أفتى الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، بجواز صيام مسلمي بعض الدول القريبة من القطبين الشمالي والجنوبي والذين يزيد عدد ساعات النهار عندهم عن 18 ساعة بمقدار ما يصومه أهل مكةالمكرمة من عدد الساعات. وقال «جمعة» خلال لقائه ببرنامج «والله أعلم»، إن المُقتَرَحَ لأهل تلك البلاد أن يسير تقدير الصوم عندهم على مواقيت مكةالمكرمة، حيث إن الله قد عدها أمَّ القرى، والأم هي الأصل وهي مقصودة دائمًا ليس في القبلة فقط، بل في تقدير المواقيت إذا اختلت، أما التقدير بأقرب البلاد فهو تقدير مضطرب جدًّا، بل إنه يُدخِلُ المسلمَ في حَيْرَةٍ أشدَّ مِن حَيْرَتِه الأولى، وعليه فعلي الصائمين في هذه البلاد الأخذ بتوقيت مكةالمكرمة في الصيام. وأضاف أن البلاد التي اختل فيها الاعتدالُ في مواقيت الشمس والقمر حتى أصبح متعذرًا على المسلم الصيام فيها، ترجع إلى التقدير وتترك حينها العلامات التي جعلها الله سببًا للأحكام الشرعية في الصلاة والصيام من فجر وشروق وزوال وغروب وذهاب شفق ونحوها؛ لأن سنة الله تعالى في التكاليف جرت أن تَرِدَ على غالب الأحوال دون ما يخرج على هذا الغالب. وأكد المفتي السابق، أن مسألة الأخذ بالتقدير وترك العلامات لها دليل شرعي، وهو حديث الدَّجّال الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم فيه بالتقدير في الأيام التي يطول ليلها ونهارها حين يصير اليوم كالأسبوع واليوم كالشهر واليوم كالسنة، مضيفًا أن حالة أيام الدجّال هي حالة اختفاءٍ للمواقيت وهي متحققة الآن ولو جزئيًا في مناطق القطبين التي يستمر الليل فيها ستة أشهر والنهار ستة أشهر، ويُلحَق بها حالة اختلال المواقيت في المناطق المقاربة للقطبين أيضًا بجامع عدم انضباط الأسباب المعتادة للعبادة في هذه الحالة. وأشار المفتي السابق، إلى أنه يصعب على الإنسان صيام ثماني عشرة ساعة متواصلة، ويزيد وذلك بقول المختصين الذين يقررون أن الامتناع عن الطعام والشراب طوال هذه المدة يضر بالجسد البشري قطعًا وذلك على المعهود من أحوال البشر وتَحَمُّلِ أبدانهم. وتابع: ولما كان ذلك لا يصح أن يكون مقصودًا بالتكليف شرعًا، فإن المجتهد يجزم بعدم قصد الشارع له أصلًا لأن هذا إما أن يؤدي إلى سقوط تكليف الصوم بالكُلِّيَّة أو الإضرار بالمكلَّف وإيقاعه في الحرج بتعطيل معايشه وشئون حياته، أو نقل عبادة الصوم إلى شهر آخر أقرب إلى الاعتدال إن كان في السنة أوقات يزول فيها هذا الاختلال، وكل ذلك خارج عن حكمة شريعة الصوم. ونوه بأن الشيخ الإمام محمد عبده قد تكلم في هذه المسألة قديمًا، فذكر أن من الفقهاء من جعل التقدير على البلاد المعتدلة التي وقع فيها التشريع كمكة والمدينة ومنهم من جعله على أقرب البلاد المعتدلة.