قالت دار الإفتاء إن العلماء جزموا بوصول ثواب القراءة إلى الميت بدليل جواز الحج عنه ووصول ثوابه إليه؛ لأن الحج يشتمل على الصلاة، والصلاة تقرأ فيها الفاتحة وغيرها. وأوضحت في تصريح لها، أن ما وصل كله وصل بعضه، وهذا المعنى الأخير وإن نازع فيه بعضهم إلا أن أحدًا من العلماء لم يختلف في أن القارئ إذا دعا الله تعالى أن يهب للميت مثل ثواب قراءته، فإن ذلك يصل إليه بإذن الله؛ لأن الكريم إذا سُئِل أعطَى وإذا دُعِيَ أجاب. واستشهدت بالأحاديث الصحيحة الصريحة في ذلك، ومنها ما روى عبد الرحمن بن العلاء بن اللَّجْلاجِ، عن أبيه قال: "قال لي أبي -اللَّجْلاجُ أبو خالد-: يا بُنَيَّ إذا أنا متُّ فأَلْحِدْني، فإذا وضَعْتَني في لحدي فقل: بسم الله، وعلى ملة رسول الله، ثم سُنَّ عليَّ التراب سنًّا -أي ضَعْه وضعًا سهلا- ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها، فإني سَمِعْتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقولُ ذلك". أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، قال الهيثمي: ورجاله موثوقون. وأضافت أنه قد رُوي هذا الحديث موقوفًا على ابن عمر رضي الله عنهما، كما أخرجه الخلال في جزء "القراءة على القبور"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، وغيرهما، وحسَّنه النووي وابن حجر. وتابعت: على ذلك جرى عمل المسلمين جيلا بعد جيل وخلفًا عن سلف من غير نكير، مشيرةً إلى أن هذا هو المعتمد عند أصحاب المذاهب المتبوعة، حتى نقل الحافظ شمس الدين بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي الإجماعَ على ذلك كما سبق، ونقله أيضًا الشيخ العثماني في كتابه: رحمة الأمة في اختلاف الأئمة، ونص عبارته في ذلك: "وأجمعوا على أن الاستغفار والدعاء والصدقة والحج والعتق تنفع الميت ويصل إليه ثوابه، وقراءة القرآن عند القبر مستحبة".