ارفع رأسك يا حمدين.. فانت ابن بطن مصر التي يجهلونها، ابن عمالها في المصانع، وفلاحيها في الحقول، وصياديها في النهر، وطلابها في المدارس والجامعة، وفقرائها في العشوائيات، وعاطليها في الشوارع والمقاهي. ارفع رأسك يا حمدين.. فقد صوت لك واحد من كل خمسة ناخبين تحرروا من بيعة المرشد وتعليمات مكتب الإرشاد وفتاوى كهنة السلطان وعوز الفقر وقسوة الجهل. ارفع رأسك ياحمدين..لأن بقايا النظام الفاسد المفسد ومن تلوثت أيديهم بدماء المصريين وامتلأت خزائنهم بأموالهم..ارتعدوا من حلمك، ومن ماتت ضمائرهم، ورهنوا أنفسهم لبيعة وقسم.. ابتعدوا عنك. ارفع رأسك ياحمدين.. فقد حصدت ما يقرب من 5 ملايين صوت من دون بوسترات وإعلانات، من دون رشاوى رصد لها نزلاء طرة مليارت، من دون كراتين أرز وزيت وسكر، من دون تنظيم حديدي يأمر اتباعه فيطيعون، من دون سيارات تنقل المؤيدين. ارفع رأسك يا حمدين.. لأن من صوت لك تحدوا المنتقبات (وجهًا وعقلاً) اللواتي اتهمونك بالكفر لأنك اشتراكي، وخطباء المساجد الذين حذروا البسطاء منك لأنك ناصري، وبقايا المفسدين الذين ارتعدوا من برنامجك المنحاز للفقراء. ارفع رأسك يا حمدين.. فقد منحك الثوار أصواتهم في القاهرة والجيزة والإسكندرية والمحلة وبور سعيد والسويس والدقهلية وكفرالشيخ ودمياط وكل المدن التي انتفضت ضد مبارك ونظامه، وبت الآن الزعيم الشعبي لتلك الثورة.. وأنت وحدك. ارفع رأسك يا حمدين.. فقد صوتت لك والدة خالد سعيد وأمهات كل الشهداء الذين فقدوا حياتهم لنعيش، وخالد يوسف وعلاء الأسواني ونور الشريف وكل كتابها وفنانيها ومبدعيها، وصوت لك الفقراء الذين اعتبروك ملاذهم وضميرهم، كما صوتت لك الضمائر الحية والقلوب الطاهرة الامنة والعقول الواعية. ارفع رأسك يا حمدين.. فقد صوت لك 5 ملايين مواطن من دون فتاوي ترهبهم، من دون أن ينتظروا أوامر المرشد أو أموال الطابور الخامس الكامن للانقضاض على ثورتها. ارفع رأسك يا حمدين.. فقد فوضك من لا بيت يأويهم ولا وظيفة تؤمن قوت يومهم، كما فوضك الحالمون بدولة العدل والكرامة ومن منحوك قلوبهم قبل أصواتهم.. للحديث باسمهم. ارفع رأسك يا حمدين.. فقد خضت معركة بشرف ونبل، ضد مليارات أُنفقت لإعادة إنتاح النظام الساقط، وضد ماكينة إخوانية استخدمت الفتاوي واللحى والإرهاب جنبًا إلى جنب مع استغلال الفقر والعوز، وأثبت أنك الرقم الصعب في معادلة التأثير.. وستبقى. ارفع رأسك يا حمدين.. لأن العصافير التي زقزقت بفرح فطري وهى تعانق صفحة النيل الخالد الذي أمهلوه ولوثه منحتك تأيدها، والشمس التي أبت الابتسام والقمر الذي أطل باهتا بكى معنا، ونحن نرى ثورة تطعن من الخلف من تجار الدين وسماسرة السياسية. ارفع رأسك يا حمدين.. لأنك ابن بطنها.. وابن بطنها لا يلين ولا يخون ولا يبيع ولا ينحني.