أكد السفير عمرو رمضان مندوب مصر الدائم لدى الأممالمتحدة في جنيف، خطورة ظاهرة الإرهاب التي لم تترك إقليما أو قارة إلا وطالتها يدها الإجرامية.. مستشهدا في هذا الشأن بحادث الاغتيال الآثم للنائب العام المصري مؤخرا وما سبقه من أحداث إجرامية في تونسوالكويت وفرنسا، لافتا في هذا السياق إلي خطورة آثار الإرهاب على قدرة الأفراد على التمتع بحقوقهم المختلفة، خاصة الحق في الحياة والحرية والأمن. جاء ذلك في كلمته أمام الحلقة النقاشية التي شهدها مجلس حقوق الإنسان في دورته الحالية المنعقدة في جنيف، والتي نقلها بيان الوفد المصري. وتناولت الحلقة النقاشية آثار الإرهاب على تمتع جميع الأشخاص بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، خاصة الحق في الحياة والحق في الأمن الشخصي للأفراد، وذلك تنفيذا لما نص عليه القرار الذي أصدره المجلس في شهر مارس الماضي حول ذات الموضوع بمبادرة مصرية مدعومة من الجزائر والمغرب والأردن والسعودية، وكذلك في إطار تركيز المقرر الخاص المعنى بحقوق الإنسان أثناء مكافحة الإرهاب وبقية المتحدثين في الحلقة النقاشية على الآثار السلبية للأعمال الإرهابية على قدرة الأفراد والجماعات على التمتع بفئات حقوق الإنسان المختلفة المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وعلى رأسها حق الفرد في الحياة والحرية وأمنه الشخصي وهي الحقوق اللصيقة بالشخصية الإنسانية والتي يقوضها الإرهاب بصورة مباشرة. وشدد السفير عمرو على أن الدولة عندما تتصدى للإرهاب طبقا لمسئوليتها الأصلية المقررة في هذا الشأن فهي بذلك تحمي حقوق الأفراد وتصونها من عدوان الجماعات الإرهابية عليها. ونوه الوفد - في بيانه - بأهمية توثيق علاقات التعاون الإقليمية والدولية للتصدي لظاهرة الإرهاب التي تعدى خطرها القدرات الفردية لبعض الدول. على صعيد متصل، وفى إطار الحلقة النقاشية بمجلس حقوق الإنسان في جنيف، اتفقت بيانات وفود الدول الأخرى المشاركة على إدانة ظاهرة الإرهاب العالمي وتأكيد جسامة خطرها على الاستقرار واستتباب السلم والأمن الدوليين، كما طالبت في هذا الشأن بتوثيق التعاون على مختلف المستويات من أجل التصدي لتلك الآفة الخطيرة من خلال إعمال ما تضمنته استراتيجية الأممالمتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب. ومن ناحية أخرى، شارك الوفد المصري لدى الأممالمتحدةبجنيف برئاسة السفير عمرو رمضان، اليوم الأربعاء، في جلسة استماع عرضت فيها إحاطة المفوضية السامية لحقوق الإنسان حول أنشطة جماعة (بوكو حرام) الإرهابية في إطار فعاليات دورة مجلس حقوق الإنسان الجارية. وأكد الوفد المصري - في البيان الذي ألقاه خلال الجلسة - جسامة التهديد الذي تمثله جماعة (بوكو حرام) التي انتشر خطرها من غرب إفريقيا إلى وسطها، كما أكد ضرورة عدم الربط بين الإرهاب وأي دين أو جنسية أو جماعة بعينها.. مطالبا بتوثيق التعاون الإقليمي والدولي للتصدي لخطر الإرهاب. وفيما يلي نص كلمة مندوب مصر الدائم أمام الحلقة النقاشية التي شهدها مجلس حقوق الإنسان في دورته الحالية المنعقدة في جنيف: "سيدي الرئيس.. إن بحث آثار الإرهاب على التمتع بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية يكتسي أهمية بالغة في ظل تلك الموجة العاتية من الأعمال الإرهابية التي تضرب العالم أجمع دون أن تستثني مجتمعا من المجتمعات، كما رأينا منذ أيام في الكويتوتونس وفرنسا، وكما تابعنا أمس في القاهرة حيث اغتيل النائب العام لجمهورية مصر العربية في حادث إرهابي أثيم، وهي الحوادث التي كان لها آثار جسيمة على تمتع الأفراد بحقوقهم وحرياتهم بصورة كاملة. لقد جاء انعقاد تلك الندوة إعمالا لما تضمنه قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 17/28 الذي اتسم بالنظرة الشمولية المتكاملة، ولم يكتف بالتصدي للعلاقة بين الإرهاب وحقوق الإنسان من منظور محدود مبتسر يقتصر على "حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية أثناء محاربة الإرهاب" على نحو ما نصت عليه قرارات سابقة وما أشار إليه بعض المتحدثين اليوم، وإنما أضاف إلى ذلك العنصر المهم التركيز على آثار ظاهرة الإرهاب على التمتع بحقوق الإنسان المختلفة، خاصة الحق في الحياة والحق في السلامة الفردية، فضلا عن الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية الأخرى، وكذلك آثار الإرهاب على سلامة الدول وتكاملها الإقليمي والمشروعية الدستورية لنظم الحكم القائمة فيها، مما يدفع بشكل أكبر نحو تعزيز التعاون الدولي للقضاء على هذه الآفة الخطيرة. سيدي الرئيس.. إننا نرى أن التصدي لظاهرة الإرهاب وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية أمران متكاملان لا تعارض بينهما، ذلك أن الدولة عندما تتصدى للإرهاب إنما تحمي بذلك حقوق الإنسان، خاصة حقه في الحياة وحقه في الأمن الشخصي، وهما من أخص خصوصيات الإنسان. وبالمثل، عندما تسعى الدول إلى إحقاق حقوق الإنسان بمختلف فئاتها من مدنية وسياسية واقتصادية واجتماعية، فإنها بذلك تحمي الإنسان من الخوف والعوز وتوفر له الأمن والرفاهية، على نحو يقوض الأسباب الكامنة التي تغذي الإرهاب وتذكيه. فالمسئولية الأولى للتصدي لظاهرة الإرهاب تقع على عاتق الدولة بما لها من اختصاص أصيل بحماية مواطنيها ومؤسساتها وترابها الوطني، ويتعين على الدولة، وهي بصدد محاربة الإرهاب، أن تلتزم بالقواعد القانونية التي نص عليها القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، والتي تعد قواعد قانونية مستقرة لا يجوز التغاضي عنها بأية حال. إن التصدي لظاهرة الإرهاب بصورة فاعلة يقتضي بالدرجة الأولى توثيق التعاون بين مختلف الأطراف المعنية، الحكومية والخاصة، والإقليمية والدولية، من أجل منع مختلف صور الدعم التي يمكن أن تتلقاها الجماعات الإرهابية، خاصة الدعم السياسي تحت دعاوى مختلفة والملاذات الآمنة، وكذلك الدعم المالي، فضلا عن ضرورة التصدي للدعاية التي تبثها بعض وسائل الإعلام وقنوات التواصل الاجتماعي المتطورة تمجيدًا للأفكار والجماعات الإرهابية، وذلك من خلال وضع استراتيجيات توظف ذات الوسائل التقنية وتروج لرسائل توعوية تتسم بالتسامح والاعتدال.. ومن ناحية أخرى، يتعين أن تتخذ الدول من خلال سلطاتها المختصة الإجراءات القانونية اللازمة من أجل محاسبة من يثبت تورطه في ارتكاب أفعال الإرهاب المؤثمة وذلك لحماية السلم والاستقرار الأهلي من خلال ردع من تسول له نفسه ارتكاب مثل تلك الأعمال، ولتأكيد سيادة القانون ومكافحة الإفلات من العقاب".