روت كتب السيرة أن الصحابي عبد الله سالم بن عبيد بن ربيعة، مولى أبي حذيفة رضي الله عنهما كان يحسن تلاوة القرآن الكريم، ندي الصوت، يرقق القلوب بتلاوته ويبهج النفوس بقراءته ويجذب الناس لسماع ترتيله. وكان عبد الله سالم بن عبيد بن ربيعة، من أهل فارس من «اصطخر»، من فضلاء الموالي ومن خيار الصحابة وكبارهم، وهو معدود في المهاجرين لأنه لما أعتقته مولاته زوج أبي حذيفة تبناه أبوحذيفة، ولذلك عُدَّ في المهاجرين، وهو معدود أيضًا في الأنصار في بني عبيد لعتق مولاته الأنصارية زوج أبي حذيفة له. وفي مسند الإمام أحمد عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ سَابِطٍ، أَنَّ عَائِشَةَ، احْتَبَسَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "مَا حَبَسَكِ؟"، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ قَارِئًا يَقْرَأُ، فَذَكَرَتْ مِنْ حُسْنِ قِرَاءَتِهِ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَخَرَجَ، فَإِذَا هُوَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، فَقَالَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي أُمَّتِي مِثْلَكَ". ومدح الرسول الله صلى الله عليه وسلم- مولى حذيفة وزكاه، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكثر من الثناء عليه، وبلغ حد التزكية لسالم عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن اعتبره أكفأ الصحابة لاستخلافه أميراً للمؤمنين بعده. وذكر ابن كثير في كتابه «البداية» قول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «لو أدركني أحد رجلين ثم جعلت هذا الأمر إليه لوثقت به سالم مولى أبي حذيفة وأبو عبيدة بن الجراح». وروى أبو نعيم في حلية الأولياء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لو استخلفت سالماً مولى أبي حذيفة فسألني عنه ربي ما حملك على ذلك ؟ لقلت : رب سمعت نبيك صلى الله عليه وسلم وهو يقول: إنه يحب الله تعالى حقاً من قلبه». ولقى «سالم» ربه تعالى يوم اليمامة شهيدًا، فعن محمد بن ثابت بن قيس قال: لما انكشف المسلمون يوم اليمامة، قال سالم مولى أبي حذيفة: ما هكذا كنا نفعل مع رسول الله ، فحفر لنفسه حفرة، فقام فيها ومعه راية المهاجرين يومئذ، ثم قاتل حتى قتل. فقتل سالم يوم اليمامة شهيدًا سنة اثنتي عشرة وذلك في خلافة أبي بكر الصديق، وبلغ ميراثه مائتي درهم فقال عمر: احبسوها على أمه حتى تأتي على آخرها.