لأننا نعيش ثقافة المواطن الطقوسي لا السلوكي.. ستجد ألسنتهم تلوك العبارات بلا معنى.. ويتردد صدى الجمل الأمينة في أجواء لا ينتفع بها أحد كون من يذيعها هو أول من يخترق حرماتها ...! يقولون من غشنا فليس منا... فإذا بالغش كله فينا ومنا.. دون أن يلتفت أحد لمساوئ وحجم النفاق الذى يشيع أفكارا لا تجد لها بين السلوك موطئا...! حتى أصبح كل شيء في حياتنا طقوسيا لا سلوكيا... وحديثيا لا فعليا ..! فالشيخ على منبره يدعو الناس للزهد في أمة جائعة هو فيها اللص الأول عندما نرى كل مستمعيه مصابون بالضعف والهزال بينما داعية الزهد تملأ أكتافه الغليظة زاوية المكان ...!! والمعلم في مدارسنا يحاول أن يشرح لتلاميذه فوائد التفوق ليبقى هو متفوق في كل رذيلة عندما يخون مهنته ويطعم سحتا أسرته حين يتخلف عن القيام بواجباته ويذهب لاستنزاف مجتمعه بالدروس الخصوصية ..!! ومن يصيح النظافة من الإيمان هو أول بوال على عقبيه حين يراه الناس وقد تساقطت حول نواصيه كل أنواع القذارة التي يحملها بكيسه ولسانه ...!! ماذا تنتظرون من هذه العاهات عندما تتحكم في مسالك وطن حين تقول مالا تفعل وتفعل مالا يليق بقول كريم ...؟!! وفي غياب أجهزة رقابية يحكمها الضمير أولا وسقوط وزارة كانت للتعليم والتربية ثانيه فلا تسأل بعدها عن مدرسة تعلم ولا منبر يقدم للتربية والأخلاق درسا نافعا ..!! لقد تسابق الجميع على سحق الوطن فمزقوه بين أيديهم كل يريده بئر نفط يصب في جيبه كي يتضخم نهبه ويجنى عطاياه وحده ..!! وحينها وفي لحظة حاسمة سيجف الضرع ويموت وطنا كان يقف على أربع جدران من حدوده عزيزا كريما .. لم يقصده عدو خارجي.. ولكن نالته طعنة داخلية لم تبق في جسده أملا للشفاء وقد انبعثت من أعماق الدولة العميقة التي تسكن في كل شرايينه الإدارية.. تتخفى كالجرذ وتتلون كالحرباء ..!! ليست سابقة خطيرة ولا شيء.. بل هو طريق أصبح في واقعنا أسلوب حياة... ذلك الخبر الذى حمل تسريب امتحانات اللغة العربية في الثانوية العامة بأول يوم للامتحانات في 2016م .... ليتضح أننا أمام وزارة عاجزة عن القيام بأي شيء من الأعمال المنوطة بها في الوقت الذى تلتهم فيه وحدها الجانب الأكبر من ميزانيه الدولة المصرية .. !! ومع ذلك يحاصرك العجب حين ترى أفواه المعلمين والإداريين بهذه الوزارة لا تغلق أمام سيل المطالبات بالمزايا وزيادة المرتبات.. فيما هم أكداس من هموم فوق كاهل البلاد لا يضيفون إليها إلا مزيدا من عناصر الأكسدة والسموم ..!! فلا ضبط إداري ينجز عملا راجحا.. ولا تعليم يتقدمون به لإنشاء جيل صالح... ولا مدارس تربي ولا أجهزة تراقب ولا خطة تزود الوطن بعلم نافع ...!! حتى أصبح الغش الذى تضيع به جهود المجتهدين مشهدا يوميا نراه بلا انفعال يحاصرنا ولا تأنيب ضمير يستقبح فعل المجرمين..!! هذا المنسوب من الانحطاط يحتاج لتدخل سريع من الدولة لتطهير ومواجهة هذه الوزارة التي سرقت من الوطن خزائنه دون أن ترفده بفائدة واحدة وقد تحولت لوكر سلفي وإخواني مُضر بسلامة العقول ومستقبل الأجيال ..! العالم حولنا يتطور بالعلم.. تنهض الدول بالعلوم والمعارف وتحسين العملية التعليمية فيما تغرق مصر - مدارسها ومدرسيها - في بحر الظلمات نتيجة لسيطرة الفكر والإيمان والعقائد والسلوكيات الطقوسية المنافقة ... على حساب العمل المتقن والضمير اليقظ .. فأصبح الغش في مدارسنا كالغش في مساجدنا كالغش في أسواقنا حالة شعب تعاني منه دولة لا يمكن إلا أن تكون صورة رديئة لواقع أكثر رداءه ..!! ومن هنا فالاستثمار في الأحجار ... وتحويل البلاد إلى شركه مقاولات بيد أجهزة فاسده لشعب يُشرف على الفساد ولا يُرشده سيبقى بلا فائدة ولا منفعة ولن يُنتج لنا يوما وطنا عظيما ننشده ..! البداية هي الاستثمار في الانسان .. إخراج جيل صالح بعد ضبط الأجهزة المشرفة على تولى هذه المسئولية وتطهير وإعداد وزارة التربية والتعليم بشكل متوافق والمعايير الدولية .. وعندها ستتحول مصر إلى وطن يزهو بشعب جبار يقظ يفعل ما يقول ويمارس ما يؤمن به ويعلوا ضجيج عمله على صياحه .. وتتبارى مراكز الأبحاث فيه لتصبح أكثر من المعابد .. وتتحول المدارس إلى ورش إبداع وأفكار ... والشارع إلى سلوكيات تنافس الجمال .... أما غير ذلك فسيستمر الغش في الثانوية العامة من كل عام ظاهرة تزاحم الغش في كل إدارات الدولة التي يشرف عليها خلايا فاسده تعرف كيف تهرب من المطاردة والحصار ولو بالقانون.