منذ أيام قليلة وفي بيان واضح من رئيس أركان الجيش الأمريكي (الجنرال أوديرتو) قال الرجل صراحة إن الحل الوحيد للمسألة العراقية المستعصية ما بين الإرهاب المنتشر في ربوع العراق من خلال داعش من ناحية والحرب غير المعلنة علي الأرض بين السنة والشيعة، هو تقسيم العراق وإن كانت كل التصريحات الرسمية تشير الى عكس ذلك والكلام يطول حول آليات التقسيم ومنهجيته والأساس التي تقوم عليه العملية برمتها وظني بعيدا عن هذه التصريحات أن يكون الأساس ما بين الدين والقومية في آن واحد ونفرد لذلك حديثا آخر فيما بعد. وجاءت الأقوال الأمريكية بعد ذلك لتنكر تلك التصريحات ودعمها الواضح نحو وحدة العراق وأن ما خرج به الجنرال أوديرتو الذي قارب علي التقاعد مسألة شخصية ورأي يخصه !! هنا حضر في الذاكرة حلم إيران الفارسي الذي لم يغب يوما عن صانع القرار مثلما يطل علينا الآن أردوغان العثمانلي الذي يريد عودة إمبراطورية النساء وتشويه الدين (العثمانية سابقا) كلها أحلام استعمارية تتشابه وبشكل واضح وصريح مع الأحلام الاستعمارية الأخري وأهمها حلم اسرائيل الكبري.. هذه الأحلام التي تقوم بالأساس على التوسع والهيمنة الاستعمارية وخلق وتصدير المشاكل والصراعات بدول الجوار وتناقض التصريحات في النهاية يدل علي تدبير شيء ما في الخفاء لتحقيقه علي مهل فيما بعد، هكذا علمتنا السياسة فلا عداء دائم ولا مصالحة مستمرة وإنما هناك مصالح دائمة. ومن يقرأ التاريخ يدرك دونما عناء أن هناك تنافسا بين أهل إيران الشيعة وتركيا وصل إلي حد الصراع علي فرض الهيمنة والسيطرة علي البلاد العربية والحرب بين الإمبراطورية العثمانية والدولة الصفوية للسيطرة علي بلاد ما بين النهرين خير شاهد علي ذلك ، حاصل القول هنا أن التاريخ الإيراني والتركي تاريخ صراع وحروب وتنافس بالأساس يتحول إلي تقارب وفقا لمعادلة المصالح التي تمثل القيمة العليا في سياسات الدول عبر التاريخ. نعود إلي إيران ومشاهد رئيسها السابق المحافظ أحمدي نجاد بصحبة رؤساء الدول الأفريقية في زيارته للقارة يعكس وبشكل موضوعي فهم أهل السياسة في إيران للأهمية الكبري للقارة الأفريقية حيث الركيزة الأساسية التي تسيطر علي عقل صانع القرار في إيران هي علاقات سياسية وتوغل ديني شيعي مؤثر في القارة ويتم ذلك بأشكال وأدوات عديدة منها البعثات الدبلوماسية التي تتواجد الآن في أكثر من 30 دولة أفريقية، وانعقاد القمة الأفريقية الإيرانية عام 2010 بمشاركة أكثر من 40 زعيما أفريقيا .. والأكثر من ذلك تمتع إيران بعضوية المراقب في الاتحاد الأفريقي والزيارات المستمرة رفيعة المستوي منها زيارة نجاد إلي أفريقيا في أبريل 2013 (غانا وبنين والنيجر) والغرض إنساني ومساعدة أهل القارة. وهنا لدينا تساؤل رئيسي ما الذي تريده إيران من أفريقيا ؟؟ وماذا تدفع مقابل ذلك؟؟ الحقيقة أن إيران تريد من القارة الحصول علي اليورانيوم حيث أنها دولة فقيرة لهذا المعدن المهم والمؤثر في طريق تحقيق طموحاتها في الإنضمام لمصاف الدول العظمي في العالم ولأن الولاياتالمتحدةالأمريكية وفي إطار حرصها علي البقاء علي كرسي سيادة العالم حاربت وصول اليورانيوم إلي هذا الكيان وبالتالي كانت أفريقيا التي ترقد علي كنز هائل من هذا المعدن وبالتحديد جنوب أفريقيا وزيمبابوي وأوغندا والنيجر في عقل وقلب السياسة الخارجية لإيران. والخلاصة أن إيران تريد بناء كيان اقتصادي وتري في القارة الأفريقية طريقا واعدا لتحقيق ذلك، وهنا لابد من القول بأن إيران تدعم ذلك روحيا ودينيا من خلال العمائم السوداء التي تمد يد العون لكل أبناء القارة وبناء المستشفيات ومد الطرق تجعل معظم أهل القارة يمدحون هذا التواجد لأنه بالنسبة لهم تواجد إنساني هذه الكلمة الناعمة التي تخفي دائما وراءها معاني كثيرة في السياسة. أما عن علاقة السودان بإيران فيكفي أن نشير الي أنها استراتيجية ومتينة ولكنها غير مبنية علي أسس هيكلية ثابتة ولكن فرضية الحصار علي كليهما فرضت واقع التقارب بين أهل السنة في السودان والملالي بإيران. فيما سبق هل يبدو أن هذا الفعل عشوائي من الجانب الإيراني ؟؟ والإجابة قطعا لا فهي تريد أن تبني إمبراطورية تقوم علي أنقاض ما تبقي منها وتحاول جاهدة لتحقيق ذلك في ظل هيمنة أمريكية إسرائيلية تحاول أن تفك هذا الحصار، والقارة الأفريقية ملعب كبير لإظهار هذه الحرب التي ستستمر طويلا وقد تنتهي إلي تقارب كما علمتنا السياسة. ويكفي أن نشير الى أن إيران تخاطب كل الدنيا كلا بلغته فهي راع للقضية الفلسطينية وتنصر شعوب أهل الأرض من الضعفاء وتحارب من أجل الإنسانية تلك الإنسانية التي انكسرت علي عموم الفكرة في سوريا التي تناصر رئيسها دونما أي اعتبارات إنسانية. يبقي أن نقول إن حلم فارس لن يقف أمامه أي شيء فالهدف واضح تمنعه فقط الوحدة العربية التي طال انتظارها ولابد من دافع جديد بين إيران والعرب تحكمه المصلحة بالأساس بعيدا عن الخلافات المذهبية التي تدمر كل شيء ولا أكون متشائما إذا قلت نذير حرب السنة والشيعة قد بدأ والعراقوسوريا واليمن خير دليل علي ذلك فانتبهوا هناك عدو واحد لنا جميعا سنة وشيعة .. الصهاينة. تعمل إيران وفق مصلحتها فآن الأوان أن نعمل نحن العرب لمصلحتنا هنا يحدث تعادل للقوي فيكون هناك حوار للتقارب والوصول إلي عدو واحد، لنا فقد دمرتنا أحلام العثمانيين قديما فانظروا إلي العدو الأكبر حتي نتوحد بعيدا عن المذهبية التي دمرتنا ومازالت.