بادئ ذي بدء لابد من الإشارة إلى أننا نُحب الإخوان ونُجلهم كما نُجل كل حركات التحرر والمناضلين الأحرار، وكنت في السابق دافعت عن الشيوعي الحر، حتى تدخل بعض الرفاق من الطرف الآخر وشتمني متسائلاً حول علاقتي بهذا الحزب، كما ودافعت عن رفاق من حزب البعث المنشقين ومنهم السيد عبد الحليم خدام النائب السابق لرئاسة الجمهورية، الذي تواصلت معه أول خروجه عبر الهاتف والإيميلات، وأكد من خلال التواصلات على فضح النظام، وبالفعل قد فعل، وسمعت أنه كتب ما يقارب على العشرين ألف صفحة في مجلدات، كما تواصل معي آخرون على مستويات عالية وتواصلات مع أبرز معارضي الخارج، حتى إعلاني عن المشروع السياسي إعلان المهجر، الذي أيده الكثير من القوى السياسية، وكانت لي مداخلات تليفزيونية مع العديد من القيادات المعارضة السورية، هذا في وقت كان معظم السوريين فيه يغطون في نوم عميق، بينما كنت أتحرك على كل الجبهات في المواجهة للوصول إلى الثورة، وزعزعة النظام، والتواصل مع كل الطيف المعارض، حتى امتلأ بريدي بتهديدات القتل والمسبات والألفاظ النابية، واتصالات من أجهزة الاستخبارات السورية، وهى تتوعدني وتهددني، ولم أبال، حتى تحت ظروف الضغط الشديد سافرت إلى بلغاريا لطلب اللجوء السياسي، لآخذ حريتي هناك في الحركة، ولكنني من هناك استمرت في العمل على الثورة، حتى اعتقلت هناك لهذا السبب في كمين مُحكم، ووُضعت باسم غير اسمي، وتحاكمت هناك باسمي على أساس الإفراج عني، وإذا بهم ينقلوني إلى سجن آخر باسم آخر تمهيدا لتسليمي لسوريا، وعند السؤال عني يقولون بأنه تمّ الإفراج عنه، لولا أنّي استطعت الاتصال في صديق ببريطانيا، الذي دفع بمنظمات حقوق الإنسان الدولية للمطالبة بي، وليكون ذلك مدعاة لإطلاقي في الأراضي التركية، هذا الصديق قدم الكثير من المال والجهد والاهتمام حتى صرت في بر الأمان، فله مني كل الشكر والتقدير. ووقفت إلى جانب الإخوة الكرد الأحرار، وكتبت الكثير بهذا الخصوص حتى قال البعض عني إني كردي، واستطعت في عام 2008 إخماد المدافع جميعها والمعارك الجانبية بين المعارضة والجميع يعلم هذا الجهد، وهو مسجل في مواقع الويب، ولست أميل إلى طرف على حساب الآخر، وكان هدفي في ذلك توجيه المدافع باتجاه واحد هو عصابات آل الأسد كما كنت أصفها حينها، وأوصاف كثيرة بإمكان المتابع البحث عنها في "جوجل"، وبما يستحقونه، ودخلنا في معركة حامية الوطيس على موقع الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب مع ركائز في النظام السوري، وحققنا الكثير من الانتصارات والتوعية لأبنائنا السوريين، حتى تجاوز قراء الموضوع المليون سوري وعربي، ومئات المشاركات في هذا الموضوع، واليوم أدخل في موضوع الإخوان المسلمين ليس للدفاع عنهم، بقدر ما هو للإنصاف عن وضعهم الوطني، وعلاقتهم مع المملكة العربية السعودية بالذات التي حاول العديد الدس فيها لإفساد العلاقة، هذه الدولة الشقيقة والذات أهمية بالغة، والوزن السياسي والإقليمي في المنطقة. سأبدا الحديث أولاً عن إخوان سوريا، وحديث قياداتهم التي كان العديد منها متواجدا في هذا البلد، وتربطني بالكثير منهم علاقات وثيقة، وهم في كل أحاديثهم يُكنون للمملكة كل المحبة والتقدير، ولاسيما أن هذا البلد كان الحضن الدافئ لعشرات الآلاف من السوريين الهاربين من جحيم النظام السوري على مدار عقود، ومنهم الإخوان المسلمين، وهذا فضل لا يُنكره أحد لهذا البلد الآمن والحبيب، هذا البلد الذي يقف اليوم إلى جانب الشعب السوري بكل إمكانياته، وهو على الدوام ملتصق مع الشعب السوري، ولذلك شعرت بأنه لا نقاش ولا جدال في خصوصية هذه العلاقة، واحترامهم لهذا البلد العظيم. وأما عن إخوان مصر، فمن خلال لقاءاتنا مع القيادات الحزبية في البلد، ومن كل الطيف المصري، ومنهم أعلى القيادات في الإخوان هناك، ومن خلال متابعتنا للشأن المصري برمته، وبالتالي اطلاعنا على خطابات الإخوان وأدبياتهم طوال عقود طوال، رأيناهم على تواثق كبير مع المملكة العربية السعودية وحكومتها الرشيدة، مع كل ما بذله بعض المندسين للإيحاء بوجود خلاف، وإن نجح البعض في الوقيعة بعض الأحيان، ولكن سرعان ما تتبين الحقائق، وهم كما ذكر السيد رئيس الجمهورية محمد مرسي لا يتدخلون في الشئون الداخلية لأي بلد كان، وكما لاحظنا عند تعرض سفارة المملكة في مصر إلى الإساءة، كيف توجهت قيادات إخوانية وفي مقدمتهم رئيس مجلس النواب للاعتذار الواضح عن هذا التصرف، واستقبلتهم المملكة بكل الترحاب، كما هى اليوم تستقبل فخامة رئيس الجمهورية المصرية محمد مرسي، وهؤلاء الإخوان هم من عملوا في الثورتين السورية والمصرية منذ لحظاتهما الأولى، ولكن دون ظهور، وكان ذلك بناء على طلب الثوار، كي لايُستغل الاسم لوأد الثورة، ومن يقول غير ذلك فهو من باب المكايدة السياسية لا أكثر، والتنافس السياسي. وبحكم معرفة المملكة بهذه العلاقة الوطيدة، تستقبل الرئيس المصري المنتخب لتتكلم معه في كل الشئون العربية ولاسيما سوريا، قلب السعودية النابض، وهى تستبق الحديث عن زيارة للرئيس مرسي لطهران، نأمل بحكم العلاقة الوطيدة أن تُلغى، وأن تضع مصر يدها مع المملكة للتعاون في نصرة الشعب السوري، ونرى أن السعودية قامت بهذه الخطوة الصحيحة وفي الوقت المناسب، بعدما وُجهت تهم كثيرة بالتخاذل لبلدان المغارب العربية، والمقصود هنا مصر وما تلاها من أقطار عربية غرباً وجنوباً، وعن إسلاميين ينتمون إلى نفس الحركة، ومنها المقالة الشهيرة للمفكر الأستاذ زهير سالم الناطق الرسمي لجماعة الإخوان السوريين بعنوان "المواجهة بين الدم السوري والمال الإيراني في المغارب العربية"، وفيها انتقاد لاذع لكل القوى والحركات الإسلامية والأنظمة القديمة والمتجددة، لما تمتاز به من البرود أمام دماء الشعب السوري، وميولها للتعامل مع الإيراني، لتكون مفاجأتنا الكبرى عند الإعلان عن زيارة الرئيس المصري لطهران، والأعظم من ذلك توافق وزير الخارجية التونسي النهضوي وحكومته مع الموقف الروسي الطابق كما ذكر، لمحاصرة الثورة، وهو يدعو لوأدها كي لا تنتشر شظاياها للمنطقة، وهو يطلب من تركيا أن تحترم دول الجوار، وهو يدعو القاتل المجرم السفّاح بشار الأسد للاستمرار في السلطة وإجراء إصلاحات، وهم لم يصبروا على رئيسهم الذي لم تمثل جرائمه أحد أعشار عصابات آل الأسد، ومن هنا تأتي أهمية دعوة خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبد العزيز حفظه الله لفخامة الرئيس المصري للتنسيق بعيداً عن الكريه الإيراني الصفوي، تلبية لمطالب الشعب المصري وثورته إلى جانب الشعب السوري، وغير ذلك يُعتبر خيانة للمبادئ والثورة والدماء المصرية، والله أكبر والنصر لشعبنا السوري العظيم.