قالت اللجنة الشرعية بمرصد الأزهر للغات الأجنبية، إن بعض المؤرخين من المستشرقين، ادعى أن مسيحيي الشرق يعانون من القهر بسبب وجود الإسلام في المنطقة العربية. وأضافت اللجنة فى تقرير لها، إن السؤال المطروح يتعارض مع الواقع التاريخي للإسلام وتعاليمه؛ فكيف يتهم الإسلام بذلك ورسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم يقول فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه "قال: "قيل.. يا رسول الله ادع على المشركين قال: إني لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة"،ويتجلى هذا المنطق بوضوح في هذه القاعدة الإسلامية العريضة، والتي أعلنها القرآن منذ أن بزغ فجر الإسلام:حيث قال تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾، فدين الإسلام يكفل الحرية لكل فرد؛ فلا يدخل فيه أحد إلا بعد القناعة التامة بهدايته،ويؤكد على هذا المنطق ما ورد في الحديث الشريف في صحيح البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا». وأكدت اللجنة، أن التاريخ في بلاد الشرق يشهد بأن الإسلام لم يكره أحدًا يومًا على اعتناقه، أو يسيء إلى مخالفيه، أو كان سببًا في قهرهم أو احتقارهم أو إثقالهم، ففي عهد صلاح الدين الأيوبي تمتع المسيحيون في مصر بالسعادة إلى حد كبير في ظل ذلك الحاكم الذي عرف بالعدل، فقد خفف عنهم الضرائب التي كانت فرضت عليهم، وزال بعضها جملة، وملأوا الوظائف العامة كوزراء وكتَّاب وصيارفة. وأوضحت أن الفتح الإسلامي جلب إلى المسيحيين في بلاد الشرق حياة تقوم على الحرية الدينية، وهذا ما سطرته أقلام المنصفين منهم فمن ذلك: ما ذكرته المستشرقة الألمانية "زيجريد هونكه" عن الإسلام حيث قالت: "لا إكراه في الدين، هذا ما أمر به القرآن الكريم، فلم يفرض العرب على الشعوب المغلوبة الدخول في الإسلام، فبدون أي إجبار على انتحال الدين الجديد اختفى معتنقو المسيحية اختفاء الجليد، إذ تشرق الشمس عليه بدفئها! وكما تميل الزهرة إلى النور ابتغاء المزيد من الحياة، هكذا انعطف الناس حتى من بقي على دينه، إلى السادة الفاتحين". ويقول غوستاف لوبون: «فالحق أن الأمم لم تعرف فاتحين راحمين متسامحين مثل العرب، ولا دينًا سمحًا مثل دينهم». ويتحدث عن صور من معاملة المسلمين لغير المسلمين فيقول: «وكان عرب أسبانيا -خلا تسامحهم العظيم- يتصفون بالفروسية المثالية؛ فيرحمون الضعفاء، ويرفقون بالمغلوبين، ويقفون عند شروطهم، وما إلى ذلك من الخلال التي اقتبستها الأمم النصرانية بأوروبا منهم مؤخرا». ويقول توماس أرنولد في كتابه "الدعوة الإسلامية": "لقد عامل المسلمون الظافرون العرب المسيحيين بتسامح عظيم منذ القرن الأول للهجرة، واستمر هذا التسامح في القرون المتعاقبة، ونستطيع أن نحكم بحق أن القبائل المسيحية التي اعتنقت الإسلام قد اعتنقته عن اختيار وإرادة، وأن العرب المسيحيين الذين يعيشون في وقتنا هذا بين جماعات المسلمين لشاهد على هذا التسامح". (من كتاب: الدعوة الإسلامية لتوماس أرنولد نقلا عن كتاب رد افتراءات المبشرين محمد جمعة عبد الله ص242). ويقول شاعر فرنسا (لامارتين): "الإسلام هو الدين الوحيد الذي استطاع أن يفي بمطالب البدن والروح معًا، دون أن يُعرِّض المسلم لأن يعيش في تأنيب الضمير، وهو الدين الوحيد الذي تخلو عباداته من الصور، وهو أعلى ما وهبه الخالق لبني البشر". وبعد هذه النصوص الشرعية الإسلامية؛ وشهادات بعض المفكرين من غير المسلمين؛ هل يصح أن يصف أحد الدين الإسلامي بأنه دين إقصائي؛ أو أنه دين يدعو إلى التطرف، أو أنه يزرع الكراهية في نفوس أتباعه؛ أو أنه قهر مخالفيه؟!. وإن كان اتهام الإسلام من قبل البعض مبنيا على سلوك بعض الجماعات المتطرفة، فنقول له : إنهم يضطهدون المسلمين وغير المسلمين ويفسدون في الأرض لتحقيق مكاسب دنيوية؛ والدين الإسلامي منهم براء.