ليدرك الجميع أن الحقيقة لا جنسية لها .... وكيف يكون للحقيقة جنسيتها وهي من تمنح باقي منظومة القيم هويتها وأوراقها الثبوتية ..؟ وعليه فالحقيقة هي الابنة البكر للقيم الإنسانية .... لا يحتويها دين .. ولا تسيطر عليها فلسفه .. ولا تمتلكها منظومه .. ولا تحدد هويتها آليات ومواثيق ... لا تعيش في نطاق جغرافي تُعرف به ويُعرف بها ... ولا داخل ثقافة دون غيرها ...! هي همس الفطرة ... تنحدر من صلابة وصلب الإنسانية عندما تتجمل فيحتل الكون شعاع من ضياء يفتش في كل حفرة ...! هذه الحقيقة التي تناضل دائما في مواجهة إغراءات المال والجاه والسلطة ... انتصرت اليوم مجددا لنسمع صوتها عاليا بعد غياب طال في بطون الارتزاق سمعناها صوتا وموقفا ...وقد تجسد في أداء الصحفية الفرنسية - فنسيان جاكويت -التي تعمل من القاهرة كمراسلة لجريده - لو سوار - البلجيكية ... لقد قررت الصحفية الفرنسية - فنسيان جاكويت - أن تكسب مهنتها وشرف إنسانيتها ولو في سبيل فقدانها لوظيفتها ... فكتبت على حسابها الخاص بموقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك " "اعتباراً من اليوم، لم أعد مراسلة لجريدة "Le Soir" البلجيكية بالقاهرة وتابعت: "بالأمس، وعقب اختفاء طائرة مصر للطيران بين باريسوالقاهرة، طُلب منى ألا أُقدم مقالاً عن الوقائع والتركيز بدلاً من ذلك على حزن عائلات الضحايا والكلام عن الأمان فى شركة الطيران المصرية " فى إشارة منها إلى تكليفها بعدم تغطية الحادث بحيادية وتوجيه الاتهام إلى شركة " مصر للطيران " وإبراز ثغرات الأمن فيها.! وتابعت جاكويت: " رفضت قائلة أننى لم أستطع لقاء الأهالي، رفضوا الحديث مع الإعلام ، وبما أن سبب الحادث غير معروف وليست لدينا حتى مؤشرات ، لم أكن أستطيع توجيه الاتهام ، ولا حتى التلميح بمسؤولية مصر للطيران عن الحادث". وأضافت : " واليوم يشكرونني، ويخبرونني أننى لم أعد "على قوة العمل". تواصل جاكويت حديثها للجماهير قائلة " قررت ألا أستسلم لصحافة التلاعب بالمشاعر ولتجاهل صحافة المعلومة وأخلاقياتها من أجل مرتب هزلى، أنا لست نادمة على ذلك بل فخورة ". وقالت: "من الضروري أن نستطيع نحن كصحفيين - مستقلين وغيرهم- أن نقول: لا، وأن نتذكر أن كلماتنا ومعالجتنا يمكن أن يكون لها آثار كارثية على الأفراد. يجب أن نكون نحن من يعيد ثقة القراء المفقودة لأن أطقم التحرير، إن قامت بهذا، فستقوم به على استحياء. عاشت صحافة المعلومات". هذه نوعيه من التربية المهنية والأخلاقية الثرية التي لا يفقد الحق أمله في الحياة وفيها أمثال هذه الفخورة بمهنيتها وبحق المعلومة الصادقة في الوصول إلى أصحابها والباحثين عنها ..!! هذا نوع من الصحافة تعيش بها الذمم وجيل من الصحفيين تنتصر بهم الأمم .. وروح يجب أن تُقدس في كل رواق مهني يُخلص للحق ولو على حساب كل إغراء يراد منه الفتك بالحقيقة التي ربما تُسقط أوطانا كامله في ساحات من الدماء والاشلاء لغيابها أو التلاعب بها كما تصنع فضائيات عربيه وصحافة يرأسها عملاء مخابرات دوليه بأسماء حركيه يعبثون عن طريق أدواتهم في عقول الجماهير فتنتشر الفتنه وينتعش الخراب ..!! إن موقف الصحفية الفرنسية يجب ألا يمر من دون تأكيد على دور القلم الشريف في صيانة الأمن وحفظ السلام وترسيخ القيم ... في زمن بارت فيه الأقلام وانعدمت الضمائر وهرولت خلف أكياس الدنانير وإن كان فيها ما فيها من حرث الجغرافيا وترميل الدول ...!! فهل تتعلم صحافتنا ويتعلم الإعلاميون العرب الدرس كاملا من فنسيان جاكويت ويحولون قلمها إلى درس وروحها إلى قدس ...؟!