قد يظن كل من ينظر إلى هذا المشهد من الوهلة الأولى أنها لم تلتقط في مصر أو أنها غير حقيقية و«فوتوشوب» إلا أنها بالفعل التقطت في مصر تحديداً في عزبة الزبالين بمنطقة منشية ناصر، ولكنها من صنع فنان تونسي اسمه eL Seed «السيد». ويهوى الشاب التونسي السفر حول العالم لإيصال رسالة عبر «ريشته» وموهبته بأن الجمال يمكن أن يظهر في أي مكان وليس مرتبطاً بشيء سوى الإرادة والرغبة في إظهار الجمال. وبدأ الأمر عندما تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لرسمة «جرافيتي» على عمارات متهالكة وواجهات مباني رديئة، رسمت بشكل عملاق وبألوان زاهية خطفت أنظار كل من نظر إليها، وبدأ رواد مواقع التواصل الاجتماعي في إطلاق التنبؤات والتوقعات بشأن الحقيقية وراء تلك الرسمة والهدف منها. ماذا كتب في الرسمة؟ رسم «السيد» الجرافيتي بخط كبير وعلى عدد من المباني وصل لنحو 50 مبنى، وكتب باللغة العربية :«إن أراد أحد أن يبصر نور الشمس، فإن عليه أن يمسح عينيه». ورغم الأسطح المليئة بالقمامة والواجهات المدمرة والوضع المتردي الذي تظهر فيه منطقة «عزبة الزبالين»، إلا أن الجرافيتي استطاع أن يخفي كل تلك المعالم السيئة وجذب الأنظار للمشهد الرائع الذي ظهر عليه. قصة الجرافيتي نشر الفنان التونسي «السيد» صاحب رسمة الجرافيتي، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي تفاصيل المشروع والمجهود الذي بذله لإنجاز هذه الرسمة الرائعة، حيث قال التالي: (في مشروعي الجديد الذي أطلقت عليه لقب «الإدراك» كنت راغباً في أن أجذب الانتباه إلى الأحكام الخاطئة التي يصدرها البعض دون أن يدركوا على مجتمع آخر لمجرد وجود اختلافات بينهم. في حي منشية ناصر في القاهرة، وتحديداً عزبة الزبالين حيث يعيش الكثير من أبناء الطائفة القبطية على جمع القمامة من عقود، وقاموا على مدار تلك السنوات على تطوير نظام إعادة التدوير المخلفات بطريقة أكثر كفاءة وربحاً ورغم ذلك ما زال المكان الذي يعيشون فيه سيئا ومهملا ومدمرا. ولكي أتمكن من أن يتم إلقاء الضوء على هذا المجتمع، فقد قمت بمساعدة مجموعة مع زملائي في الفريق ومساعدة المجتمع المحلي، برسم قطعة فنية تغطي ما يقرب من 50 مبنى. ويمكن مشاهدة الرسمة عبر النظر لها من أعلى جبل المقطم، واستخدم فيها هذه القطعة الفنية كلمات القديس أثناسيوس الإسكندرية، أسقف الأقباط في القرن، وذلك عندما قال :«إن أراد أحد أن يبصر نور الشمس، فإن عليه أن يمسح عينيه». ولقد رحّب أهالي عزبة الزبالين بفريق عملي وكنا أشبه بالأسرة الواحدة، وكانت واحدة من أكثر التجارب الإنسانية المدهشة التي مررت بها.. فهم شعب كريم، صادق وقوي. وقد أطلق عليهم اسم «عزبة الزبالين»، ولكن هذا ليس الاسم الذي يطلقونه على أنفسهم، فهم لا يعيشون في القمامة ولكن من القمامة، وليس من قمامتهم ولكن من قمامة المدينة بأكملها فهم من يجعلون محافظة القاهرة نظيفة).