* أوباما يتصل بالسيسى هاتفيا ليبلغه استئناف المساعدات العسكرية * واشنطن تقدم 1.3 مليار دولار لمصر سنويا كمساعدات عسكرية * أوباما: مستعدون لتسليم الطائرات "إف 16′′ والصواريخ من طراز هاربون والدبابات إم 1 ايه1 أخيرا وبعد فترة طويلة من الترقب والحذر كانت تحيط بالعلاقات المصرية الأمريكية وتحديدا منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسى فى 3 يوليو عام2013 بدأت بوادر دفء العلاقات تعود بشكل تدريجى إلى العلاقات المصرية الأمريكية. وسيذكر التاريخ أن آخر أيام شهر مارس من عام 2015 شهدا وداعا لحالة الفتور التى سيطرت على طبيعة العلاقات المصرية الأمريكية وبدء عهد جديد من العلاقات القائمة على التعاون المشترك خاصة بعد النجاحات الكبيرة التى حققها الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ انتخابه رئيسا لمصر وجهوده الكبيرة فى مكافحة الارهاب داخل وخارج مصر والتى توجها أخيرا بنجاح المؤتمر الاقتصادى والقمة العربية المنعقدين فى شرم الشيخ خلال الشهر الجارى. هذا المساء حمل مفاجأة غير متوقعة للعديد من التابعين والمراقبين حينما أجرى الرئيس الأمريكي باراك أوباما اليوم اتصالًا هاتفيًا بالرئيس عبد الفتاح السيسي أبلغه خلاله استئناف المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، وتسليم 12 طائرات "إف 16′′ و20 صاروخا من طراز هاربون و125 دبابة إم 1 ايه1′′. وأكد أوباما خلال الاتصال إنه سيطلب من الكونجرس استمرار المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر التي تبلغ قيمتها 1.3 مليار دولار سنويًا. وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن الولاياتالمتحدة ستقدم مساعدات أمنية لمصر اعتبارًا من العام المالي 2018 تخصص لأربع فئات وهي مكافحة الإرهاب، وأمن الحدود، وأمن سيناء، والأمن البحري، وصيانة الأنظمة العسكرية الموجودة بالترسانة المصرية. وأوضح الرئيس أوباما أن تلك المساعدات وغيرها من الخطوات ستساعد في رفع مستوى المساعدات العسكرية الأمريكية لتكون في وضع أفضل لمعالجة التحديات التي تواجه مصالح مصر والولاياتالمتحدة في المنطقة التي تواجه عدم استقرار وتمشيا مع الشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد بين البلدين. وتطرق الاتصال إلى التطورات الأخيرة في المنطقة من بينها ليبيا واليمن، واتفق الرئيسان أوباما والسيسي على مواصلة الاتصال خلال الأسابيع والأشهر المقبلة. اتصال أوباما الليلة بالرئيس عبد الفتاح السيسى يعنى ان أمريكا بدأت تراجع مواقفها التى دفعها إليها عدد كبير من المتشددين والمؤيدين لإسرائيل داخل الكونجرس والتى بدأت برفض الولاياتالمتحدة إعادة 10 طائرات من طراز أباتشى إلى مصر بعد ان توجهت الى الولاياتالمتحدة لإجراء الصيانة الدورية فى توقيت قريب من عزل الرئيس الاخوانى الذى كانت تدعمه الولاياتالمتحدة وعلى اثر ذلك تصاعدت حدة التوتر بين الولاياتالمتحدةالأمريكية ومصر على خلفية رفض أمريكا رد مجموعة من طائرات الأباتشي إلى مصر، كانت قد أرسلتها إليها لصيانتها.
وشهد العلاقات بين مصر وأمريكا توترًا ملحوظًا في أعقاب تدخل الجيش المصري لعزل الرئيس السابق محمد مرسي، عن الحكم في 3 يوليو الماضي، تلبية لتظاهرات حاشدة خرجت مطالبة بإسقاطه. وأكد اللواء سامح سيف اليزل، الخبير الإستراتيجي أن "طائرات الأباتشي التى غادرت إلى أمريكا كانت من أجل فحوصات صيانة، والجانب الأمريكي عطل رجوعها". وكان عدد من نواب الكونجرس الامريكى قد اتخذوا مواقف متشددة من مصر وطالبوا بتجميد المساعدات العسكرية التى تقدمها الادارة الأمريكية لمصر منذ عقد اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل عام 78 حيث حذر نواب في الكونجرس الأمريكي إدارة الرئيس باراك أوباما، من إرسال طائرات أباتشي إلى مصر. وقال السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام، عضو لجنة مخصصات المساعدات الخارجية في الكونجرس، إن "هناك عواقب وخيمة حال استئناف واشنطن المساعدات للحكومة العسكرية المصرية، ومنها تسليم طائرات الأباتشي اللازمة لمحاربة الإرهاب في سيناء". وأضاف في تصريحات لصحيفة "آل مونيتور": أن "أعضاء المجلس يستهدفون وضع شروط للمساعدات، كي لا تبدو واشنطن وكأنها تكتب شيكات على بياض"، معربًا عن رغبته في رؤية مصر تتحرك نحو حكومة مدنية ديمقراطية". وهددت إيلينا روس ليتنين، رئيسة اللجنة الفرعية لشؤون الشرق الأوسط في مجلس النواب الأمريكي باللجوء إلى القضاء، لإيقاف إرسال طائرات الأباتشي إلى مصر. وقالت في تصريحات صحفية: "تلك الخطوة قد تدفعنا إلى اللجوء إلى الدعاوى القضائية ضد الإدارة، حال تمرير المساعدات إلى مصر". والمعونة الأمريكية لمصر، هي مبلغ ثابت سنويا تتلقاه مصر من الولاياتالمتحدةالأمريكية في أعقاب توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، حيث أعلن الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت جيمي كارتر تقديم معونة اقتصادية وأخرى عسكرية سنوية لكل من مصر وإسرائيل، تحولت منذ عام 1982 إلى منح لا ترد بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل، و2.1 مليار دولار لمصر، منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية. وتمثل المعونات الأمريكية لمصر 57% من إجمالي ما تحصل عليه من معونات ومنح دولية، سواء من الاتحاد الأوروبي واليابان وغيرهما من الدول، كما أن مبلغ المعونة لا يتجاوز 2% من إجمالي الدخل القومي المصري وفق وزارة التعاون الدولي. ويستبعد المحللون أن تقطع المعونة العسكرية لمصر لأنها تساعد في تعزيز الأهداف الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة، واستفادت من خلالها واشنطن الكثير، مثل السماح لطائراتها العسكرية بالتحليق في الأجواء العسكرية المصرية، ومنحها تصريحات على وجه السرعة لمئات البوارج الحربية الأمريكية لعبور قناة السويس، إضافة إلى التزام مصر بشراء المعدات العسكرية من الولاياتالمتحدة، فأمريكا قدمت لمصر حوالى 7،3 مليار دولار بين عامى 99 و2005 في إطار برنامج مساعدات التمويل العسكرى الأجنبي، وأنفقت مصر خلال نفس الفترة حوالى نصف المبلغ، أي 3.8 مليار دولار لشراء معدات عسكرية ثقيلة أمريكية. والتلويح بقطع المعونة الأمريكية أسلوب دائماً تستخدمه الولاياتالمتحدة كورقة ضغط على مصر لتحقيق مصالحها السياسية ولكن في الاونة الاخيرة نرى المصريين هم الساعى الاول لقطعها في ظل الظروف الديمقراطية الجديدة وهى في الايام الحالية لا تمثل خللا في الدخل القومى. وفي 17 يونيو 2014 قدم مجلس الشيوخ الأمريكي مقترحا لخفض المعونة العسكرية الأمريكية لمصر من 1.3 مليار دولار سنويا إلى مليار دولار فقط وكذا خفض المعونة الاقتصادية من 250 مليون دولار إلى 150 مليون دولار ، وقد سبق هذا المقترح مقترح آخر قدمه الجمهوريون في الكونجرس الامريكي تضمن ثبات المعونة العسكرية عند مستوى 1.3 مليار دولار سنويا وخفض المعونة الاقتصادية بواقع 50 مليون دولار لتستقر عند 200 مليون دولار فقط سنويا. وكانت صحيفة المونيتور الأمريكية قد اكدت منذ ايام أن مشروع قانون الإنفاق الذى من المتوقع تمريره من قبل الكونجرس ، من شأنه أن يسمح لوزارة الخارجية الأمريكية استئناف المساعدات العسكرية لمصر، حيث يحدد مشروع القانون عددا من المتطلبات قبل استئناف المساعدات العسكرية السنوية لمصر، ويسمح لوزير الخارجية الأمريكى جون كيرى بتمرير المساعدات لأسباب تتعلق بالأمن القومى. وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن قرار استعادة هذه السلطة، التى كانت غائبة عن مشروع قانون الإنفاق السابق، تمثل انتصارا للرئيس عبد الفتاح السيسى وحلفائه الإقليميين. ويأتى تغيير السياسة الخاصة بالمساعدات الخارجية والتى تمنح لوزارة الخارجية مرونة أكبر، فى أعقاب ضغط شديد من مصر وحلفائها فى المنطقة بما فى ذلك السعودية والإمارات والأردن . وساندت كاى جارنر، المتحدثة باسم لجنة الاعتمادات فى مجلس النواب، السياسات الجديدة الخاصة بالمساعدات الخارجية، خلال مناقشات خاصة بمشروع قانون الإنفاق، فى مواجهة زميلتها الديمقراطية نيتا لولى والسيناتور الجمهورى الرفيع ليندساى جراهام. وقالت الصحيفة إنه على الرغم من أن السيناتور باتريك ليهى، رئيس لجنة الاعتمادات الخارجية بمجلس الشيوخ، من أشد المنتقدين للحكومة المصرية ويعارض استئناف المساعدات إلا بشروط، فإن المتحدث باسمه أكد أن السياسات الجديدة مدعومة من قبل ثلاثة من أربعة رؤساء لجان وكبار أعضاء اللجان الفرعية، فضلا عن الإدارة الأمريكية، وقبل استخدام سلطته، فإنه يجب على وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى تقديم تبريرات وأسباب مفصلة، يمكن أن تكون سرية فى حالة الضرورة، للكونجرس بشأن ضرورة استئناف المساعدات العسكرية لمصر دون الالتزام بالمتطلبات المحددة. ويقلص مشروع القانون المساعدات الإقتصادية لنحو النصف لتصل إلى 150 مليون دولار، ولا يجب إرسال هذه الأموال فى شكل نقدى أو لدعم الميزانية ما لم يضمن كيرى أمام الكونجرس أن مصر تتخذ خطوات فعالة وأكيدة باتجاه استقرار الاقتصاد وتطبق الإصلاحات الاقتصادية اللازمة. وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه بحسب التغييرات الجديدة فإنه قبل السماح بإرسال 726 مليون دولار من المساعدات العسكرية والاقتصادية، يجب على جون كيرى ضمان أن مصر قد أجرت انتخابات برلمانية حرة ونزيهة وتطبق قوانين وسياسات الحكم الديمقراطى وتحمى حقوق الأفراد وتنفذ إصلاحات خاصة بحماية حقوق التعبير والتجمع السلمى، بما فى ذلك تمكين المجتمع المدنى والإعلام من ممارسة عملهم دون تدخل، كما ينص على ضمان أن تتخذ مصر خطوات ثابتة نحو حماية وتقدم حقوق المرأة والأقليات الدينية وتوفر للمعتقلين الإجراءات القانونية اللازمة والتحقيقات النزيهة ومحاسبة قوات الأمن التى تسخدم القوة المفرطة. ويمكن لكيرى السماح بإرسال 762 مليون دولار أخرى، بعد 6 أشهر، إذا ما تأكد من تحقيق هذه المتطلبات بالفعل. ومع ذلك فإنه القانون المقرر يعفى المساعدات الخاصة بمكافحة الإرهاب وأمن الحدود وبرنامج حظر انتشار الأسلحة، وكذلك أنشطة التنمية فى سيناء، حيث يمكن تمريرها دون أى شروط أو ضمانات مسبقة. وتؤكد الاحصائيات المتاحة أن مصر حصلت منذ عام 1979 على حوالي 34 مليار دولار في إطار برنامج مساعدة التمويل العسكري الأجنبي، حيث أن الولاياتالمتحدة خصصت منذ ذلك الحين حوالي 1.3 مليار دولار سنويا في ميزانياتها كمخصصات لمصر في إطار هذا البرنامج. ففي عام 2005 شكل ذلك المبلغ 25 بالمائة من مجموع المساعدات التي قدمتها الولاياتالمتحدة إلى جميع الدول في إطار البرنامج. كما أن ذلك المبلغ يمثل نسبة 80 بالمائة من مجموع ميزانية العقود العسكرية المصرية، والتي يتم استخدامها لتحديث المعدات العسكرية المصرية من خلال تغيير المعدات التي حصلت عليها من الإتحاد السوفيتي السابق بمعدات عسكرية أمريكية عصرية. وتشير دراسة تقع في 40 صفحة قدمها مكتب محاسبة الإنفاق الحكومي التابع للكونجرس الأمريكي بشأن طبيعة وكيفية صرف مصر للمعونة، ونشرتها واشنطن ريبورت في مايو 2006، أن المساعدات الأمريكية لمصر "تساعد في تعزيز الأهداف الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة". وأكدت الدراسة أن الولاياتالمتحدة قدمت لمصر حوالي 7.3 مليار دولار بين عامي 1999 و2005 في إطار برنامج مساعدات التمويل العسكري الأجنبي، وأن مصر أنفقت خلال نفس الفترة حوالي نصف المبلغ، أي 3.8 مليار دولار لشراء معدات عسكرية ثقيلة. وجاءت زيارة وزير الدفاع الأمريكي "تشاك هيجل" لمصر بعد الزيارة التى قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسى لروسيا الماضي لتحمل معها العديد من التكهنات حول أسرار هذه الزيارة في هذا التوقيت، الأمر الذي يطرح كثيراً من الأسئلة حول حقيقة نية الولاياتالمتحدة في تقديم الدعم العسكري لمصر في ظل موجة الاستقطاعات الكبيرة التي طالت ميزانية.
والحقيقة أن دوافع عودة العلاقات العسكرية الأمريكية مع مصر في هذا التوقيت لم تكن من قبيل الصدفة البحتة، أو رهن الأسباب المعلنة التي صرح بها المسئولون العسكريون في أمريكا. فعلى المستوى المعلن من هذه الدوافع، جاءت التصريحات من الجانب الأمريكي لتؤكد التزام واشنطن بمواصلة تقديم الدعم العسكري لمصر رغم الظروف الصعبة التي تمر بها الأولى وتخفيضها للإنفاق العسكري، وأكد وزير الدفاع في تصريحاته خلال الزيارة على حرص بلاده تطوير أداء القوات المسلحة المصرية للتصدي للتهديدات الأمنية الجديدة والمتغيرة. ويبدو أن أمريكا غير مطمئنة من مدى سلمية التعاون المصري الروسي في المجال النووي، على الرغم من تأكيد القاهرة وموسكو على ذلك، إلا أن واشنطن تخشى من إرساء بوادر سباق التسلح في المنطقة ووضع بذور برنامج نووي لأغراض عسكرية بمصر، قد يقلب موازين القوى فيها.