ذكر التقرير النهائي للأهداف الإنمائية للألفية الذي أطلقه اليوم بان كي - مون، الأمين العام للأمم المتحدة، أن الأهداف الإنمائية للألفية حققت أنجح حركة في التاريخ لمكافحة الفقر،وستكون بمثابة نقطة انطلاق لخطة التنمية المستدامة الجديدة المقرر اعتمادها هذا العام . ورأي تقرير الأهداف الإنمائية للألفية، الذي وزعه المكتب الإعلامي للأمم المتحدةبالقاهرة، أن جهود خمسة عشر عاماً لتحقيق الأهداف الثمانية الطموحة الواردة في إعلان الأممالمتحدة للألفية عام 2000 قد نجحت إلى حدّ كبير على نطاق العالم، بينما اعترف بأنه لا تزال هناك أوجه قصور .. وأوضح التقرير أنه عن طريق التدخلات الموجَّهة، والاستراتيجيات السليمة، والموارد الكافية، والإرادة السياسية، يستطيع حتى أفقر الناس إحراز تقدم. ويؤكد تقرير الأهداف الإنمائية للألفية على أن تحديد الأهداف يمكن أن ينتشل ملايين الناس من الفقر، ويمكِّن النساء والفتيات، ويحسِّن الصحة والرفاه، ويوفِّر فرصاً جديدة وواسعة من أجل حياة أفضل. فمنذ عقدين قصيرين فقط، كان قرابة نصف بلدان العالم النامي يعيش في فقر مدقع. وقد انخفض الآن عدد السكان الذين يعيشون في فقر مدقع إلى أكثر من النصف، من 9ر1 مليار نسمة في عام 1990 إلى 836 مليوناً في عام 2015 . وقد شهد العالم أيضاً تحسّناً كبيراً في المساواة بين الجنسين في مجال التعليم منذ الإعلان عن الأهداف الإنمائية للألفية، وتحقق التكافؤ النوعي /بين الذكور والإناث/ في المدارس الابتدائية في غالبية البلدان. فيوجد الآن مزيد من البنات في المدارس، واكتسبت المرأة أرضاً جديداً في التمثيل البرلماني في قرابة 90٪ من 174 بلدا وفَّرت فيها البيانات على مدى العشرين عاماً الماضية. وقد تضاعفت تقريباً نسبة النساء في البرلمانات خلال نفس الفترة. وانخفض معدّل وفيات الأطفال قبل بلوغ سن الخامسة إلى أكثر من النصف، من 90 إلى 43 حالة وفاة بين كل1000 مولود حيّ منذ عام 1990 . وتشير أرقام الوفيات النفاسية إلى انخفاض بنسبة 45 في المائة على نطاق العالم، مع حدوث معظم الانخفاض منذ عام 2000 . ووفقا للتقرير ، حققت الاستثمارات الموجَّهة لمكافحة الأمراض، مثل فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز والملاريا، نتائج غير مسبوقة. وقد تم تفادي أكثر من 6.2 مليون وفاة بسبب الملاريا في الفترة ما بين عامي 2000 و 2015 ،بينما أنقذت تدخّلات الوقاية من السّل وتشخيصه وعلاجه حياة ما يقدَّر بنحو 37 مليون شخص في الفترة ما بين عامي 2000 و 2013 . وعلى نطاق العالم، حصل 1ر2 مليار شخص على خدمات محسَّنة للصرف الصحي، وانخفضت نسبة الناس الذين يمارسون التغوّط في العراء إلى قرابة النصف منذ عام 1990 . وشهدت المساعدة الإنمائية الرسمية المقدَّمة من البلدان المتقدمة النمو زيادة بنسبة 66 في المائة بالقيمة الحقيقية في الفترة ما بين عامي 2000 و2014 ، لتصل إلى 2ر135 مليار دولار. وكشف تقرير الأهداف الإنمائية للألفية 2015 أن المنطقة العربية حققت تقدماً كبيراً في العديد من الأهداف الإنمائية للألفية. ومع ذلك، تهدد الحرب والاضطرابات الأهلية والزيادة السريعة في عدد اللاجئين العديد من الإنجازات. وحققت دول غرب آسيا الهدف المتمثل في خفض نسبة الفقر المدقع قبل الموعد المحدد. انخفضت نسبة السكان الذين يعيشون على أقل من 1.25 دولار يومياً من 5.3 في المائة في عام 1990 إلى 1.5 في المائة في عام 2011. ومع ذلك، من المتوقع أن يرتفع معدل الفقر المدقع في المنطقة بين عامي 2011 و2015، من 1.5 في المائة إلى 2.6 في المائة. ما زال هدف الحد من الجوع بعيد عن التحقيق في المنطقة. منطقة غرب آسيا هي المنطقة الوحيدة التي شهدت ارتفاعا في معدل انتشار نقص التغذية في 1990-1992 إلى 2014-2016، نتيجة للصراعات. وحققت دول شمال أفريقيا هدف تخفيض نسبة الفقر المدقع قبل خمس سنوات من الموعد النهائي المحدد عام 2015، ووصلت للهدف المتمثل في خفض نسبة الأطفال المصابين بسوء التغذية. هذه البلدان قريبة من القضاء على انعدام الأمن الغذائي الحاد، بعد أن بلغ المستوى الكلي للجوع أقل من 5 في المائة. وفيما يتعلق بالتعليم والمساواة بين الجنسين ، حققت المنطقة أيضاً تقدماً جيداً في توسيع فرص الحصول على التعليم الابتدائي وتحسين المساواة بين الجنسين في جميع مستويات التعليم. وفي غرب آسيا، ارتفع معدل الالتحاق الصافي بالتعليم الابتدائي من 86 في المائة في عام 2000 إلى 95 في المائة في عام 2015. تم تسجيل العديد من الفتيات في المدارس مقارنةً بما كان عليه الحال قبل 15 عاماً. غرب آسيا هي المنطقة النامية الوحيدة التي حققت المساواة بين الجنسين في مجال التعليم العالي. على الرغم من التقدم في غرب آسيا، فقد كان للصراع الدائر في سوريا تأثيراً مدمراً على تعليم الأطفال. وتشير البيانات الصادرة عن وزارة التربية والتعليم السورية أن معدلات الالتحاق انخفضت بنسبة 34 في المائة للصفوف 1-12 في السنة الدراسية المنتهية في عام 2013. وحققت شمال أفريقيا، التي كانت معدلات الالتحاق فيها 80 في المائة في عام 1990، تعميم التعليم الابتدائي بحلول عام 2015. تم تسجيل واحدة من أكبر الزيادات في معدلات معرفة القراءة والكتابة بين عامي 1990 و 2015 في المنطقة (من 67 في المائة إلى 91 في المائة). و لوحظت زيادات كبيرة في الوصول المتكافئ للفتيات والفتيان للتعليم. في عام 1990، التحقت 82 فتاة فقط بالمدارس الابتدائية مقابل كل 100 فتى. الآن هناك 96 من الفتيات مسجلات مقابل كل 100 فتى. في التعليم الثانوي، تحققت المساواة بين الجنسين في عام 2015. وفي شمال أفريقيا التحقت الفتيات بالتعليم العالي بمعدل أعلى من الشباب الذكور. كذلك أشار التقرير الى أن المرأة في شمال أفريقيا تكتسب المزيد من القوة في عالم السياسة، على الرغم من أن الفجوة بين الجنسين في التوظيف لا تزال حادة. وفيما يتعلق بالأهداف الصحية، هناك تحسينات واضحة في مجال بقاء الطفل وصحة الأم في المنطقة. وقد حقق غرب آسيا تقريباً هدف خفض الثلثين في معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة. تم إحراز تقدم كبير في تحسين الحصول على مياه الشرب النقية ومرافق الصرف الصحي الأساسية، وقد حققت المنطقة بالفعل كل من الهدفين. زادت المنطقة الجغرافية تحت الحماية في غرب آسيا بأكثر من أربعة أضعاف، من 3.7 في المائة في عام 1990 إلى 15.4 في المائة في عام 2014. وتعتبر شمال أفريقيا واحدة من ثلاث مناطق فقط حققت الهدف المتمثل في خفض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة بمقدار الثلثين قبل الموعد النهائي في 2015. انخفض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة بنسبة 67 في المائة، من 73 حالة وفاة لكل 1000 ولادة حية في عام 1990 إلى 24 عام 2015. وتعتبر المنطقة أيضاً واحدة من المناطق الثلاثة التي سجلت أعلى انخفاض (57 في المائة) في معدل وفيات النفاسية، من 160 إلى 69 حالة وفاة للأمهات لكل 100,000 ولادة حية بين عامي 1990 و 2013. كما حققت شمال أفريقيا أيضاً هدف تحسين الصرف الصحي وهي قريبة من تحقيق هدف تحسين مياه الشرب لعدد اكبر من سكان المنطقة. ويسلط التقرير الضوء على مكاسب هامة تحققت بالنسبة لكثير من غايات الأهداف الإنمائية للألفية على نطاق العالم،ولكن التقدم كان متفاوتاً عبر المناطق والبلدان، بحيث ترك فجوات كبيرة. ولا تزال النزاعات تُمثل أكبر تهديد للتنمية البشرية، حيث تعاني البلدان الهشة والمتضرّرة من النزاعات عادة من أعلى معدّلات الفقر. ولا يزال عدم المساواة بين الجنسين سائداً على الرغم من زيادة تمثيل المرأة في البرلمان وذهاب مزيد من البنات إلى المدارس. ولا تزال المرأة تواجه التمييز في الحصول على العمل، والأصول الاقتصادية، والمشاركة في صنع القرار على مستوى القطاعين الخاص والعام. وعلى الرغم من التقدم الكبير الذي حققته الأهداف الإنمائية للألفية، لا يزال نحو 800 مليون شخص يعيشون في فقر مدقع ويعانون من الجوع .. ويحتمل أن يصاب الأطفال المنتمون إلى أفقر 20 في المائة من الأسر بنسبة أكثر من ضعف إصابة الأطفال المنتمين إلى أعلى 20 في المائة من الأسر، ويحتمل أربع مرات ألاّ يلتحقوا بالمدارس. وفي البلدان المتضرّرة من النزاعات، زادت نسبة الأطفال غير الملتحقين بالمدارس من 30في المائة في عام 1999 إلى 36 في المائة في عام 2012 . وفي سياق البيئة، زادت نسبة الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون إلى أكثر من 50 في المائة منذ عام1990 ، وتؤثر ندرة المياه الآن في 40 في المائة من سكان العالم، ومن المتوقع أن تتزايد. واستكمالاً للنجاح والزخم اللذين حققتهما الأهداف الإنمائية للألفية، هناك أهداف عالمية جديدة ستُمثِّل فتحاً يتسم بالطموح بالنسبة لمظاهر عدم المساواة، والنمو الاقتصادي، والوظائف اللائقة، والمدن والمستوطنات البشرية، والتصنيع، والطاقة، وتغيُّ المناخ،والاستهلاك والإنتاج على نحو مستدام، والسلام، والعدل. واختتم بان كي - مون بقوله: "إن خطة التنمية البازغة لما بعد عام 2015 ، بما في ذلك مجموعة أهداف التنمية المستدامة، تجاهد للبناء على النجاحات التي حققناها، ووضع جميع البلدان على الطريق معاً بشكل راسخ للسير نحو عالم أكثر ازدهاراً واستدامة وعدالة". ويعكس تقرير الأهداف الإنمائية للألفية، الذي يُعد تقييماً سنوياً للتقدم العالمي والإقليمي نحو تحقيق الأهداف، البيانات الأحدث والأكثر شمولاً التي جمعتها أكثر من 28 وكالة من وكالات الأممالمتحدة والوكالات الدولية، وتصدره إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأممالمتحدة.