كانت خطوة بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي ضربة لكل دعاة الوحدة والتكامل علي مستوي العالم، فقد كانت الرؤي في كل أقاليم العالم تشير وتؤكد علي ضرورة التوسع وبناء التكتلات الإقليمية وإن اختلفت الأسس بين تكتل وآخر ولكنها في النهاية كانت كيانات تحمل أحلام شعوب ورؤي لصانعي القرار في الدول المختلفة ، كان الغرض منها في النهاية الوصول إلي صيغة تفاهمية وتكامل إقليمي حقيقي يؤدي إلي إزالة الحدود وتعظيم الإندماج الذي يؤدي إلي الرفاهية الاقتصادية التي تأتي علي واقع حرية تبادل السلع والخدمات وإزالة الحواجز الجمركية والوصول لإقليم متناغم في كل شيء يحقق المنفعة للجميع علي كافة المستويات السياسية والاستراتيجية والاقتصادية.. من الثابت أن الدولة بمفردها تكون أقل قوة عندما تتكامل أو تتحد أو تندمج مع دول أخري ، وقد كان الثبات في هذه النظريات سببا واقعيا لإثراء العلوم السياسية بنظريات عديدة في مجالات التكامل والإندماج ، ومع التطور في المجال التكنولوجي وظهور ما عرف اصطلاحا بالعولمة أصبح العالم في حاجة ماسة إلي الإقليمية الجديدة لمواجهة تداعيات هذه الظاهرة علي كافة المستويات فكان التكتل لمواجهة هذا الغول الجديد الذي سيطر علي كل الدنيا لصالح الليبرالية الغربيةالأمريكية أولا ثم الأوروبية بعد ذلك لأن العالم كله وكما يقول فوكوياما المنظر الأول للرأسمالية بأنها دين العالم الجديد في إشارة واضحة لسيطرة الثقافة الأمريكية علي كل الدنيا وباتت مظاهرها واضحة للعيان في كل مكان في العالم ولذلك كان لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي ينظر إليه كنموذج نجاح باهر لكل نماذج التكامل والإندماج في العالم وقع شديد ورد فعل اختلف بين الغلو أحيانا والتقليل أحيانا أخري. الأمر في تصوري يمكن دراسته علي ضوء الواقع الراهن والحقيقة التي حدثت بالفعل لقد انتهت العلاقة بين بريطانيا والاتحاد علي الرغم من ثقل التنظيم ورسوخ عقيدته لدي جميع الدول الأعضاء ، كما يمكن رصد أن هذه النموذج مرشح للتكرار لأن الدول ستحاول محاكاة ما فعلته بريطانيا وبالفعل هناك دول تدرس ذلك الآن وبجدية مثل السويد والدنمارك واليونان وهولندا وفرنسا وهذا يؤكد أن عدوي الخروج من الاتحاد بدأت تنتشر واستدعاء الماضي لن يؤدي إلي التفكك فقط ولكن قد يؤدي إلي عودة واقع الكراهية والحروب. بريطانيا انسحبت ولم تعد قوانين الاتحاد ملزمة عليها في شيء وأصبح عليها مواجهة مصيرها بنفسها ، وللتذكير فإن بريطانيا دولة عظمي بالمفهوم السياسي والاستراتيجي وإن اختلف ذلك في هذا القرن عن قرون سابقة ، ودراسة تداعيات الانفصال علي الداخل الأوروبي علي الداخل والخارج مسألة سابقة لأوانها وإن كانت هناك ظواهر لابد من رصدها مثل تدني سعر الجنيه الإسترليني ونتائج الاستفتاء في حد ذاتها التي تفرض علي بريطانيا العزلة بعد رصد ظاهرة البطالة وتدني الأجور نتيجة تدفقات الهجرة الغير شرعية إليها. وأخيرا لابد من التأكيد علي أن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا سيحاولان وبعزيمة قوية الحفاظ علي البقية الباقية في العلاقات حتي لا تعود أوروبا إلي عصور ظلام أخري أو مستنقع للحروب وإن كان مستبعدا الآن إلا أنه أمرلا يمكن تفاديه إذا حدث تضارب في المصالح.