نيتها الخروج من قطر عبر تأزم الأوضاع مع أشقائها. الدول العربية أيضا ستخرج بما تملكه من استثمارات وشركات إنشائية تعمل في مشاريع المونديال من قطر، لتتعرى تلك الدويلة وتسقط عنها عباءة القوة التي تصدرها خدعة للعالم. هجرة العمالة والخبرات 2.5 مليون شخص يعيشون في قطر، لا يحمل منهم الجنسية القطرية سوى أقل من ثلث المقيمين بها، بينما تتنوع باقي الفئات بين عمال ومهنيين ووافدين ومستثمرين، وفي حال قرت الدول العربية مثل السعودية والإمارات والكويت استقطاب العمالة المصرية المتواجدة في قطر للعمل بها بمميزات أفضل من الممنوحة لهم في قطر. عندئذ لن يستقيم واقع الاستثمار في قطر وستقع الدوحة في معضلة كبرى بعد إغلاق كبرى شركاتها، خاصة إذا ثخنت تلك الدول في تأديب قطر واستقطبت أصحاب المهن النادرة وذوي الخبرات من الأجانب. الأمور المطروحة على مائدة دول المقاطعة كثيرة، وللتأديب وجوه عدة وصفحات ستتقلب بين أيادي وزراء خارجية مصر والسعودية والإمارات والبحرين في القاهرة غدا الأربعاء، لتجني الدوحة حصاد ما زرعت، وليعلم تميم أن اللعب بنار إيران لن تحرق غيره، وأن الأموال القذرة لن توسخ سوى عقاله.