"إلا الخليج".. تحذير شديد اللهجة، يوجهه الرئيس السيسي في زيارته إلى كل من الإماراتوالبحرين، تلك الزيارة التي تأتي في توقيت بالغ الحساسية من عمر الأمة العربية، كرسالة واضحة وقوية توجهها مصر لكل الأطراف الإقليمية والدولية، وعلى رأسها إيران، التي تحاول العبث والوقيعة بين مصر ودول الخليج، في ضوء محاولاتها الدؤوبة لهدم أواصر الصداقة وروابط الدم الضاربة في جذور التاريخ، بغية مخططات خبيثة يعلمها القاصي والداني. زيارة الرئيس السيسي إلى أبو ظبي والمنامة، ما هي إلا تأكيد على أن الخليج خط أحمر، وأن أمن مصر من أمن الخليج، في ضوء الأطماع الإيرانية والإرهاب تمارسه طهران تحت غطاء طائفي تحاول من خلاله تقويض أركان الخليج العربي وهدم الأقطار العربية في ضوء الإرهاب الإيراني المتنامي في اليمن بدعم جماعة الحوثيين إحدى نتاجات الثورة الإيرانية، ويمتد إرهابها إلى الإمارات والسعودية والبحرين، والعراق وسوريا ولبنان. هذه الزيارة ما هي إلا رد عملي على الأكاذيب الإيرانية المستمرة التي جاءت على لسان غلام على خوشرو ممثل طهران لدى الأممالمتحدة، مؤخرا، أثناء انعقاد اجتماعات الجمعية العامة في واشنطن، الذي ادعى أن سيادة إيران كاملة علي جزر أبوموسي وطنب الکبري وطنب الصغري، وأن أي مزاعم حول السيادة علي هذه الجزر تدخل في شؤون إيران الداخلية، وكأنه لا يعلم أن بلاده تحتل هذه الجزر منذ 44 عاما. ولعلنا تابعنا خلال الأشهر الماضية، حجم التدخل الإيراني السافر في الشأن الداخلي البحريني، ومحاولاتها المستمرة لزعزعة استقرار البحرين، في ضوء ما كشفت عنه المنامة بالأدلة القاطعة بضبطها لأسلحة ومتفجرات وعناصر إرهابية تدعمها طهران، كانت تهدف لتنفيذ عمليات إرهابية كانت كفيلة بمحو المنامة من الوجود، على حد وصف وزير الخارجية البحريني، الذي أكد قائلا هذا لم نكتشفه نحن بأنفسنا فقط، بل مع حلفائنا في منطقة الخليج، بما فيها البحرية الأمريكية وغيرها. ويعد الملف السوري أيضا من أهم الملفات المهمة التي يحملها الرئيس السيسي في زيارته إلى الدولتين الخليجيتين، ضمن سلسلة جولاته المكوكية التي أعادت إلى مصر مكانتها الدولية، ما هي إلا رسالة مفادها أن مصر ودول الخليج على تواصل وتنسيق دائم بشأن سوريا، وأن هناك تطابقا للرؤى حول أهمية الحل السياسي للأزمة السورية، وليس دعما لنظام بشار الأسد، أو لطرف على حساب طرف آخر، خصوصا وأن البعض يعمد إلى ترويج بأن هناك خلافا مصريا خليجيا بشأن الصراع السوري، وهو ما يجافي الحقيقة، فكلا الطرفين، مصر والخليج، يعي تماما الأطماع الإيرانية في سوريا في ضوء الإدعاءات بأنها باتت تهيمن على أربعة عواصم عربية من بينها دمشق، ويؤمنون تماما بأنه إذا سقطت سوريا فإن الإرهاب سيعم المنطقة بأكملها. ولعل الرسالة المصرية الخليجية، الكامنة في زيارة الرئيس للإمارات والبحرين، ربما تكون حاسمة ما إذا تم الإعلان من العاصمة البحرينيةالمنامة خلال القمة المشتركة بين العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة والرئيس عبد الفتاح السيسي، عن موعد الإطلاق الفعلي للجيش العربي المشترك، وتجاوز النقاط الخلافية بين القادة العرب، لمواجهة الأطماع الإيرانية والاستعمارية التي تحاك بأمتنا، خصوصا وأن البحرين تعد بوابة مصر إلى دول الخليج، حال وجود شوائب أو تباين الرؤى، لما لقائدها من محبة وتأثير. وتبقى الحقيقة التي لا ينكرها إلا جاحد، وتؤكدها زيارات الرئيس المتتالية للخليج، أن مصر والخليج على قلب رجل واحد، يعيشون معا على الحلوة والمرة، فدول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإماراتوالبحرين والكويت، هم من وقفت بجانب الشعب المصري ودعمته في أشد أوقات المحن التي عاشتها مصر خلال السنوات الخمس الماضية، ولا ينسى أحد مواقف قادة الخليج التاريخية مع مصر، ولا ينسى الخليج أيضا أن نهضته وتحضره كانت مصر وراءه، فالتاريخ يؤكد أن مصر هي قائدة الوطن العربي، وأنها إذا سقطت سقط العرب جميعا.