استمرار هدنة قوات التحالف مرهون بالتزام الحوثيين والقوات التابعة لصالح سفن المعونات تنتظر وقف القتال لتفريغ حمولتها من أجل تخفيف معاناة المدنيين مئات الآلاف من الأشخاص يواجهون صعوبة في تأمين احتياجاتهم الأساسية ونقص حاد بالأغذية والمحروقات نزوح أكثر من 300 ألف مدني داخل اليمن جراء استهدافهم من قبل ميليشيات الحوثي كثفت قوات التحالف من ضرباتها المركزة على معاقل تجمع الحوثيين والقوات التابعة للرئيس المخلوع على عبد الله صالح فى اليمن قبل سريان الهدنة الإنسانية، التي قررتها المملكة العربية السعودية من أجل فتح ممرات آمنة تساعد على مواصلة جهود الإغاثة الإنسانية في البلاد التي تمزقها الحرب الأهلية من قبل تدخل قوات التحالف. وستدخل العمليات العسكرية لقوات التحالف مرحلة هدنة إنسانية بمبادرة من السعودية، وتستمر 5 أيام، إذا التزمت ميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع على صالح بها. وتستعد الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة اليوم، الثلاثاء، للقيام بعملية إنسانية واسعة النطاق في اليمن، فيما تبدأ هدنة مساء بمبادرة من السعودية التي تقود تحالفاً لاستعادة الشرعية، مرهونة بالتزام الانقلابيين الحوثيين بها، وقالت الناطقة باسم برنامج الأغذية العالمي اليزابيث بيرز خلال مؤتمر صحافي في جنيف، إن هذه المنظمة "مستعدة لتقديم حصص غذائية طارئة لأكثر من 750 ألف شخص في المناطق المتضررة"، وسيستفيد برنامج الأغذية العالمي أيضاً من الهدنة لكي يودع في البلاد مخزونات من المساعدة الغذائية. وكان برنامج الأغذية العالمي أعلن في 30 أبريل أن النقص في المحروقات أرغمه على أن يوقف تدريجياً عمليات توزع المواد الغذائية، ومنذ ذلك الحين رست سفينة محملة بحوالي 250 ألف ليتر من المحروقات وتجهيزات السبت في ميناء الحديدة في غرب اليمن، وهناك سفينة ثانية موجودة في المياه الدولية وتنقل 120 ألف ليتر من المحروقات في انتظار التمكن من أن ترسو في الميناء، لكن برنامج الأغذية العالمي يقول إنه بحاجة إلى مليون ليتر من المحروقات شهرياً في اليمن. من جهته، قال الناطق باسم مفوضية الأممالمتحدة العليا للاجئين أدريان أدواردز، إن الوكالة "تضع اللمسات الأخيرة على التحضيرات" لكي تقيم "جسراً جوياً كبيراً" على أن تنقل ثلاث طائرات في بادئ الأمر 300 طن من المساعدات، وقال ادواردز إن "مئات آلاف الأشخاص يواجهون صعوبة في تأمين احتياجاتهم الأساسية وهم بحاجة ماسة إلى المساعدة"، جراء استهداف الانقلابيين الحوثيين للمدنيين. وأبدت منظمة الصحة العالمية أيضاً استعدادها "لزيادة أنشطتها" وإرسال تجهيزات طبية إلى المناطق المتضررة من جراء النزاع التي لم تتلق بعد مساعدات، وعرضت الرياض الجمعة هدنة إنسانية من خمسة أيام قابلة للتمديد يبدأ العمل بها مساء الثلاثاء، ونزح أكثر من 300 ألف مدني داخل اليمن من جراء استهدافهم من قبل ميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح. وقالت منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو)، إن عمليات قصف "كثيفة" ليل أوقعت "أضرارا جسيمة" في البلدة القديمة بالعاصمة اليمنية صنعاء المصنفة ضمن التراث العالمي، داعية مختلف الأطراف إلى "حماية التراث الفريد" لهذا البلد، وقالت المنظمة في بيان " لها أنه في الأيام الأخيرة تلقت اليونيسكو معلومات تشير إلى أضرار كبيرة أصابت مواقع ثقافية مهمة في اليمن". وبحسب معلومات جمعتها اليونيسكو، فإن بلدة صنعاء القديمة التي تعود منازل الآجر الشهيرة فيها ومساجد وحمامات إلى ما قبل القرن السادس "تعرضت لقصف كثيف ليل 11 مايو ما تسبب بأضرار جسيمة في العديد من المباني التاريخية"، وأضافت المنظمة أن مدينتي صعدة (شمال) وبراقش (شمال غرب) "أصيبتا أيضا بأضرار". وقالت إيرينا بوكوفا مديرة اليونيسكو :"أدين عمليات التدمير هذه وأدعو كافة الأطراف إلى جعل التراث الثقافي خارج دائرة النزاع"، معتبرة أن هذا التراث هو "شاهد استثنائي لمنجزات الحضارة الإسلامية"، وصنعاء التي شيدت في منطقة جبلية على ارتفاع 2200 متر كانت في القرنين السابع والثامن مركزا حضاريا إسلاميا مهما. ويوجد في صنعاء 103 مساجد و14 حماما ونحو ستة آلاف منزل بينها منازل أبراج وأخرى صنعت من الآجر، شيدت قبل القرن السادس كما يوجد في اليمن موقعان آخران مدرجان ضمن التراث العالمي وهما مدينة شيبام (شرق) ومدينة زبيد التاريخية (غرب). من ناحية اخرى أظهرت صور نُشرت لانفجارات مخازن أسلحة لميليشيات صالح والحوثي في جبل نقم شرق صنعاء، الحجم الكبير للأسلحة المخزنة في ذلك الجبل، ليس هذا فحسب بل إن بعض تلك الأسلحة تطايرت عشوائيا لتضرب المنازل القريبة من المخازن الموجودة في المناطق الآهلة بالسكان. فالمخلوع صالح الذي حكم اليمن 3 عقود عرّض حياة المدنيين للخطر حتى قبل أن تبدأ قوات التحالف عملياتها، حيث اختار بناء مخازن أسلحته قرب بيوت الناس، لتأتي ميليشيات الحوثي بعد أن تحالفَا، وتمشي على الدرب نفسه بنقلها لعدد كبير من الأسلحة الثقيلة إلى داخل المدن. الصور التي التقطها سكان في الأحياء القريبة من جبل نقم "الحاضن لمخازن أسلحة"، والذي استهدفته قوات التحالف تُظهر كمية الأسلحة الهائلة المخزنة في ذلك الجبل، وتسببت ضربات الطيران على تلك المخازن أيضا في تطاير عدد كبير من الأسلحة والصواريخ واتجاهها إلى منازل المدنيين، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى. وتعيد انفجارات جبل نقم التذكير بما حدث في مخزن أسلحة فج عطان بصنعاء، بعد أن استهدفته قوات التحالف الشهر الماضي، وأظهرت الصور حينها حجم الانفجار الهائل الناتج عن الضربة الجوية. من ناحية أخرى وصل مبعوث الأممالمتحدة الجديد إلى اليمن، إسماعيل ولد شيخ أحمد، إلى صنعاء التي يسيطر عليها الانقلابيون الحوثيون، قبل ساعات من دخول هدنة إنسانية حيز التنفيذ، وقام الدبلوماسي الموريتاني الذي حل في نهاية أبريل محل المغربي المستقيل جمال بنعمر، قبل وصوله إلى صنعاء بجولة شملت السعودية التي تقود التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن. وقال المبعوث الأممي إن الزيارة ستبحث موضوع الهدنة الإنسانية التي أعلن عنها، والعمل على التحضير لها، إضافة إلى بحث جلوس الأطراف اليمنية على طاولة الحوار بهدف الوصول إلى حل سياسي. واعتبر ولد شيخ أن الهدنة "يجب أن تكون غير مشروطة" لتتمكن الأممالمتحدة من إيصال المساعدات لكل اليمنيين في كل المناطق اليمنية، مشيرا إلى أن هناك فريقاً من المنظمات الإنسانية كاليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية ومنظمات أخرى ستصل لاحقاً إلى صنعاء، وأوضح أنه "مقتنع بأنه ليس هناك حل للمشكلة اليمنية إلا من خلال الحوار الذي يجب أن يكون يمنياً". فى سياق أخرى فتحت صحيفة واشنطن بوست ملف تجنيد الأطفال في القتال الجاري في اليمن، واتهم تقرير للصحيفة الأطراف المتنازعة بتجنيد الأطفال وبشكل خاص الحوثيين إذ يبلغ عدد المقاتلين في صفوفهم من صغار السن ما يقارب الثلث. وخلع مئات أو ربما آلاف الأطفال الزي المدرسي وحملوا السلاح في اليمن، فانطلق تحذير لمنظمات دولية يلقي الضوء على جانب مظلم من الصراع في اليمن منذ انقلاب ميليشيات الحوثي وصالح على الشرعية. وبحسب المنظمات المعنية، فإن أعمار الأطفال الذين يشاركون في القتال قد لا تتجاوز ال13 من العمر، وتتهم هذه المنظمات الأطراف كافة، لكنها ألقت جزءا كبيرا من اللوم على ميليشيات الحوثي، فقرابة كل الكتائب التابعة لهذه الميليشيات تضم مقاتلين أطفالا، كما يقدر عدد المسلحين تحت سنة الثامنة عشرة في صفوف الحوثيين بقرابة ثلث قوات الميليشيات التي يقدر عدد مسلحيها بنحو 25 ألف شخص. وأدخلت ميليشيات الحوثي مبدأ تجنيد الأطفال في اليمن منذ أولى جولات صراعها مع الدولة عام 2004، وهي تقر باستخدام الأطفال غير أنها تزعم أنهم لا يشاركون في القتال بل يكتفون بإدارة نقاط التفتيش في بعض المناطق، وهي مزاعم يدحضها مقتل عدد من الأطفال في صفوف الحوثيين أثناء المعارك. ولتجنيد الأطفال أسباب مختلفة، فالأطراف المتنازعة مثل القاعدة والحوثيين يقدمون أموالا ووجبات منتظمة ومزايا أخرى لمقاتليهم من الأطفال، ويقدر ناشطون مقدار ما يجنيه الطفل المقاتل في اليمن بنحو 100 دولار شهريا في دولة يعيش أكثر من نصف سكانها تحت خط الفقر. ومع الأزمة الإنسانية الناجمة عن القتال وفقدان الآلاف أعمالهم وإغلاق المدارس، تضغط بعض الأسر على أطفالها للاستمرار في القتال لإعالة هذه الأسر. من جهة أخرى، وقّع اليمن على أكثر من اتفاقية لحماية الأطفال ومنع تجنيدهم، لكن التطبيق متوقف بسبب الأزمة، والنتيجة بحسب ناشطين المئات من الأطفال المقاتلين الذين إن نجوا من ميادين المعارك سيعانون من صدمة واكتئاب وسلوك غير اجتماعي لسنوات طويلة.