28 مايو 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    سعر الذهب فى مصر اليوم الأربعاء 28 مايو 2025 بالتعاملات الصباحية    الإسكان: إزالة التعديات عن 93 فدانا واستكمال مشروعات مدينة ملوي الجديدة    محافظ أسيوط يصدر تعليمات فورية لحل الشكاوى وتحسين الخدمات    وزير الخارجية يتوجه إلى المغرب لبحث تطوير العلاقات    إعلام حوثي: الاحتلال الإسرائيلي شن 4 غارات على مدرج مطار صنعاء وطائرة للخطوط اليمنية    قائد الحرس الثوري الإيراني مهددا أمريكا: سنفتح أبواب الجحيم ونحرق مصالحهم    جدول ترتيب الدوري المصري قبل مباراتي الحسم    تأخر النصر.. كيف تفوق الهلال في ضم علي لاجامي؟    مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في انقلاب ميكروباص بأسيوط    رئيس بعثة الحج: نسعى لتوفير سبل الراحة والرعاية للحجاج خلال إقامتهم بعرفات ومنى    وزير الثقافة: ملتزمون بتوفير بنية تحتية ثقافية تليق بالمواطن المصري    تكريم المغربي يونس ميكري في مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي بدورته السادسة    إعدام ميداني فجري في جيت.. استشهاد الشاب جاسم السدة برصاص الاحتلال داخل منزله    فشل رحلة اختبار صاروخ ستارشيب التاسعة من «سبيس إكس»    الأنباء السورية: حملة أمنية بمدينة جاسم بريف درعا لجمع السلاح العشوائى    الرئيس الإندونيسي: لا علاقات دبلوماسية مع إسرائيل قبل اعترافها بفلسطين    صندوق النقد: مصر تحرز تقدمًا ملموسًا نحو استقرار الاقتصاد    مصر ومؤسسة التمويل السويدية توقعان خطاب نوايا لتعزيز التعاون في الطاقة الكهربائية والنقل المستدام    وزير العمل يشارك في المقابلات الشخصية لبرنامج «المرأة تقود للتنفيذيات»    قرار من «العمل» بشأن التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل الوزارة    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق مخزن بلاستيك بالخانكة| صور    محاسب من سوهاج يحقق حلم والدته ضمن حج الجمعيات الأهلية: حققت لأمي أغلى أمنية    موعد إجازة وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    عيار 18 الآن.. أسعار الذهب اليوم الاربعاء 28-5-2025 في محافظة قنا    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 983 ألفا و890 فردا منذ بداية الحرب    تفاصيل جلسة التحقيق مع آية سماحة في هجومها على مشيرة إسماعيل | صور    «ظافر العابدين»: طارق العريان من أهم المخرجين بالوطن العربي    وزير الدفاع الإسرائيلي: سلاح الجو يهاجم أهدافا فى صنعاء اليمنية    أفضل الأدعية لأول أيام العشر من ذي الحجة    مصر وتشاد تبحثان مستجدات إقامة مشروع متكامل لمنتجات اللحوم والألبان    صحة أسيوط تساهم بالحملة القومية للقضاء على «التراكوما»    باتشوكا يعلن تفاصيل مباراته الودية مع الأهلي قبل المونديال    مدرب مالي يكشف موعد انضمام ديانج للأهلي    رئيس البنك الأهلي يكشف حقيقة عرض الأهلي لضم الجزار.. ومصير أبوجبل    حصاد الدورة الرابعة لأسبوع القاهرة للصورة    إصابة عامل بطلق ناري عن طريق الخطأ بسوهاج    بدء الدراسة بالجامعات الأهلية الجديدة اعتبارًا من العام الدراسي القادم 2025/2026    طريقة عمل البسبوسة في البيت، بأقل التكاليف زي الجاهزة    ريا أبي راشد تكشف سبب اهتمام مصوري مهرجان كان ب نجوى كرم وتجاهل إليسا    رابط نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2025 برقم الجلوس فور ظهورها في بورسعيد    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأربعاء 28 مايو    موعد أذان الفجر اليوم الأربعاء أول أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    عبد الله الشحات: بيراميدز كان يستحق الدعم من رابطة الأندية وتأجيل لقاء سيراميكا.. وهذا سبب تقديمي شكوى ضد الإسماعيلي    قبل فاركو.. كيف جاءت نتائج الأهلي مع صافرة أمين عمر؟    موعد أذان الفجر في مصر اليوم الأربعاء 28 مايو 2025    وجبة كفتة السبب.. تفاصيل إصابة 4 سيدات بتسمم غذائي بالعمرانية    العيد الكبير 2025 .. «الإفتاء» توضح ما يستحب للمضحّي بعد النحر    ما حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟ الإفتاء تحسم الجدل    موعد مباراة تشيلسي وريال بيتيس في نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    مصطفى الفقي: كنت أشعر بعبء كبير مع خطابات عيد العمال    رئيس جامعة عين شمس: «الأهلية الجديدة» تستهدف تخريج كوادر مؤهلة بمواصفات دولية    البلشي يدعو النواب الصحفيين لجلسة نقاشية في إطار حملة تعديل المادة (12) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام    هناك من يحاول إعاقة تقدمك المهني.. برج العقرب اليوم 28 مايو    وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمة العربية بحلول شهر ذي الحجة    تنتهي بفقدان البصر.. علامات تحذيرية من مرض خطير يصيب العين    الاحتراق النفسي.. مؤشرات أن شغلك يستنزفك نفسيًا وصحيًا    حزب الجبهة الوطنية بجنوب سيناء يبحث خطة العمل بأمانة التعليم (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يوقف «الذئاب المنفردة»؟
نشر في صدى البلد يوم 30 - 03 - 2017

"الذئاب المنفردة" مفهوم أطلقه الخبراء والمتخصصون على عناصر متشددة أو متطرفة ترتكب جرائم إرهابية بتنسيق غير مباشر مع تنظيمات إرهابية، بمعنى أن مثل هذه العناصر ترتكب جرائمها عبر تعليمات غير مباشرة وليست محددة من جانب قادة الإرهاب، وعادة ما يكون هذا العنصر المتطرف غير مؤطر حركيًا، أي ليس عضوًا نشطًا بالتنظيم، وربما يكون عضوًا خاملًا، أو ضمن ما يعرف بالخلايا النائمة، التي تنشط في توقيتات محددة من أجل تنفيذ جرائم إرهابية. والملاحظ أن الجرائم التي ارتكبت خلال الفترة الأخيرة في دول أوروبا عدة تحديدًا قد تمت بمعرفة عناصر غير مؤطرة تنظيميًا، بما يجعل مهمة اكتشافها مسألة في غاية الصعوبة بالنسبة لأجهزة الأمن، وهو الأمر الذي تراهن عليه التنظيمات.
جوهر عمل "الذئاب المنفردة" يكمن في الإيحاء بارتكاب الجريمة الإرهابية بشكل عام، ومن دون تحديد أهداف أو مناطق بعينها، بل يتم التحريض على الجريمة بشكل عام عبر "الإنترنت"، بحيث يقوم كل عنصر "متعاطف" أو "خلية نائمة" بالتحرك للتنفيذ وفقًا لهامش الحركة المتاح له، بحيث يحدد الأهداف ويختار مواعيد التنفيذ وأداة الجريمة وفقًا لتصوراته وخبراته الحياتية، ومن دون توجيه مباشر من أي تراتبية تنظيمية، ولكن قد يحدث في بعض الحالات توفير التمويل اللازم والاكتفاء بذلك أو التوجيه نحو أهداف محددة.
في مجمل الأحوال، فإن هذه العناصر هي الأخطر، حتى الآن، بل إن مستوى خطرها يفوق بمراحل العناصر المؤطرة تنظيميًا وحركيًا، وهي عناصر يمكن تتبعها ومراقبة حركاتها واتصالاتها، ولكن من الصعب جدًا اكتشاف المتعاطفين مع الفكر المتشدد، الذين يمكن أن يتحولوا في وقت قصير جدًا إلى عنصر إرهابي يرتكب جريمة كبرى!!
البحث في سجلات المتعاطفين يعني بالضرورة توسعا هائلا في دائرة الاشتباه الأمني، بدرجة قد تصل إلى شرائح واسعة من المسلمين في الدول الغربية مع استبعاد فئات قليلة تمتلك سجلات أمنية معروفة للسلطات، فضلًا عن أن الأمر لا يقتصر على المتعاطفين ولا يقف عندهم، فهناك أيضًا ما يشبه التحالف بين تنظيمات الإرهاب وعصابات الإجرام التقليدية والمجرمين التقليديين، حيث تم استخدام عناصر إجرامية معروفة في ارتكاب جرائم إرهابية أو تسهيلها، وهذا أيضًا أمر مستحدث على صعيد تطور الجريمة الإرهابية.
مع التطور الأمني، يحدث تطور مواز في "تكتيكات" الجرائم الإرهابية، فهناك نوع من السباق الزمني والمعلوماتي والذهني بين الجانبين، فأحيانًا تتفوق السلطات الأمنية عبر عمليات استباقية لاكتشاف الجريمة، وأحيانًا أخرى تستطيع تنظيمات الإرهاب الإفلات من عيون الرقابة والملاحقة وارتكاب جرائمها.
ورغم تفوق النجاحات الأمنية إحصائيا وكميًا، فإن حدوث اختراق للرقابة الأمنية ولو لمرة واحدة كفيل بتحقيق أهداف تنظيمات الإرهاب، التي تمر بمرحلة حصار خانقة، ويكفي أن تنظيم "داعش" يعاني تجفيف مصادر التمويل والتجنيد بشكل غير مسبوق، وبالتالي فهو يسعى إلى مجرد إثبات الوجود وتأكيد مقدرته على تنفيذ عمليات ولو صغيرة، لإثبات الوجود واستمرار الدعم من جانب مناصريه، لاسيما أن التنظيم يضّخم أي عمليات من خلال الدعاية المتطورة التي ينفذها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية التابعة له.
ما يهم المجتمعات والدول الآن، وما يجب أن يحظى باهتمام الباحثين والخبراء والمتخصصين، يتمثل في دراسة ما يمكن تسميته علميًا "طور التحول" أو الفترة الزمنية التي يمر بها العنصر المتطرف كي ينتقل إلى مرحلة الإرهابي الفعلي، وينتقل من مربع التشدد أو التعاطف إلى مربع "الإرهابي المحتمل" ثم إلى "الإرهابي الفعلي"، وبين المرحلتين الأخيرتين قد يكون الفارق الزمني ضئيلًا جدا بحيث يغيب خلال ذلك عن عيون الرقابة الأمنية.
الإشكالية أن العمل الأمني في مرحلة الاكتشاف الاستباقي محاط بعوائق وعقبات كثيرة، لاسيما فيما يتعلق بمجال الحريات وحقوق الإنسان، كما أن هناك صعوبة في الحصول على معلومات دقيقة خلال تلك المرحلة، لأنها غالبًا ما تكون أسيرة داخل عقل أصحابها، ولا تخرج بالضرورة إلى العلن سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو خلال الأحاديث والدردشات العابرة مع الأفراد الآخرين في المجتمع.
تفكيك "شفرة" أو "لغز" تحول إنسان "مسالم"، وفقًا للشواهد الظاهرة للعيان، إلى إرهابي، مسألة في غاية الصعوبة، وأسبابها المجتمعية والفكرية معروفة، وسبق لي ولغيري من الباحثين مناقشتها في مقالات وأوراق عمل ودراسات كثيرة، ولكن الجزئية الأهم الآن تتمثل في كيفية بلورة ما يعرف بآلية إنذار مبكر لاكتشاف العنصر الإرهابي المحتمل؟
هناك عقبات ليست هينة في هذا المجال، منها أن الأمر يتعلق أحيانًا بالنوايا، فالذئاب المنفردة تنتقل من طور الإحساس بكراهية المجتمع أو التعاطف مع الفكر المتطرف، إلى طور ارتكاب جريمة إرهابية ربما في ساعات أو أيام قلائل، ولا تستغرق وقتًا طويلًا لبلوغ مرحلة التنفيذ، لاسيما في ظل وجود تعليمات وتوجيهات ودروس حية عبر الإنترنت عن كيفية ارتكاب جريمة إرهابية بأدوات بسيطة، أو ربما بوسائل انتقال تقليدية مثل الشاحنات والسيارات وغير ذلك، وفي في مجملها أدوات متاحة للغالبية، أو حتى يمكن تأجيرها مثل السيارات!!
الأمر هنا قد لا تكون الأولوية فيه للعمل الأمني، بل لجهود التوعية وتجفيف منابع التطرف والإرهاب، فإدانة الإرهاب من جانب المؤسسات الدينية المعتبرة والموثوقة والتفرقة بينه وبين الدين الإسلامي بشكل واضح وصريح وقاطع من دون وجود أي مساحات التباس أو سوء فهم، مسألة ضرورية جدًا، لا يضاهيها في الأهمية سوى إعلان صريح وواضح بأن هذه التنظيمات لا علاقة لها بالدين الإسلامي، وتوضيح صحيح الدين وموقفه حيال جرائمها وأفكارها.
استباق الذئاب المنفردة واللحاق بأفكارها، مهمة غاية في الإلحاح والأهمية والخطورة، ولكن كيف يتم ذلك؟ سؤال صعب والنقاش وطرح البدائل والحلول فيه مسألة بسيطة، ولكن الأصعب تنفيذ هذه المهمة، لاسيما في ظل الواقع المجتمعي المعقد في كثير من دول العالم، بحيث يبقى السؤال مطروحًا للنقاش: "كيف يمكن وقف موجة "الذئاب المنفردة"؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.