تجددت أعمال العنف في بانجي جراء مقتل سائق "توك توك" مسلم والتى كانت توقفت نسبيا منذ يوم 29 سبتمبرالماضى بعد 4 أيام دامية أوقعت 36 قتيلا حتى الآن وفقا لإحصائيات المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية إن العديد من سكان العاصمة ظلوا محبوسين في منازلهم خوفا من التعرض لهجمات عصابات السلب والنهب كما أن 27 ألف شخص فروا من بانجي تاركين ديارهم للاحتماء في معسكرات أقيمت بالقرب من المطار، حيث توجد قوات بعثة الأممالمتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في إفريقيا الوسطى (المعروفة اختصارا باسم "مينوسكا") والتي تساعدها قوات فرنسية تعرف باسم "سنجاريس" (وهو اسم فراشة تنتشر في إفريقيا الوسطى). وتعرضت مباني تابعة لمنظمتين غير حكوميتين، وهما مؤسسة "الإسعاف الأولي – المساعدات الطبية الدولية" ومنظمة الإغاثة والتنمية الكاثوليكية "كورديد"، للهجوم يوم /السبت/ 26 سبتمبر، وكذلك مقار برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، حسبما أفاد رجال الشرطة في جمهورية إفريقيا الوسطى الذين أعلنوا نجاحهم في صد المهاجمين ، كما تمكن 500 سجين من الهرب مساء "الأحد" 27 سبتمبر من سجن نجاراجبا المركزي في العاصمة بانجي. واتهمت كاثرين سامبا - بانزا، الرئيسة الانتقالية لجمهورية إفريقيا الوسطى، والتي اضطرت إلى مغادرة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك مبكرا للعودة إلى بلدها، الرئيس السابق فرنسوا بوزيزيه بمحاولة زعزعة الاستقرار في البلاد. وقالت لقناة "فرانس 24" الفرنسية: "نعلم أن الشخصيات البارزة السابقة في الحكم ترغب في العودة من جديد وهو أمر لا يخفي على أحد". يشار إلى أن الاضطرابات في جمهورية إفريقيا الوسطى بدأت مع سقوط الرئيس فرنسوا بوزيزيه عام 2013 عقب إعادة انتخابه رئيسا للبلاد عام 2011 في انتخابات أثارت احتجاجات كثيرة ، واتحدت عدة حركات متمردة في شمالي البلاد بنهاية عام 2012 لتشكل تحالفا مسلحا باسم "سيليكا" يقاتل في صفوفه مرتزقة أجانب. ورغم توقيع اتفاق سلام في يناير 2013، استطاعت حركة "سيليكا" ذات الأكثرية المسلمة الهيمنة على العاصمة بانجي والإطاحة بالرئيس بوزيزيه في مارس من العام ذاته ، وأعلن ميشيل دجوتوديا، زعيم متمردي الحركة نفسه رئيسا انتقاليا للبلاد لمدة ثلاث سنوات ، وسرعان ما بدا دجوتوديا عاجزا عن تولي زمام الحكم رغم دعم تشاد والكونغو برازافيل له، وهو ما اضطره إلى تقديم استقالته في يناير 2014. وفي ظل غياب قيادة موحدة وقوية للبلاد، تضاعفت أعمال العنف ضد المدنيين وتعرضت المنظمات غير الحكومية للسلب والنهب فضلا عن الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان بكافة أشكالها ، ومن ثم غرقت جمهورية إفريقيا الوسطى – وهي من أفقر الدول في العالم – في فوضى عارمة ، وفي 20 يناير 2014، انتخب أعضاء المجلس الوطني الانتقالي كاثرين سامبا – بانزا رئيسة انتقالية جديدة للبلاد، والتي كانت تشغل من قبل منصب عمدة العاصمة بانجي. ويبدو أنه لا مجال الآن للحديث عن إجراء الاستفتاء على الدستور الذي كان مقررا في الرابع من أكتوبر 2015 وإجراء الانتخابات الرئاسية بعده بأسبوعين، لاسيما أن عملية إحصاء الناخبين بدأت بالكاد إلا أن الانفلات الأمني زاد المسألة تعقيدا. وأخذ النزاع سريعا منحى طائفيا إذ أن معظم أعضاء حركة "سيليكا" المتمردة من المسلمين، الملتزمين دينيا وغيرهم، بينما يشكل المسيحيون وأصحاب الديانة الإحيائية 80 % من سكان جمهورية إفريقيا الوسطى ، وحركت أعمال العنف مشاعر الانتماء الديني حيث نشطت من جديد جماعات "مناهضي البالاكا" ذات الأكثرية المسيحية عقب عمليات السلب والنهب التي شنها متمردو حركة "سيليكا" ذات الغالبية المسلمة. وأصبحت الانقسامات الطائفية بارزة بشكل ملحوظ كما أنها غذت أعمال العنف والعنف المضاد، إذ بات الوضع غير مسبوق رغم النزاعات الطويلة ذات الطابع الاقتصادي أو الديني منذ زمن بعيد بين الرعاة المسلمين من البدو والفلاحين المسيحيين من الحضر في بلد كان يعيش سكانه جنبا إلى جنب في نفس الأحياء والقرى.