الدكتور محمد مرسي يحيل المشير طنطاوي وعنان إلى التقاعد، ما الغريب في هذا الأمر حتى تقوم الدنيا ولا تقعد؟! قامت القيامة، أو قل قيامتان، قيامة أقامها المؤيدون لهذا الإجراء، وقيامة أقامها الرافضون والمستهجنون لهذا الإجراء، إنها سنة الحياة التي تقضي بتداول الأيام بين الناس، لو دامت لغيرك لما وصلت إليك، إنها مناصب ومهام يمارسها هذا ثم يسلمها لذاك وهكذا، لم يسبق لنا العلم بأن هناك قوانين تقضي ببقاء وزير الدفاع أو أي وزير حتى يأتي عزرائيل ويمارس ما أوكل إليه، عجبت لأصحاب الأصوات النشاذ التي استهجنت قرارات رئيس الجمهورية وكأن الوزير ورئيس الأركان لم يُمنحا فرصة إثبات ذاتهما وكفاءتهما في الوظيفة وأن إقالتهما جاءت غدرًا وغيلة وفي غير زمانها، إن هذه الأصوات إنما ترغب في تعكير الصفو ومصدر ذلك إيمانها بمبدأ تمسك به المخلوع وهو "الاستمرار والاستقرار" وإن بدا الاستقرار هذا خمولاً وبلادة وتخلفًا ونومًا في العسل الأسود المنيَّل، لأن استقراره هذا يعني عدم ضخ دماء جديدة في الشرايين التي تتصلب وتتيبس بفعل تراكم الكوليسترول على جدارها. وددت توجيه سؤال بسيط لمن رغبوا في إثارة القلاقل والبلبلة بعد إحالة المشير وعنان إلى التقاعد، سؤال بسيط وبريء والله على ما أقول شهيد، سؤال هو: "ترى، من في الجهاز الإداري المصري أكبر سنًا من المشير طنطاوي ويزاول وظيفته؟"، سؤال ثان بريء تمامًا: "ترى لو أن المشير بقي في وظيفته كالكثيرين من الوزراء، ترى كم من زملائه كان تولى ومارس وظيفة وزير دفاع، وهذا يعني أن المشير اغتصب أربع فرص كانت مقدرة لزملائه لشغل كرسي وزير الدفاع"، أليس في تقاعد الاثنين فرصتين لاثنين من زملائهما وتجديد للدماء الراكدة التي بدا ركودها في نقطة حدود رفح، وبدا في بؤر الإرهاب التي يبدو أنها تزيد مساحة على المناطق المأهولة بالسكان؟ متى يرى الواحد منا مصلحة الوطن وقد احتلت أولويات فكره ورؤيته وسعيه؟ متى نفيق من غيبوبة احتوتنا ونرفض التخلي عنها؟ متى ننظر حولنا لنرى أين نحن وأين غيرنا من أمم كان حلمها أن تسير في ركابنا فصرنا مقارنة بها نحتل ذيل القائمة التي احتل غيرنا مواقع متقدمة فيها ومنها، أخشى أن يطول تمسكنا بدعاوى حق يراد بها باطل، أخشى أن يطول طربنا للطبل الأجوف، أخشى أن يستمر على سطح الساحة أشباه الآدميين المحسوبين زورًا وبهتانًا على السياسة والفكر وعلى مصر المنكوبة بهم.