مصر بين نار الوراق وفرحة القناة.. همّ يبكي وهمّ يفرح.. يعني في اليوم الذي كنا نسمع الزغاريد ابتهاجا ببدء عبور 3 سفن وتشغيل القناة الجديدة، نشاهد كارثة غرق مركب الوراق بأم أعيننا.. مشاعر الفرح اختلجت بالحزن، وأصوات الضحك تحشرجت في الحلوق حزنا على أرواح الأبرياء التي زهقت، أبرياء راحوا ضحايا للإهمال المتفشي، بل المتأصل، والضارب في الجذور! وعلى رأي المثل: "جت الحزينة تفرح ما لقتش لها مطرح" أهي مصر عاملة مثل الست الحزينة التي ليس لها الحق في الفرح.. لا أعرف لماذا كتب على مصر، التي خصها الله سبحانه وتعالى بالذكر، ولماذا كتب على شعبها عدم الفرح؟ الشعب المصري معروف أنه ابن نكتة، لكن ابن موت في نفس الوقت، فكم مرت علينا أحداث وكوارث منذ أن بدأنا نعرف مصرنا.. واللهم لا اعتراض! لكن إذا ما نظرنا على معظم الكوارث التي مررنا بها، سنجد أنها كوارث نتيجة الإهمال.. والإهمال، مع الأسف متفشي في قطاع النقل، الذي لم يترك مرفقا إلا ودمره، من نقل القطارات، للنقل البحري، وما بينهما عليه العوض.. وكلما وقعت كارثة، أقصى ما تتخذه الدولة، هو إقالة لوزير النقل.. فهل هذا يكفي؟ من وجهة نظري المتواضعة.. لا؟ فالإقالة ليست هي الحل الأقصى.. فلماذا عند كل مشكلة نبحث عن كبش فداء! وهذا ما فعله تماما، المهندس سمير سلامة، رئيس الهيئة العامة للنقل النهري، الذي قال حرفيا: "إن حادث مركب الوراق واصطدامه بصندل نهري هو خطأ فردي من قائدي المركب والصندل معا، وليس خطأ منظومة النقل النهري". وأضاف في تصريحات، أنه بمراجعة بيانات مركب الوراق تبين أنه غير مرخص، ودخل مياه النيل دون ترخيص، بينما الصندل مرخص له العمل داخل النيل حتى 2016، ولكنه لا يسمح له البقاء في مجرى النيل ليلا. وتابع رئيس الهيئة في تصريحاته أن الهيئة تتخذ إجراءات للمرور سنويا على جميع المرافق لمراجعة تصاريح المراكب النهرية، وأن حادث الوراق لا يعد إلا كونه خطأ فرديا. وهنا تكمن المشكلة فيما قاله رئيس الهيئة العامة للنقل النهري، فإذا كانت الهيئة تتخذ إجراءات للمرور سنويا لمراجعة التصاريح، فهذه مركبات (قطارات أو مراكب أو سفن) تحمل على متنها أرواحا، فأعتقد أن وجود دوريات تفتيش ليلية و نهارية، لهو أمر واجب، حفاظا على أرواح المواطنين، التي أصبحت رخيصة رخص التراب، ولا تهم، ما دام المسئولون وذويهم في safe side"بأمان".. نبتغي مسئولين تراعي الله في الوطن والشعب، "كلكم راع وكل مسئول عن رعيته". لماذا نبحث في مصر دائما عن شخص "يشيل" الليلة؟ لماذا لا نتعظ مما سبق؟ لماذا لا نفكر في حلول لأصل المشكلة وجذورها. من كل قلبي، ما دمنا نبحث عن من السبب فى الكارثة لتحميله المسئولية بدلا من مواجهة أنفسنا، فلن نتغير قيد أنملة.. وسنظل "محلك سر" كما كانت تقول جدتي دائما.. فإذا لم نبحث عن الحل، لن نتغير أبدا وسنظل هكذا مثل النعام الذي يدفن رأسه في الرمل، ظنا منه أن أحدا لن يراه، ولكن الفرق بيننا وبين النعام، هو أن الله أنعم علينا بنعمة العقل لنفكر!!!