قال الدكتور علي جمعة، مُفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إن الجهر بالذكر ليس ببدعة، ولا شيء فيه وقد يكون أجمع للقلب والتركيز إذا ما اجتنب المرء الرياء. وأوضح «جمعة» في إجابته عن سؤال: « هل الجهر بالذكر بدعة ؟»، أن التوسط في رفع الصوت في التسبيح وغيره مستحب عند عامة الفقهاء ؛ لقوله تعالى : «وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا» الآية 110 من سورة الإسراء، وكان النبي -صلي الله عليه وسلم- يفعله. واستدل بما ورد عن أبي قتادة رضى الله عنه : «أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- خرج ليلة فإذا هو بأبي بكر رضى الله عنه يصلي يخفض من صوته. قال: ومر بعمر رضى الله عنه وهو يصلي رافعًا صوته. قال : فلما اجتمعا عند النبي صلي الله عليه وسلم، قال : يا أبا بكر مررت بك وأنت تصلي تحفض صوتك. وتابع: قال : قد أسمعت من ناجيت يا رسول الله، قال : فارفع قليلًا وقال لعمر : مررت بك وأنت تصلي رافعا صوتك ؟ فقال : يا رسول الله، أوقظ الوسنان، وأطرد الشيطان، قال : اخفض من صوتك شيئًا» رواه أبو داود في سننه، ج2 ص 37، وابن خزيمة في صحيحه،ج2 ص 189، والطبراني في الأوسط، ج 7 ص 181، والحاكم في المستدرك، ج1 ص 454. ولفت «المُفتي الأسبق» إلى أن بعض السلف ذهبوا إلى أنه يستحب رفع الصوت بالتكبير والذكر عقيب المكتوبة، واستدلوا بما روي عن ابن عباس رضى الله عنه أنه قال : «كنت أعلم - إذا انصرفوا - بذلك إذا سمعته» أخرجه البخاري في صحيحه، ج1 ص 288، ومسلم، ج1 ص 410. وبرر ذلك بأنه أكثر عملا وأبلغ في التدبر، ونفعه متعد لإيقاظ قلوب الغافلين، وخير ما يقال في هذا المقام، ما قاله صاحب مراقي الفلاح في الجمع بين الأحاديث وأقوال العلماء الذين اختلفوا في المفاضلة بين الإسرار بالذكر والدعاء والجهر بهما؛ حيث قال : « أن ذلك يختلف بحسب الأشخاص، والأحوال، والأوقات، والأغراض، فمتى خاف الرياء أو تأذى به أحد كان الإسرار أفضل، ومتى فقد ما ذكر ، كان الجهر أفضل ».