أكد الشيخ أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، أن جمهور الفقهاء رأوا أن عقد المزايدة صحيح شرعًا إذا تمّ بالشّروط الشّرعية، ومنها الإيجاب والقبول بين البائع والمشتري، وأن تكون السلعة مما يباح التعامل بها شرعًا، وألا يكون فيها قصد الإضرار بأحد. واستشهد «ممدوح» خلال لقائه ببرنامج «فتاوى الناس» بما روي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْأَلُهُ، فَقَالَ لَكَ فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ، قَالَ: بَلَى حِلْسٌ -بساط للأرض أو كساء لظهر الدابة- نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ وَقَدَحٌ نَشْرَبُ فِيهِ الْمَاءَ، قَالَ ائْتِنِي بِهِمَا، قَالَ فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ قَالَ مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا». وأوضح أنه أتي سائل إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وطلب منه مالًا، فسأل الرسول عن أملاكه، فأجابه بأن لديه «حلس وقدح» فعرضهما الرسول -صلى الله عليه وسلم- للبيع فقال مشترٍ آخذهما بدرهم، وآخر قال بدرهمين، فباعهما له، فأخذ العلماء من ذلك صحة بيع المزايدة. يشار إلى أنه ورد في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره الثامن ببندر سيري بيجوان، بروناي دار السلام من 1- 7 محرم 1414ه الموافق 21- 27 (يونيو) 1993م: عقد المزايدة: عقد معاوضة يعتمد دعوة الراغبين نداء أو كتابة للمشاركة في المزاد ويتم عند رضا البائع، يتنوع عقد المزايدة بحسب موضوعه إلى بيع وإجارة وغير ذلك، وبحسب طبيعته إلى اختياري كالمزادات العادية بين الأفراد، وإلى إجباري كالمزادات التي يوجبها القضاء، وتحتاج إليه المؤسسات العامة والخاصة، والهيئات الحكومية والأفراد. وتعد الإجراءات المتبعة في عقود المزايدات من تحرير كتابي، وتنظيم، وضوابط وشروط إدارية أو قانونية، يجب أن لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية. وأجاز العلماء طلب الضمان ممن يريد الدخول في المزايدة، ويجب أن يرد لكل مشارك لم يرس عليه العطاء، ويحتسب الضمان المالي من الثمن لمن فاز بالصفقة، كما أكدوا لا مانع شرعًا من استيفاء رسم الدخول - قيمة دفتر الشروط بما لا يزيد عن القيمة الفعلية - لكونه ثمنًا له. وحرم العلماء النّجش حرام، وذكروا صوره: الأولى أن يزيد في ثمن السلعة من لا يريد شراءها ليغري المشتري بالزيادة، الثانية أن يتظاهر من لا يريد الشراء بإعجابه بالسلعة وخبرته بها، ويمدحها ليغرّ المشتري فيرفع ثمنها، الثالثة أن يدّعي صاحب السلعة، أو الوكيل، أو السمسار، ادّعاء كاذبًا انه دُفع فيها ثمن معين ليدلّس على من يسوم، الرابعة ومن الصور الحديثة للنجش المحظورة شرعًا اعتماد الوسائل السمعية، والمرئية، والمقروءة، التي تذكر أوصافًا رفيعة لا تمثل الحقيقة، أو ترفع الثمن لتغرّ المشتري، وتحمله على التعاقد.