سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موسكو تزيح واشنطن عن عرش الصراع الفلسطينى.. جلسة مصالحة بين فتح وحماس برعاية روسية خلال أيام.. خبراء: بوتين ينوي مواجهة الإرهاب من المنبع.. والتنسيق مع أمريكا «وارد»
* خبراء: * باحث : مصالح روسيا في مواجهة الإرهاب وراء قمة «فتح وحماس» بموسكو * عاكوم: اتفاق «روسي أمريكي» وراء قمة فتح وحماس بموسكو * باحث: موسكو تحاول تحسين صورتها لدى العرب بالمصالحة الفلسطينية يبدو أن الدب الروسي قرر السيطرة على كل ملفات المنطقة مستغلا حالة الفراغ التي خلفها فشل المحور الأمريكي وحلفائه بالشرق الأوسط، فبعد نجاحه فى فرض كلمته على الأزمة السورية وإنهائها بالشكل الذي يريده قيصر روسيا الجديد فلاديمير بوتين، والتي تتعارض بشكل كامل مع النهاية التي تمناها العم سام الأمريكي وحلفاؤه الأوروبيين، بدأ الدب الروسي يتمدد أكثر بملفات الشرق الأوسط المستعلة ليحل رويدا رويدا محل واشنطن ليصبح هو المتحكم الرئيسي فى قضايا المنطقة، خاصة مع اقتراب عهد ترامب بالبيت الأبيض الجديد الذي يري فى بوتين قدوة ومثلأ أعلى. وكانت وكالة "تاس" الروسية للأنباء، أعلنت الاثنين الماضي، أن العاصمة الروسية موسكو ستستضيف اجتماعا لممثلين عن حركتي "فتح" و"حماس" الفلسطينيتين، في 15 يناير الجاري، وهو ما اعتبره مراقبون تطورا طبيعيا للدور الروسي بالمنطقة فى ظل انكماش دور واشنطن. وأوضحت الوكالة أن الاجتماع يأتي في إطار مساعي تحقيق المصالحة بين أكبر حركتين على الساحة الفلسطينية، وذلك بالتزامن مع مؤتمر باريس الدولي للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. الإرهاب دعا روسيا للمصالحة الفلسطينية في البداية، اعتبر إبراهيم الشهابي، الباحث فى العلاقات الدولية، أن رعاية موسكو للمصالحة بين فتح وحماس جاء نتيجة ازدياد قناعات روسيا بأن كل القوى الخليجية والتعاطف القطرى تارة والتركى تارة لم ينتج حلا سياسيا واضحا للأزمة الفلسطينية، خاصة أن مصالح موسكو تتركز فى محاربة الإرهاب الذى تعتبر القضية الفلسطينية هى إحدى ركائز وجوده المعنوى فى المنطقة. وقال "الشهابي"، فى تصريحات خاصة، إن الوصول لحل عادل للقضية الفلسطينية سيؤدى إلى الاستقرار السياسي الذى يؤدى إلى حصار الفوضى التي أدت إلى تنامى الإرهاب، بالإضافة إلى أن موسكو لم تكن يوما ما خارج الشرق الأوسط حتى بعد انتهاء دور الاتحاد السوفييتي، وخلال السنوات الماضية تعزز وجودها نتيجة تشابك أزمات الشرق الأوسط مع القوقاز، والذى يعتبر الفناء الخلفي لروسيا الاتحادية. وبحسب الباحث، فقد أدى تنامي الإرهاب إلى اضطرار روسيا للتداخل أكثر مع أوضاع الفوضى التى جرت فى المنطقة عقب ثورات الربيع العربي، والتى هددت بنمو وانتشار الإرهاب ليمثل تهديد حقيقي للاستقرار فى وسط آسيا والقوقاز. وأضاف أن التواجد الروسي القوي فى سوريا وقبله تداخلها مع الأوضاع فى ليبيا والعراق هو جزء من دور انتزعته موسكو فى المنطقة بعد تدخلها العسكري فى سوريا، وبدأت تتبنى بعدها أطرا سياسية للحل فى سوريا والعراق، وكذلك فى فلسطين والوصول لحل عادل للقضية الفلسطينية، وهذا يأتى فى إطار تصور روسيا أن وقف الفوضى فى الشرق الأوسط هو ضمانة لعدم وصول الفوضى والإرهاب إلى العمق الاستراتيجي لروسيا الاتحادية. مساعٍ روسية تبوء بالفشل من جانبه، أكد فادي عاكوم، الباحث اللبناني بالأزمات الدولية، أن هناك تحولا دراماتيكيا جرى في منطقة الشرق الأوسط من حيث إدارة الملفات، فمعظم الملفات الساخنة انتقلت من الإدارة الأمريكية إلى الإدارة الروسية من خلال اتفاقات متبادلة بين البلدين، وليس عن طريق سحب البساط كما قد يظن البعض. واعتبر "عاكوم"، فى تصريحات خاصة، أن من أبرز هذه الملفات وأكثرها سخونة وتعقيدا الملف الفلسطيني، إذ للروس قدرة تاريخية على التحكم بالقرار الفلسطيني والضغط على الفرقاء لإنجاح مسار سياسي يؤدي إلى التهدئة، علما بأن هذه التهدئة الفلسطينية عن طريق الإدارة الروسية تلتقي مع أهداف الإدارة الأمريكية من ناحية إرساء السلام المؤدي بالتالي إلى إبعاد الخطر من أي نوع عن إسرائيل. وحول نجاح المساعي الروسية وفشل العربية، بالقضية الفلسطينية، أكد الباحث أن السياسة العربية معروفة تاريخيا بالفشل بإدارة الملفات، خصوصا ما يتعلق منها بالقضية الفلسطينية، وهذا عائد بشكل أساسي إلى التبعية السياسية العربية والالتحاق الأعمى بالأقطاب الدولية، ما غيب الإرادة العربية نهائيا وأصبحت الملفات العربية تدار من واشنطنوموسكو بشكل أساسي ورئيسي ومن لندن وبرلين بشكل ثانوي. مساعٍ لأهداف ومصالح في السياق ذاته، أكد أسامة نور الدين، الباحث السياسي، أن الرعاية الروسية لملف المصالحة ما بين حركتي فتح وحماس ليست بجديدة بل سبقتها محطات لم يكتب لها النجاح. وأوضح "نور الدين"، فى تصريحات خاصة ل"صدى البلد"، أن الأمر يبدو مختلفا هذه المرة، إذ تهدف روسيا من ورائه لتحقيق عدة أهداف في غاية الأهمية والخطورة، يأتي في مقدمتها تحسين صورتها أمام الرأي العام العربي، بعد أن باتت متهمة ومسئولة عن الجرائم البشعة التى ارتكبت في حق الشعب السوري، خاصة في مدينة حلب. وقال إنه من مصلحة روسيا، التى استشعرت الخطر الشديد على وجودها بعد العملية التى راح ضحيتها سفيرها في أنقرة، إذ من شأن استمرارها في لعب هذا الدور أن يزيد من حدة الغضب الشعبي العربي والإسلامي تجاهها، ومن ثم فهي في حاجة إلى تحسين صورتها، ولأن الملف الفلسطيني يمثل أهمية خاصة لدى العالمين العربي والإسلامي، لذا عمدت روسيا إلى رعاية هذه المصالحة لكي تظهر بمظهر الحريص على الوحدة الفلسطينية والمصالح الفلسطينية في الأراضي المحتلة، هذا من ناحية. وأضاف الباحث أن روسيا تهدف من وراء ذلك إلى تأكيد نفوذها ووجودها في المنطقة والشرق الأوسط، وفي نفس الوقت تثبت تراجع الدور الأمريكي في أهم الملفات حساسية بالنسبة للشعوب العربية، فهي تحاول أن تروج لنفسها وكأنها البديل الوحيد للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، ومن ثم من مصلحة الأنظمة والحركات التقارب منها والتعاون معها، أما أهم الأهداف التي تسعى روسيا لإرسالها من وراء ذلك فتتمثل في إيصال رسائل مباشرة للولايات المتحدة والغرب بأن روسيا صارت رقما صعبا لا يمكن تجاوزه في أي مفاوضات أو مخططات خاصة بمنطقة الشرق الأوسط، بعد أن باتت لاعبا أساسيا وصاحبة دور لا يمكن التغافل عنه أو تجاوزه في المستقبل. وبحسب الباحث، فإنه رغم كل ذلك فإن فرص نجاح الدور الروسي في ملف المصالحة محدودة، لأنها في الواقع لا تملك تأثيرا حقيقيا على حركتي فتح وحماس، فضلا عن أن ملف المصالحة يحتاج إلى إرادة ولا يحتاج إلى شركاء، خاصة أنه سبقت هذه الجولة جولات قامت بها السعودية وقطر والعديد من الدول العربية الأخرى، ومع ذلك لا يزال الانقسام قائما، لذلك فإنه يغلب على الرعاية الروسية لملف المصالحة الشو الإعلامي والرغبة في إثبات الوجود أكثر من أي شيء آخر.