رفيدة مصطفى يكتب : خواطر إنسان

خواطر إنسان
عندما أسير في الشارع .....وأنظر في أعين الناس .....منهم رجل .. شاب ..امرأة
.. طفل .. مسن ...كلا منهم مليئة عينه بطرق ليس لها حدود ....وأرى أنهم لا يعرفون إلى أين يتجهون ...لكنهم يعرفون أنه قد يكون الطريق إلى المجهول ...وأشعر أيضا بمشاكلهم وهمومهم وأتمنى لو أتحدث مع كل واحد فيهم ....وأعرف منه فيم يفكر ..أتمنى لو استطيع أن أساعد كل واحد منهم .
فهناك الطفل ....الذي يبيع المناديل ...وفى عينيه نظرات الخوف والتعب والمشقة ...وكأنما يسأل بعينيه ...هل ذنبي أنى طفل ...هل ذنبي أن ليس لي أب أو أم أو مأوى ...ألا استحق منكم نظرات العطف والحنان ....ألا استحق منكم المساعدة ....ألا استحق منكم أن تعرفوا أنى مجرد ...مجرد ....مجرد طفل .
وأرى كم من الدموع الحبيسة في عينيه ....والتي تجف قبل أن تنهمر ...من القساوة التي تعانيها عينيه ....تلك العينين التي أرى منها أيضا النظرات المتشتتة ...فمنها ما ينظر إلى امرأة قد يعتبرها أمه ..ومنها ما ينظر إلى طفل مع أبيه يرجو أن يكون مثله ....ومنها ما ينظر إلى طفل ذاهب إلى مدرسته ويحلم أن يذهب مثله .....ومنها ما ينظر إلى محل ملابس ...وينظر إلى ملابسه ويتخيل تلك الملابس عليه ...ومنها ما ينظر إلى مطعم تفوح منه روائح أشهى الأكلات في حين أن معدته تتقطع جوعا والتي يشبعها لو بقطعة خبز أو شربة ماء .....منها ما ينظر من وراء سور نادي إلى أطفال يلعبون ويمرحون وسط أسرهم وهو ينظر إليهم مبتسما لما يحدث بينهم من مرح ويتخيل للحظة أنه معهم ولكنه يفيق على عكس ذلك ....ومنها ما ينظر عاليا إلى السماء الواسعة ربما متأملا وآملا غدا أفضل له ....أو ربما متأملا لها خوفا من حلول الظلام الدامس الذي يشعر فيه بالرعب والخوف والوحدة آملا انتهاء ذلك الليل بسرعة .......ويذهب لينام أسفل كوبري أو بجوار رصيف....عينه وجسمه نائمان ....ولكن هيهات إن نظرت إليه بتمعن ستجد عقله مستيقظ ....ويمر ليله على تلك الحال .... حتى يتنفس الصبح ...ويعيد نفس الطريق ...الذي هو طريق إلى مجهول ....وأنا استكمل طريقي ...فهناك الكثير والكثير من الأعين الأخرى المليئة بطرق عديدة.