الدنيا مقلوبة بسبب مصرع شاب إيطالي في مصر.. العالم كله يتحدث، ونحن هنا لا نعلم شيئا، فمن هو هذا الشاب؟ كيف لقي مصرعه؟ من وراء هذه الجريمة؟ ولماذا ظهرت جثة الشاب المختفي في نفس توقيت زيارة الوفد الإيطالي لمصر ومعظمه من كبار رجال الأعمال والمستثمريين الإيطاليين، برئاسة وزيرة التنمية الاقتصادية الإيطالية التي قطعت زيارتها للقاهرة عقب العثور على جثة الطالب وانسحبت يرافقها الوفد، وطالبت الخارجية الإيطالية بفتح تحقيق مشترك فى الواقعة، بينما أعلن السفير المصرى لدى روما أن مصر تعرب عن تعازيها لأهالى الشاب الإيطالى. نحن نعلم جميعا أن مصر مستهدفة وأن هناك استهدافا لأي استثمار أجنبي في مصر، وهناك محاولات لتعكير صفو العلاقات المصرية الإيطالية، فمن المعروف أن إيطاليا من أكبر الشركاء لمصر وأن هناك استثمارات مصرية إيطالية كبيرة وصداقة وشراكة قوية لم تتأثر في أي وقت من الأوقات، فهي علاقات عميقة ولها خصوصية. لقد أثار مصرع الشاب الإيطالى جوليو ريجينى، بالقاهرة علامات استفهام عديدة ولغزا، لا تزال أجهزة الأمن تبذل قصارى جهدها لحله فريجينى يبلغ من العمر 28 عاما، ويعمل أستاذا زائرا فى الجامعة الأمريكيةبالقاهرة، وكان يقوم بمتابعة دراسته الجامعية لنيل الدكتوراه من قسم السياسة والعلاقات الدولية بجامعة كامبريدج البريطانية، وهو يتحدث أربع لغات وينتمى إلى مقاطعة تابعة لمدينة أودينى الإيطالية، وكان يعيش فى القاهرة منذ سبتمبر لمتابعة أبحاثه لنيل الدكتوراه، وصفته الصحف إيطالية بأنه "موهوب" فى الدراسة والمجال البحثى، وقال متحدث باسم جامعة كامبريدج التى كان يدرس بها: "استقبلنا بحزن عميق نبأ وفاة جوليو ريجينى، قلوبنا مع عائلته وأصدقائه، ويظهر من صفحة ريجينى على القسم الأكاديمى بالجامعة أنه لم يقدم أى أوراق بحثية حتى الآن". ونقلت وسائل الإعلام الإيطالية عن مصادر مصرية أمنية، قولها إن جثة الطالب الذي اختفى من وسط القاهرة يوم 25 يناير الماضي عثر عليها في الحفرة عارية في النصف السفلي وترتدي ملابس النصف العلوي فقط ولا تحمل وثائق، وبها حروق ناتجة عن سجائر وآثار تعذيب أخرى ونصفها السفلي عار. وقد أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية، أن الاتصالات واللقاءات التى أجرتها السفارة المصرية فى روما مع السلطات الإيطالية خلال الساعات الأخيرة، أكدت حرص الجانبين على التعامل مع ملابسات تلك الواقعة فى إطار روح التعاون والثقة المتبادلة، وضرورة تفويت الفرصة على أى طرف يتربص بالعلاقات المصرية الإيطالية المتميزة ويسعى إلى استغلال مثل تلك الأحداث لإعطاء انطباعات كاذبة لا تستند إلى أى حقائق لتحقيق مصالح معروفة وظاهرة للجميع. بعض الصحف الغربية المغرضة حاولت استغلال الحادث لضرب العلاقات بين البلدين، فقالت بعض الصحف الأمريكية إن موت ريجينى فى مصر أثر على العلاقات بين القاهرةوروما، وأن هناك رد فعل غاضبا من المسئولين الإيطاليين الذين بدوا متشككين للغاية فى أن مصر ستكون قادرة أو مستعدة للعثور على من قتلوه. لكن مصر على أعلى المستويات اهتمت بالحادث.. الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصل برئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، معبرا عن خالص العزاء لحكومة وشعب إيطاليا، مؤكدا أن السلطات المصرية ستتوصل للقتلة، وأن الحادث يحظى باهتمام بالغ من قبل الجهات المصرية المعنية، وأنه أعطى توجيهات لوزارة الداخلية بمواصلة جهودها بالتعاون مع النيابة العامة لكشف غموض قتل الشاب الإيطالي والوقوف على جميع الملابسات المحيطة به، وقال إن إيطاليا ستجد تعاونا بناءً من كل السلطات المصرية المعنية بشأن هذا الحادث. وأشاد رئيس الوزراء الإيطالي بروح التعاون الإيجابية بين المصريين مع نظرائهم الإيطاليين، مؤكدا أن مثل تلك المواقف تعكس عمق علاقات الصداقة الحقيقية التي تجمع بين البلدين والشعبين، وأكد الجانبان خلال الاتصال أهمية مواصلة التعاون الاقتصادي بين البلدين والعمل على تعزيزه وتنميته. كما أكدا التزامهما بالعمل معا لمكافحة الإرهاب ومواجهة الفكر المتطرف والعنيف والحيلولة دون انتشار الجماعات الإرهابية في عدد من دول المنطقة، وهذا هو بيت القصيد من وجهه نظري، فمصر طول عمرها تهتم بضيوفها وتحسن الضيافة، ولا يمكن أن تمس أحدهم بسوء، ومن الواضح أن هذه العملية الوحشية قام بها الإرهابيون بغرض أن تخسر مصر أصدقاءها الإيطاليين، وهم بالمناسبة من أقوئ حلفائها، ومن الواضح أيضا أن تعاون مصر وتعاطفها مع حقوق الشاب الإيطالي سينعكس على سرعة الكشف عن هؤلاء الإرهابيين مرتكبي الجريمة البشعة.. الشفافية هي أقصر الطرق لاكتساب ثقة واحترام العالم.